السودان: لا نريد حرباً مع إثيوبيا وقادرون على رد أي عدوان

دعا أديس أبابا للانسحاب من منطقتين لا تزال قواتها تسيطر عليهما

TT
20

السودان: لا نريد حرباً مع إثيوبيا وقادرون على رد أي عدوان

أكدت الحكومة السودانية عدم تجاوز جيشها حدوده الدولية، ووصفت المزاعم الإثيوبية بغير الصحيحة.
وقالت إن قواتها أعادت الانتشار داخل أراضيها، وإنها لا تريد حرباً مع إثيوبيا، بيد أنها قادرة على رد أي عدوان قد تتعرض له، وفي الوقت ذاته طالبت إثيوبيا بسحب قواتها من منطقتين لا تزال تسيطر عليهما، ولا يريد الجيش السوداني استردادهما بالقوة.
وقال عضو مجلس السيادة والمتحدث باسمه محمد الفكي سليمان، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب عضو مجلس الأمن والدفاع، في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم، أمس، إن مجلس الأمن والدفاع - الجهة المعنية بإعلان الحرب - لم تصادق على حرب مع إثيوبيا، بل إن السودان لا يريد حرباً معها، وفي الوقت ذاته أكد مقدرة حكومته على رد أي عدوان قد تتعرض له البلاد. وأضاف: «نطالب إثيوبيا بالانسحاب من منطقتي قطران وخور عمر السودانيتين اللتين لا تزالان تسيطر عليهما القوات الإثيوبية، بإمكاننا لو أردنا أن نستردها عسكرياً اليوم، لكننا لا نريد مزيداً من التصعيد».
وأوضح الفكي أن السودان يقود معركة سياسية ودبلوماسية واسعة، لاسترداد هاتين المنطقتين، وقال: «الجيش لن يخرج من المناطق التي أعاد الانتشار فيها، لأنها أراض سودانية».
وفي سرده لإعادة انتشار الجيش السوداني، أوضح الفكي أن إثيوبيا أخلت قواتها من مناطق سودانية كانت متمركزة فيها، إثر نشوب الحرب في إقليم تيغراي، فأصدرت الحكومة السودانية قرارها بانتشار الجيش في تلك المناطق، وقال: «نحن الآن داخل حدودنا... وقادرون على حمايتها، وهذا من صميم عمل الجيش».
وانتقد الفكي بعنف الحملات الإعلامية التي يشنها الجانب الإثيوبي، وقال إن حكومته صمتت إعلامياً، لتجنب التصعيد، واكتفت بانتشار الجيش على مواقع ومعسكرات انسحب منها قبل نحو ربع قرن، وتابع: «لمسنا من الجانب الآخر، خطابات سياسية ودبلوماسية غير منضبطة، لم نرد عليها، لأن هذه الأرض أرضنا، وأطالسهم تشهد أنها أرضنا، فلماذا هذا الصخب والبيانات النارية، نطالبهم بضبط الخطاب والسير في طريق الحل الدبلوماسي».
وأوضح الفكي أن المزاعم الإثيوبية بأن السودان استغل الحرب بين الحكومة الفيدرالية و«جبهة تحرير تيغراي»... يفسر لصالح السودان، ويؤكد أنه لا يريد حرباً، بقوله: «هذه أراض سودانية انسحب منها الجيش الإثيوبي وميليشياته وتسلمها الجيش بعمل سياسي ودبلوماسي».
وأكد الفكي أن إثيوبيا لا تزال تسيطر على منطقتين سودانيتين (قطران، خور عمر)، وطالب الجانب الإثيوبي بالانسحاب منهما ليبسط السودان سيطرته على كامل حدوده، وقال: «نؤكد لو أننا أردنا دخولها بالقوة العسكرية، لتمكنا من دخولها في هذا المساء، لنا القدرة على ذلك، لكنا لا نرغب فيه، لأننا نريد حلاً سياسياً ودبلوماسياً، ونحن سائرون في هذا الطريق».
وفند الفكي مزاعم إثيوبية تقول إن السودان مدفوع بأجندات جهة خارجية، بالقول: «لا يعقل أن يكون السودان مدفوعاً من جهة خارجية، لأنه لا يحتاج لمن يذكره بأن هذه الأرض سودانية، وليبسط سيطرته وسيادته على أرضه»، وتابع: «السودان الآن يتعافى، ويعود للأسرة الدولية، ولم يعد معزولاً كما كان في عهد النظام البائد الذي كان يضطر للصمت عن أراضيه».
وقطع الفكي بأن «الحكومة الانتقالية تعمل على استرداد كامل أراضيها شمالاً وجنوباً، ليس عن طريق الحرب، بل عن طريق العمل السياسي والدبلوماسي المستمر، وأنها تملك الإرادة السياسية اللازمة لذلك، مسنودة بأن استرداد أراضي السودان هو أحد مطالب ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة، لاسترداد كرامة الأرض التي أضاعها النظام البائد».
وكشف عن جولات تقوم بها الحكومة السودانية تشرح خلالها لدول الإقليم والعالم، تمسكها بحقها في أراضيها، وعدم رغبتها في أي حرب، بدأت بسفر أعضاء من مجلس الأمن والدفاع لكل من جنوب السودان، وتشاد، وأريتريا، ومصر، وهناك رحلات مجدولة لكل من المملكة العربية السعودية، وكينيا، وجنوب أفريقيا، والكونغو، تحمل رسالة واحدة هي: «أننا موجودون في أرضنا، ولا نريد حرباً مع آخرين، لكننا قادرون على الدفاع وصد أي عدوان، نتمنى ألا يحدث».
ودعا الفكي المواطنين الإثيوبيين المقيمين في السودان، لتقنين أوضاعهم وتسجيل أنفسهم ليكونوا معروفين للسلطات، وذلك رداً على إشاعات بأنهم يتعرضون لمضايقات في السودان، وقال: «الإثيوبيون في السودان، لا يتعرضون لأي مضايقات، وما يتردد غير صحيح، فهم يقيمون في السودان بكرامة، لأنهم يشعرون بالأمان في هذه البلاد». وقطع الفكي بأن إرسال تعزيزات عسكرية إلى الحدود الشرقية، ليس لأن السودان يتوقع حرباً مع إثيوبيا، بل لأن إثيوبيا نفسها تمر باضطرابات سياسية، ووجود القوات هناك تأمين لها، بيد أنه قال: «لدينا معلومات مفصلة عن التحشيد الإثيوبي، لكن نحن داخل أرضنا وقادرون على الدفاع عنها، وقواتنا في وضع عسكري ممتاز. ولأننا ندافع عن أرضنا، وهذه هي القوة الكبرى، قوة الحق».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.