إصابة وزير الصحة بـ«كورونا» تثير بلبلة سياسية في لبنان

بعد مخالطته رئيسي الجمهورية والحكومة وأعضاء مجلس الدفاع الأعلى

الوزير حمد حسن مع ابنه في المستشفى (عن حسابه على تويتر)
الوزير حمد حسن مع ابنه في المستشفى (عن حسابه على تويتر)
TT

إصابة وزير الصحة بـ«كورونا» تثير بلبلة سياسية في لبنان

الوزير حمد حسن مع ابنه في المستشفى (عن حسابه على تويتر)
الوزير حمد حسن مع ابنه في المستشفى (عن حسابه على تويتر)

أثارت إصابة وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، بوباء «كورونا» بلبلة في الشارع اللبناني، وكثرت الإشاعات حول نقله العدوى لعدد من السياسيين، لا سيما أن إصابته جاءت بعد أيام من حضوره اجتماعي «لجنة كورونا» الوزارية و«المجلس الأعلى للدفاع» برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وبحضور رئيس الحكومة حسان دياب وعدد كبير من القادة الأمنيين والوزراء.
وبعد ساعات على انتشار خبر إصابة حسن، بدأت التساؤلات عن صحة رئيس الجمهوريّة؛ إذ إن إصابة حمد تزامنت مع إعلان مكتب الرئاسة إجراء عون فحوصات طبية روتينية في أحد المستشفيات، الأمر الذي دفع بالبعض إلى التكهّن بأن الأمر مرتبط بمخالطته وزير الصحّة.
لكن مصدراً مقرّباً من الرئاسة أوضح أنّه «لا علاقة للفحوصات التي أجراها الرئيس بإصابة وزير الصحّة بـ(كورونا) لا من قريب ولا من بعيد»، مؤكداً في اتصال مع «الشرق الأوسط» أنّ عون «بصحّة جيّدة، ولا يخضع للحجر، ويمارس نشاطه بشكل طبيعي، لا سيما أنه كان خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع بعيداً من الوزير حسن مسافة أمتار، فضلاً عن أن جميع الحاضرين كانوا ملتزمين بالإجراءات الوقائية؛ ومنهم بطبيعة الحال رئيس الجمهوريّة».
وكانت وزارة الصحّة أكّدت أوّل من أمس إصابة حمد حسن بـ«كورونا» ونقله إلى «مستشفى سان جورج» في ضاحية «الحدث»، الذي أشار بدوره إلى أن وضع الوزير الصحي جيد.
وفيما خصّ رئيس حكومة تصريف الأعمال، لم تصدر أي توضيحات من مكتبه حول خضوعه للحجر أو لفحص «بي سي آر» من عدمه، واكتفى مصدر مقرّب بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط» أن «التزام الإجراءات الوقائيّة لم يغب لحظة عن الاجتماعات التي حضرها دياب لجهة الالتزام بالكمامة أو المسافة الآمنة».
يذكر أن حسن كان قد قاطع اجتماع اللجنة الوزارية احتجاجاً على قرار فتح البلد خلال الأعياد؛ الأمر الذي لم يكن موافقاً عليه، ولكنّه عاد والتحق بالاجتماع بسبب إصرار دياب الذي رفض أخذ أي قرار من دون حضور حسن، حسبما جرى تناقله في وسائل الإعلام.
ورغم أن رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لم يكن حاضراً في الاجتماعين اللذين حضرهما حسن قبل إعلان إصابته، فإنه جرى تناقل خبر مفبرك عن إحدى الصحف مفاده بأنّ برّي نقل إلى المستشفى في حال حرجة نتيجة إصابته بـ«كورونا»، لتعود الصحيفة التي نسب إليها الخبر وتنفي نشرها أي مادة تتعلّق بصحة بري، مؤكدة أن الخبر «مزور وغير صحيح».
ولم يصدر أي تعليق من رئاسة مجلس النواب، إلا إن برّي التقى أمس رئيس كتلة نواب الأرمن النائب هاغوب بقرادونيان، ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، بمقر الرئاسة الثانية في عين التينة.
وتناقل المواطنون أخباراً عن إصابة عدد من النواب والوزراء بفيروس «كورونا» ودخولهم إلى المستشفيات؛ منهم الوزير السابق بطرس حرب الذي نفى إصابته وكتب على «تويتر»: «يبدو أن بعض (المحبّين) يختلقون الأخبار الكاذبة حول إصابتي بفيروس (الكورونا) ووجودي في (مستشفى الروم) في العناية الفائقة بحالة خطرة»، متمنياً لمن ينشر هذا الخبر «دوام الصحة، لئلا يذهب ضحية فيروس حقده».
واستبعد مصدر في وزارة الصحة أن يكون حسن قد نقل العدوى إلى أحد خلال الاجتماعين الأخيرين، لا سيّما أن الوزير، كما الحاضرين، كان ملتزماً بوضع الكمامة طوال الوقت، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه لا يمكن التكهّن في موضوع «كورونا»، «ولذلك تعاملت الوزارة مع الموضوع بشفافية، فنشرت خبر إصابة الوزير فور ظهور نتيجة فحص (بي سي آر) ليقوم كل من خالطه بالإجراءات اللازمة».
ويشير المصدر إلى أن مستشاري الوزير جميعهم خضعوا أول من أمس لفحوصات «بي سي آر»، وجاءت نتائجهم أمس سلبيّة؛ «أي إنه لم ينقل العدوى إليهم، وذلك يعود بالدرجة الأولى للالتزام بالإجراءات الوقائية».
وكانت إصابة الوزير أثارت أيضاً تساؤلات حول من سيقوم بأعماله في ظل وباء «كورونا»، وإن كانت ستُنقل صلاحياته إلى الوزير بالوكالة إلى حين تعافيه.
وفي هذا السياق، أكّد المصدر أن صحّة حسن جيّدة، وأنّه يتابع أعماله من بعد، وأنّه وقّع أمس على عقود الأدوية المستوردة.
يذكر أن وزير الصحّة أثار الجدل في لبنان غير مرّة بسبب انتشار صور له تعكس، حسب البعض، عدم التزامه بالإجراءات الوقائيّة، ومن هذه الصور صورة تظهره محمولاً على الأكتاف بين الجموع، مع غياب للكمامة التي كان هو وعدد قليل يلتزمون وضعها، كما انتشرت مقاطع فيديو تظهره يقطع قالب حلوى وسط تجمع احتفالاً بذكرى مولد الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله.
أما آخر الصور، التي انتشرت قبل إصابته بنحو أسبوعين، فتظهره مع وزير الاقتصاد راوول نعمة وعدد من الأشخاص على طاولة طعام من دون أي تباعد اجتماعي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.