مبادرة البنك الدولي تكشف ثغرات الدعم الحكومي في لبنان

مبادرة البنك الدولي تكشف ثغرات الدعم الحكومي في لبنان
TT

مبادرة البنك الدولي تكشف ثغرات الدعم الحكومي في لبنان

مبادرة البنك الدولي تكشف ثغرات الدعم الحكومي في لبنان

بُلغت الحكومة اللبنانية عبر وزارة المال موافقة مجلس المديرين التنفيذيين في البنك الدولي على مشروع جديد بقيمة 246 مليون دولار لتقديم تحويلات نقدية طارئة وتيسير الحصول على الخدمات الاجتماعية لحوالي 147 ألف أسرة لبنانية من الأكثر فقرا الذين يرزحون تحت وطأة ضغوط الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان وجائحة كورونا. وسيساند المشروع أيضاً تطوير نظام وطني شامل لشبكات الأمان الاجتماعي لتحسين القدرة على مواجهة الصدمات الحالية والتي قد تطرأ في المستقبل.
ووفقا لمسؤول اقتصادي معني، فقد كشف البرنامج الدولي الجديد وآلياته المباشرة التي ستوصل الدعم النقدي إلى نحو 786 ألف نسمة، هشاشة خطة الحكومة ضمن برامج دعم المواد الأساسية ومدى انحرافها عن أهدافها المحددة. فقد أنفق لبنان نحو 5 مليارات دولار على تمويل الدعم خلال العام الماضي، أي ما يزيد 20.3 ضعفا على مبلغ المشروع الجديد. وهو ما كان يضمن صرف المعونات النقدية المباشرة بالقدر عينه إلى نحو 16 مليون نسمة أو نحو 3 ملايين عائلة.
فمن خلال مضاهاة أعداد اللبنانيين المقيمين الذين يقدرون بنحو أربعة ملايين نسمة، وباعتبار أن النازحين السوريين والفلسطينيين يتلقون برامج دعم خاصة من مؤسسات الأمم المتحدة، يمكن الاستنتاج أن إجمالي المبالغ المصروفة يكفل تقديم الدعم النقدي المباشر، وفق الشرائح التي اعتمدها البنك الدولي، لجميع اللبنانيين لمدة أربع سنوات. وتتضاعف المبالغ النقدية في حال احتساب أعداد مستحقي الدعم المقدرة بنحو 50 في المائة من المواطنين. علما بأن التقرير الوزاري لترشيد الدعم خلص إلى إمكانية صرف 2.4 مليار دولار سنويا (بالسعر الرسمي) لقاء تقديم الدعم النقدي المباشر لنحو 500 ألف أسرة.
ويستفيد من الدعم الحكومي المعتمد جميع المقيمين من لبنانيين وسواهم ومن كل الطبقات الاجتماعية، علما بأن الأكثر فقرا هم الأقل استهلاكا للمحروقات والكهرباء والسلع الغذائية غير الأساسية، إنما يستفيدون، كما غيرهم، من دعم الخبز والدواء. بينما شرع انهيار صرف الليرة بنسبة تتعدى 80 في المائة بسبب احتكار السلع المدعومة وعمليات التهريب إلى الخارج، وبالأخص إلى سوريا التي تعاني بدورها من انهيار النقد ومن عوائق وتعقيدات جمة في سلاسل التوريد المعتادة إلى أسواقها بفعل العقوبات الأميركية والدولية.
وتظهر توزيعات الدعم الحكومي، والذي يكاد يستنفد كامل الاحتياطات بالعملات الصعبة القابلة للاستخدام لدى مصرف لبنان المركزي، أن بند دعم المحروقات استنزف بمفرده نحو 3.1 مليار دولار، بما يشمل نحو المليار دولار المخصصة لتمويل مادة «الفيول أويل» المخصصة لمؤسسة الكهرباء. كما تعدى تمويل دعم الأدوية مبلغ 1.1 مليار دولار. ووصلت مبالغ دعم السلع الغذائية إلى نحو 400 مليون دولار، لتبقى الحصة الأدنى من نصيب القمح بمبلغ ناهز 135 مليون دولار.
وبحسب خلاصات البنك الدولي، أدت الأزمة الاقتصادية إلى هبوط في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 19.2 في المائة في عام 2020. وتضخم تخطى 100 في المائة، وزيادة في نسبة الفقر بلغت 45 في المائة، وفي نسبة الفقر المدقع التي تقدر بنحو 22 في المائة. وبذلك تشير التقديرات إلى أن نحو 1.7 مليون شخص أصبحوا تحت خط الفقر، منهم 841 ألفاً دون خط الفقر الغذائي. وما زال لبنان يستضيف النسبة الأعلى للنازحين السوريين في العالم نسبة إلى عدد سكانه، إذ إنهم يشكلون ربع السكان. وسيقدم المشروع تحويلات نقدية إلى 147 ألف أسرة لبنانية ترزح تحت خط الفقر المدقع (ما يقارب الـ786 ألف فرد) لمدة عام واحد. وستتلقى الأسر المؤهلة مساعدة شهرية قدرها 100 ألف ليرة لبنانية للفرد الواحد، بالإضافة إلى مبلغ ثابت قدره 200 ألف ليرة للأسرة الواحدة. وسيتم تحويل قيمة المساعدة النقدية للأسرة الواحدة إلى بطاقة مسبقة الدفع يصدرها مقدم خدمات مالية، وتوزع على الأسر المستفيدة التي يمكنها الحصول على المبلغ نقداً عبر ماكينات الصرف الآلي أو استخدامها إلكترونياً لسداد ثمن مشترياتها في شبكة من متاجر المواد الغذائية. علاوة على ذلك، سيتلقى 87 ألف ولد تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً تحويلات إضافية لتغطية النفقات المباشرة للتعليم، ومنها رسوم التسجيل في المدرسة، ورسوم مجالس الأهل، وتكاليف الكتب المدرسية، ومصاريف الانتقال والزي المدرسي، ومعدات الحاسوب أو النفقات المرتبطة بشبكة الإنترنت لتسهيل التعلم عن بعد. وستُدفع الرسوم المدرسية بشكل مباشر إلى المدارس المعنية.
وستتولى رئاسة مجلس الوزراء مسؤولية إدارة تنفيذ المشروع من خلال وحدة الإدارة المركزية للبرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً في لبنان بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية والتعليم العالي، وتحت إشراف اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة المواضيع المتعلقة بالشأن الاجتماعي التي يرأسها رئيس مجلس الوزراء والمسؤولة عن إعداد خطة شاملة للتنمية الاجتماعية في لبنان.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.