الحكومة الأردنية تفوز بثقة البرلمان

على وقع وعود قدمها رئيس الوزراء

رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال رده على مناقشات النواب أمس (موقع المجلس)
رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال رده على مناقشات النواب أمس (موقع المجلس)
TT

الحكومة الأردنية تفوز بثقة البرلمان

رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال رده على مناقشات النواب أمس (موقع المجلس)
رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال رده على مناقشات النواب أمس (موقع المجلس)

اجتازت حكومة بشر الخصاونة في الأردن، اختبار ثقة البرلمان الذي يضم (130) عضواً، بعد حصولها على ثقة (88) نائباً، مقابل (38) نائباً حجبوا الثقة، وامتناع نائب واحد عن التصويت.
وغاب عن الجلسة نائبان، بينما لم يصوت رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات على الثقة بالحكومة، في عرف برلماني قديم؛ حيث قلما يصوت رؤساء المجالس النيابية على الثقة بالحكومة أو حتى القرارات داخل البرلمان، إلا في حالة أن يكون صوته مرجِّحاً، وهو ما لم يحدث؛ حيث نالت الحكومة ثقة مريحة، على وقع خطوات قدمها رئيس الوزراء بشر الخصاونة لاستمالة النواب في نيل الثقة، بإعلانه فتح عديد من القطاعات بعد إغلاق طويل جراء تداعيات فيروس «كورونا»، وعلى رأس تلك الخطوات وقف الحظر الشامل ليوم الجمعة الذي استمر لأشهر منذ بدء الجائحة، في السابع عشر من مارس (آذار) 2020.
وقال الخصاونة في رده على مناقشات البرلمان، إن حكومته تدرس بجدية إطلاق صندوق استثماري سيادي هذا العام، ليقوم بدور بالغ الأهمية في تمويل مشروعات تنموية استراتيجية تحقق عوائد اقتصادية للمستثمرين، كما ستعمل على تنفيذ مشروع «الخريطة الزراعية»، من أجل توسيع الرقعة الزراعية، وتشغيل الأيدي العاملة، ودعم الأمن الغذائي.
وفي مجال الحريات العامة، قال الخصاونة إن حكومته سوف تنتهج الشفافية والصراحة والانفتاح، وتمكين وسائل الإعلام من أداء رسالتها بحرية وفق القانون، مشدداً على أنه يتحدى إن كانت الحكومة قد تقدمت بشكوى بحق أي صحافي أو وسيلة إعلام، بأي شكل من الأشكال.
وفي الشأن الفلسطيني، قال إن الأردن سيكرس كل إمكاناته لإسناد الشعب الفلسطيني، وتلبية حقوقه المشروعة كاملة، وفي مقدمتها حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين، ووفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.
وفي ملف اللاجئين، قال إن موقف المملكة إزاء قضية اللاجئين ثابت وواضح، لا يتغير؛ فهذه قضية تُحل وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، وخصوصاً القرار (194)، وبما يضمن حق العودة والتعويض؛ فلا توطين للاجئين، ولا حل على حساب الأردن ومصالحه، ولا مساومة في الثوابت والمبادئ.
وبالعودة لخريطة وحسابات التصويت على الثقة بالحكومة، لم يكن مفاجئاً قرار حجب الثقة من نواب «تجمع الإصلاح» النيابي المحسوبين على الحركة الإسلامية وحزب «جبهة العمل الإسلامي»، وعددهم ثمانية نواب، مستندين على ما وصفوه بـ«الغضب الشعبي»، في معالجة الوضع الاقتصادي، وتأزيم العلاقة مع نقابة المعلمين عبر حل مجلس النقابة وإحالة عدد منهم إلى التقاعد المبكر.
كما حجب الثقة القطب البرلماني والرئيس الأسبق للبرلمان، عبد الكريم الدغمي، الذي انتقد في كلمته أثناء مناقشات الثقة، الحديث عن تشاركية بين الحكومة ومجلس النواب، واصفاً ذلك بـ«الخطأ الشائع» الذي لا أساس له في الدستور.
كذلك حجب الثقة النائب خالد أبو حسان، رئيس كتلة «العزم»، وهو نائب سابق ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار، وصف الحكومات بأنها تختبئ خلف الملك حين تخفق. وانتقد آلية تشكيل الحكومات، واصفاً تشكيلها بأنه يأتي وفق «الصحبة والشللية».
ومن النواب الجدد في البرلمان، حجب الثقة (19) نائباً، بينما بقية الحاجبين كانوا نواباً في مجالس سابقة، ليُسدل الستار بهذا على ماراثون مناقشات الثقة التي استمرت 7 أيام بشكل متقطع، تحدث خلالها (121) نائباً من أصل (130)، عدد أعضاء المجلس.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».