محللون: اتفاق الشراكة مع الصين خطأ من جانب أوروبا

يصب في مصلحة ألمانيا وفرنسا... ويعقّد العلاقات مع إدارة بايدن

من اليسار في أعلى الصورة: الرئيس الصيني خلال مؤتمر افتراضي مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية للتصديق على الاتفاق (أ.ف.ب)
من اليسار في أعلى الصورة: الرئيس الصيني خلال مؤتمر افتراضي مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية للتصديق على الاتفاق (أ.ف.ب)
TT

محللون: اتفاق الشراكة مع الصين خطأ من جانب أوروبا

من اليسار في أعلى الصورة: الرئيس الصيني خلال مؤتمر افتراضي مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية للتصديق على الاتفاق (أ.ف.ب)
من اليسار في أعلى الصورة: الرئيس الصيني خلال مؤتمر افتراضي مع رئيس المجلس الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية للتصديق على الاتفاق (أ.ف.ب)

في اليوم ما قبل الأخير من انتهاء رئاسة ألمانيا للاتحاد الأوروبي، نجحت المستشارة أنجيلا ميركل في دفع بروكسل لعقد اتفاق شراكة استثمار شاملة مع الصين، بعد ٧ أعوام من مفاوضات من دون نتيجة. ولكن الاتفاق الذي كانت تسعى بروكسل لإبرامه منذ فترة طويلة، ووصفته الصين بأنه نجاح كبير لها، اعتبره الكثير من المحللين بأنه «خطأ» من جانب أوروبا. وحتى أنه قد يعقد من العلاقات عبر الأطلسي، ويدفع بإدارة جو بايدن التي تتسلم مهامها بعد أيام إلى التساؤل عن مدى التزام أوروبا بالعمل معها في القضايا الدولية.
ويطرح هذا الاتفاق كذلك علامات استفهام حول مدى جدية والتزام بروكسل بالوقوف في وجه الصين فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان في هونغ كونغ وفي التعاطي مع الإيغور. ويعتبر بعض مؤيدي الاتفاق أن بإمكان أوروبا دفع الصين إلى الاقتراب أكثر من مواقفها فيما يتعلق بحقوق الإنسان من خلال هذا الاتفاق التجاري، إلا أن آخرين يرون أن هذه المقاربة ساذجة. ولم يساعد من يدافع عن الاتفاق، تجديد بكين لحملتها ضد المعارضين لها في هونغ كونغ، المستعمرة البريطانية السابقة التي تعتبرها الصين تابعة لها. وحتى داخل ألمانيا التي كانت أكثر من دفعت الدول الأوروبية للموافقة على الاتفاق، فإن الانتقادات لم تتوقف، خاصة من الأحزاب المعارضة. وقال النائب عن حزب الخضر تشيم أوزدمير، إن «الحكومة الألمانية يبدو أنها ما زالت تعتقد الاستثمار الاقتصادي والاندماج الدولي يجعلان من الصين دولة مسالمة وشريكا طباعه جيدة، ولكن لا يجب أن نسمح للصين بأن تشتري تأثيرا أكبر في الاتحاد الأوروبي فيما تزيد من ازدرائها لحقوق الإنسان».
ووصف متخصصون أوروبيون في العلاقات مع الصين الاتفاق بأنه «مكافأة» لبكين. ونقلت صحيفة «هاندلسبلات» الاقتصادية الألمانية عن هانس غونتر هيلبرت، المتخصص بالشؤون الآسيوية في مؤسسة العلوم والسياسة، قوله إن «الصين يمكن أن تشعر بالقوة من جهة أن ثقلها الاقتصادي يسمح للنظام بأن يسير الشؤون الداخلية للبلاد بالشكل الذي يريد ومن دون تأثير خارجي».
ولكن التعاون الاقتصادي يبدو فعلا أنه أكثر ما يقود أوروبا في عقدها لهذا الاتفاق. فالمفوضية الأوروبية تصفه بأنه «أكثر اتفاق تعاون طموح» يعقده أي طرف مع الصين، وأنه يمنح المستثمرين الأوروبيين وصولا إلى سوق ضخمة قوامها مليار ونصف المليون تقريبا. وبالفعل فإن الشركات الأوروبية التي تعمل في صناعات السيارات والكيماويات والاتصالات وغيرها هي من أكبر الرابحين. ومعظم هذه الشركات ألمانية وفرنسية، ما يفسر دفع ميركل مدعومة بالرئيس الفرنسي إيماويل ماكرون للموافقة على الاتفاق وإقناع الدول الأخرى المترددة به. ولكن إذا كانت الشركات الأوروبية هي الرابح الأكبر على الصعيد الاقتصادي، فإن الصين هي أكبر الرابحين على الصعيد الجيوسياسي، بحسب تقييم الكاتب مرسي كويو المتخصص بالشؤون الآسيوية في مجلة «ذي ديبلومات». وقد كتب عن الاتفاق: «تأثيره كبير جدا على العلاقات الاستراتيجية بين الصين والاتحاد الأوروبي، وسيئ، لأنه يحرم الاتحاد الأوروبي من تأثير كبير». ويضيف «الخاسرون الأكبر في هذا الاتفاق هم مؤيدو حقوق الإنسان وحقوق العمال في الصين وأيضا من يدعو لتصحيح العلاقات الأميركية - الأوروبية».
وبالفعل، فإن بايدن على عكس الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كان تعهد قبل فوزه بالعمل مع أوروبا لمواجهة تأثير الصين السلبي. ورغم أن الدول الأوروبية عانت في السنوات الأربع الماضية من أحادية إدارة ترمب، فهي بعقدها الاتفاق مع الصين مستبقة تسلم بايدن مهامه، قد تكون أرسلت إشارة لا تعكس التزامها بالعمل التعددي.
وحتى أن إدارة بايدن حاولت ثني الاتحاد الأوروبي عن توقيع الاتفاق مع الصين عندما شعرت بأنه بات وشيكا. فقد كتب جاك سليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، تغريدة على «تويتر» قال فيها إن الفريق الجديد «مستعد لعقد مباحثات مبكرة مع الشركاء الأوروبيين حول المخاوف المشتركة المتعلقة بممارسات الصين الاقتصادية». ولكن تغريدته لم تلق صدى في أوروبا. وعلى أي حال، لم يكن بإمكان إدارة بايدن القيام بأكثر من ذلك لأن القانون لا يسمح للإدارة المنتخبة بعقد محادثات خارجية ثنائية قبل التسلم الرسمي للمهام.
ورغم أن سالفيان تحدث لاحقاً في مقابلة بنبرة «تصالحية» تجاه التعاون مع الأوروبيين، فإن البعض يعتبر أن «الضرر قد تم»، رغم أن الاتفاق لم يعتمد بعد وما زال يتعين على النواب مناقشته في البرلمان الأوروبي والتصديق عليه، وهو أمر قد يستغرق عاما إضافيا وقد لا يحظى بالموافقة في النهاية. وقال توماس رايت من معهد بروكينغز لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن الاتفاق يعكس سعي الأوروبيين «لحكم ذاتي استراتيجي»، بعيدا عن التبعية للولايات المتحدة.
وتعرف أوروبا أن الاتفاق غير كامل، وهي لم تستطع أن تنتزع إلا وعدا كلاميا من الصين حول حقوق العمال، خاصة بعد فضائح عن إجبار الصين الإيغور على العمل بالسخرة لإنتاج منتجاتها. وقد دفع الانتقادات الكثيرة للاتفاق بمسؤول أوروبي للحديث للصحافة من دون الكشف عن اسمه، والتأكيد بأن أوروبا يمكنها أن تقلل وصول الصين لسوقها في حال لم تلتزم الأخيرة بتعهداتها في الاتفاق. اتفاق على أي حال قد لا يرى النور بسبب الاعتراضات الكبيرة عليها داخل البرلمان الأوروبي الذي سيناقشه قبل التصويت عليه، وأيضا من بعض الدول الأوروبية وسيكون عليها جميعها أن تصادق عليه قبل أن يصبح قانونا نافذا.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.