مشتريات أصول تاريخية لـ{الفيدرالي} الأميركي في 2020

في إطار جهود واسعة النطاق لمواجهة تداعيات «كورونا»

مشتريات مجلس الاحتياطي الفيدرالي من الأصول خلال 2020 يعد الأكبر في تاريخه (أ.ب)
مشتريات مجلس الاحتياطي الفيدرالي من الأصول خلال 2020 يعد الأكبر في تاريخه (أ.ب)
TT

مشتريات أصول تاريخية لـ{الفيدرالي} الأميركي في 2020

مشتريات مجلس الاحتياطي الفيدرالي من الأصول خلال 2020 يعد الأكبر في تاريخه (أ.ب)
مشتريات مجلس الاحتياطي الفيدرالي من الأصول خلال 2020 يعد الأكبر في تاريخه (أ.ب)

كشف تقرير صادر عن مؤسسة «بيتر بيترسون» الأميركية أن حجم مشتريات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) من الأصول، سواء كانت سندات وأذون خزانة، على مدار عام 2020 تعد الأكبر في تاريخه على الإطلاق بحساب القيمة الدولارية.
وأشار التقرير إلى أن الفيدرالي قام بتوسيع نطاق مشترياته من السندات كخطوة تأتي ضمن جهود أشمل نطاقا تستهدف مجابهة التداعيات السلبية الناجمة عن تفشي جائحة فيروس «كورونا».
وأعاد التقرير إلى الأذهان قرار البنك المركزي الأميركي المفاجئ في منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، تزامنا مع انتشار الموجة الأولى لفيروس «كورونا»، بتبني سلسلة غير مسبوقة من تدابير التحفيز النقدي؛ متضمنة توسيع مشترياته من سندات الشركات والحكومة والمؤسسات المالية الأخرى، بهدف الإبقاء على معدلات الفائدة منخفضة وضخ سيولة نقدية في الاقتصاد.
وأوضح التقرير أنه بحلول 21 من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، بلغ إجمالي محفظة الفيدرالي الأميركي من الأصول نحو 7.2 تريليون دولار، بزيادة قدرها 2.5 تريليون دولار مقارنة بنحو 4.7 تريليون دولار في 18 مارس. وأضاف أن السندات وسندات الخزانة الاسمية طويلة الأجل (باستثناء السندات والسندات المرتبطة بالتضخم) تعد صاحبة حوالي ثلثي نسبة هذا التوسع، مع زيادة حيازات هذين النوعين من الأوراق المالية من 2.2 تريليون دولار في 18 مارس، إلى 3.8 تريليون دولار في 21 أكتوبر؛ أي بزيادة نسبتها 79 في المائة.
وقارن التقرير بين مشتريات الفيدرالي خلال أزمة «كورونا» وبين ما قام به إبان فترة «الركود العظيم»، حيث قام بتوسيع نطاق مشترياته من السندات والأذون بنسبة 25 في المائة فقط ليصل إجماليها حينها 116 مليار دولار، وذلك في الفترة ما بين الخامس من ديسمبر (كانون الأول) من عام 2007 حتى 24 من شهر يونيو (حزيران) من عام 2009.
وأشار التقرير إلى أنه خلال الفترة ذاتها، قام الفيدرالي بتوسيع محفظته الإجمالية من 920 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) 2007 إلى 2.1 تريليون دولار في يونيو 2009 بزيادة إجمالية قدرها 1.2 تريليون دولار يعود معظمها إلى زيادة مشترياته من الأوراق المالية المرتبطة بالرهن العقاري وتنفيذ برامج جديدة لمخاطبة التباطؤ الاقتصادي.
ويرى التقرير أن شراء الفيدرالي للسندات طويلة الأجل يأتي ضمن جهود موسعة من أجل دعم الاقتصاد الأميركي عبر حزمة من إجراءات التحفيز النقدي، مشيرا إلى أن تلك المشتريات تسهم في ضخ مزيد من الأموال في عجلة الاقتصاد للحفاظ على الفائدة منخفضة ومن ثم التشجيع على الاقتراض والاستثمار. وأضاف أن جهود الفيدرالي في هذا الصدد ساهمت في تحجيم الضرر الاقتصادي الناجم عن تفشي جائحة «كورونا» والحفاظ على الإنفاق على برامج شبكات الأمان مثل التأمين ضد البطالة، بالإضافة إلى البرامج التي تم سنها من خلال قانون المساعدة والإغاثة والأمن الاقتصادي ضد فيروس «كورونا» والتشريعات الأخرى التي قدمت المساعدة لقطاعات الاقتصاد الأكثر تضررا من الوباء. وبحسب التقرير، فلعل هذا ما ساعد مجلس الاحتياطي الفيدرالي في اتخاذ قراره بالإبقاء على معدل مشترياته من السندات دون تغيير أو الحاجة لمزيد من التوسع، إلى جانب الحفاظ على معدل الفائدة المنخفضة أيضا، حسبما تبين عبر محضر اجتماعه الصادر يوم الأربعاء الماضي.
وقال الفيدرالي إن صناع السياسة لديه اتفقوا على أن الأسواق ستتلقى الكثير من الإشعارات قبل اتخاذه أي قرار بشأن تقليص مشتريات الأصول. كما شددوا على أهمية الإعلان بوضوح عن تقييم التقدم المحرز والمتوقع نحو الأهداف الموضوعة على المدى الطويل.



أوروبا تستعد لوصول ترمب... أسوأ كابوس اقتصادي بات حقيقة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)
TT

أوروبا تستعد لوصول ترمب... أسوأ كابوس اقتصادي بات حقيقة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)

كانت التوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو مصدر قلق لبعض الوقت، ولكن منذ فوز ترمب بالرئاسة ساء الوضع بشكل كبير، مع ازدياد المخاوف بشأن الآثار السلبية المحتملة لسياساته الاقتصادية في الأمد القريب.

ومع ازدياد الغموض حول سياساته المقبلة في مجالات التجارة وتغير المناخ، يُتوقع أن يؤدي ذلك إلى تراجع الاستثمار وتباطؤ النمو في أوروبا. فاندلاع حرب تجارية محتملة بين الولايات المتحدة وأوروبا قد يوجِّه ضربة قوية إلى قطاعات حيوية مثل صناعة السيارات والأدوية والآلات، وفق صحيفة «نيويورك تايمز».

إضافةً إلى ذلك، فإن الحاجة إلى زيادة الإنفاق العسكري في ظل الشكوك حول الضمانات الأميركية لأمن أوروبا ستزيد الضغط على الموازنات الوطنية وتفاقم العجز المالي.

كما أن موقف الرئيس المنتخب الأكثر تصادمية تجاه الصين قد يضع أوروبا أمام خيار صعب بين الانحياز لأحد الجانبين ومواجهة عواقب اقتصادية.

وقال كبير الاقتصاديين في بنك «آي إن جي» الهولندي، كارستن بريزسكي: «أسوأ كابوس اقتصادي لأوروبا أصبح حقيقة»، محذراً من أن هذه التطورات قد تدفع منطقة اليورو نحو «ركود كامل» العام المقبل.

وتتعاظم الضغوط على ألمانيا وفرنسا، أكبر اقتصادين في أوروبا، في ظل التوترات السياسية الداخلية، مما يجعل من هذه الضربة الاقتصادية تحدياً كبيراً في توقيت غير مناسب.

أعلام ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي أمام مقر المستشارية في برلين (رويترز)

ألمانيا تحت ضغط مزدوج

وفي اليوم الذي أُعلن فيه فوز ترمب، أقدم المستشار الألماني أولاف شولتس، على حل حكومته الائتلافية، بسبب خلافات حادة حول أولويات الإنفاق والعجز. في وقت تواجه ألمانيا، التي تعاني بالفعل من ركود للسنة الثانية على التوالي، تحديات اقتصادية متفاقمة مع إدارة ترمب المقبلة. فقد تأثر اقتصادها بشدة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أدى إلى توقف تدفق الغاز الروسي الرخيص، وهو عنصر أساسي في نجاح الصناعة الألمانية.

واجهت ألمانيا ضغوطاً على جبهتين. فقد أعلنت شركة «فولكسفاغن»، أكبر شركة لصناعة السيارات في أوروبا وأكبر جهة توظيف في ألمانيا، أنها قد تضطر إلى إغلاق بعض مصانعها وتسريح العمال. كما أن المنافسة المتزايدة من السيارات الكهربائية الصينية بدأت تؤثر في مبيعات القطاع في أوروبا والخارج.

ويشعر الزعماء الأوروبيون بضغط الاختيار بين التعامل مع الصين ومواجهتها. ففي الشهر الماضي، صوّتت الحكومة الألمانية ضد خطة الاتحاد الأوروبي لفرض تعريفات جمركية تصل إلى 45 في المائة على السيارات الكهربائية الصينية، بينما امتنعت دول أخرى، مثل إسبانيا، عن التصويت. ورغم ذلك، تم تمرير الخطة.

وستعقّد التعريفات الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة وأوروبا، الوضع، حيث تعد الولايات المتحدة أكبر سوق لصادرات السيارات الألمانية، التي شكلت نحو 13 في المائة من إجمالي 3.1 مليون سيارة صدَّرتها ألمانيا في عام 2023.

وقد يُعد تصريح ترمب خلال حملته الانتخابية عن فرض «ثمن باهظ» على الاتحاد الأوروبي لعدم شراء ما يكفي من الواردات الأميركية، إلى جانب تهديده بفرض تعريفات جمركية شاملة تتراوح بين 10 و20 في المائة، نقطة انطلاق محورية للمفاوضات المستقبلية. ومع ذلك، حتى المحللون الذين يتوقعون أن يتبنى ترمب خطوات أكثر تحفظاً، يشيرون إلى أن فرض الرسوم الجمركية المستهدفة على صناعة السيارات يعد أمراً محتملاً بشكل كبير.

وقالت رئيسة الاتحاد الألماني لصناعة السيارات، هيلدغارد مولر، إن «الكثير من الأوروبيين لم يدركوا تماماً ما يعنيه الجمع بين الجيوسياسة والسياسة الاقتصادية».

سيارات مخصصة للتصدير تقف بمحطة بميناء «يانتاي» في مقاطعة شاندونغ بالصين (رويترز)

التعريفات الجمركية تطول قطاعات أخرى

ستمتد التعريفات الأميركية لتشمل قطاعات أخرى مثل شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية التي تصنع دواء «أوزيمبيك»، إلى جانب مجالات الأغذية، والجبن، واللؤلؤ، والمواد الكيميائية، والمفاعلات النووية، والزجاج، والأحذية، وغيرها في 24 دولة.

وحذرت نائبة مدير «بزنس يوروب»، لويسا سانتوس، من أن التعريفات ستؤدي إلى زيادة التكاليف وإعاقة الاستثمار.

وقالت: «ما زلنا نأمل في مراجعة هذه التعريفات بسبب أهمية العلاقات الاقتصادية بيننا وبين الولايات المتحدة».

وفي عام 2022، بلغت قيمة الاستثمارات الأوروبية المباشرة في الولايات المتحدة نحو 2.4 تريليون دولار، مما أسهم في خلق أكثر من 3.4 مليون وظيفة أميركية.

حالياً، يبلغ متوسط التعريفات الجمركية الأميركية على واردات الاتحاد الأوروبي نحو 3 إلى 4 في المائة.

وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تدفع الرسوم الجمركية الأميركية الأعلى على الصين، وهي أحد وعود ترمب التجارية، الشركات الصينية إلى توسيع أسواقها خارج الولايات المتحدة، مما يزيد المنافسة مع المنتجين الأوروبيين في أسواقهم المحلية والدولية.

وقد يلجأ بعض الشركات الأوروبية إلى إنشاء أو توسيع منشآت الإنتاج في الولايات المتحدة، ولكن أي منشأة تعتمد على المواد المستوردة من الصين ستواجه ارتفاعاً في التكاليف.

قطاع الطاقة المتجددة في خطر

قالت «فيستاس»، وهي شركة دنماركية وتعد أكبر شركة لصناعة توربينات الرياح في العالم، إنها بدأت بالفعل في زيادة إنتاجها في مصنعين لها في الولايات المتحدة في ولاية كولورادو. وجاء أكثر من 40 في المائة من طلباتها من الأميركيتين في الأشهر الثلاثة التي انتهت في سبتمبر (أيلول).

وقال الرئيس التنفيذي للشركة، هنريك أندرسن، في مكالمة مع محللي الصناعة الأسبوع الماضي: «لقد أصبح العالم مختلفاً من حيث التعريفات الجمركية». وأضاف أن «فيستاس» اضطرت بالفعل إلى التعامل مع التعريفات التي فُرضت خلال إدارة ترمب الأولى وإدارة بايدن، وقال: «لهذا السبب تحاول استبعاد مزيد ومزيد من الأحجام ومزيد من المكونات ذات الأصل الصيني عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة».

التعريفات الجمركية ليست المشكلة الوحيدة التي تواجهها صناعة الرياح. فخلال حملته الانتخابية، تعهد ترمب بوقف مشاريع الرياح البحرية في «اليوم الأول».

وتعمل شركة «أورستد» الدنماركية -واحدة من كبرى الشركات العالمية في مجال الطاقة الريحية- على بناء مشروعي «ثورة الرياح» في نيو إنغلاند و«صن رايز ويند» في نيويورك.

وعبر الرئيس التنفيذي لشركة «أورستد»، مادس نيبر، عن أمله في أن تسهم الحاجة إلى كميات هائلة من الكهرباء النظيفة لدعم مراكز البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحفاظ على هذه المشاريع.

وأضاف: «إنها صناعة تُبنى من الصفر، وهي مدعومة بقوة من ولايات الشمال الشرقي، حيث البدائل لتوريد الطاقة، خصوصاً الطاقة الخضراء، صعبة».

كما قال ترمب إنه يريد وقف بعض مشاريع الطاقة الخضراء التي استفادت من حزمة السياسات الصناعية متعددة المليارات التي أقرها الكونغرس في عام 2022.

عرض عام لمزرعة الرياح البحرية «والني إكستينشن» التي تديرها شركة «أورستد» قبالة سواحل بلاكبول في بريطانيا (رويترز)

المستقبل الاقتصادي لأوروبا

كانت الحاجة إلى استجابة منسقة محور اجتماع الاتحاد الأوروبي في بودابست الأسبوع الماضي.

وقال رئيس وزراء إيطاليا السابق، ماريو دراغي، الذي قدم تقريراً حول تنافسية أوروبا، إن «الشعور بالإلحاح أصبح أكبر من ذي قبل».

ودعا دراغي إلى زيادة الاستثمارات العامة السنوية بمقدار 900 مليار دولار لتمكين أوروبا من عكس ركودها الاقتصادي والتنافس بشكل أفضل مع الولايات المتحدة والصين.

والأهم الآن، كما قال، هو تكثيف الجهود لربط اقتصادات الاتحاد الأوروبي بسوق رأس مال موحد، وإصدار ديون مشتركة، وهي مقترحات أثارت خلافات.

وقالت رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، في الاجتماع: «لا تسألوا ما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة من أجلكم؟ بل اسألوا ما الذي يجب أن تفعله أوروبا من أجل نفسها؟». وأضافت: «يجب على أوروبا إيجاد توازن. نحن نعرف ما يجب علينا فعله».

وفي نهاية الاجتماع، تبنى القادة إعلاناً يَعِدون فيه بتكثيف تنافسية أوروبا.

لكن ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادراً على تحويل هذه التصريحات إلى واقع، يبقى سؤالاً بلا إجابة نظراً إلى التفكك السياسي المتزايد داخل أوروبا وصعود الأحزاب اليمينية التي تشكك في منح بروكسل مزيداً من السلطة.