«أم الفقاعات» تحاول التوازن بعد فقدان 200 مليار دولار في 24 ساعة

«بيانات تحذيرية» تدمي سوق العملات المشفرة

فقدت سوق العملات المشفرة نحو 200 مليار دولار يوم الاثنين (أ.ف.ب)
فقدت سوق العملات المشفرة نحو 200 مليار دولار يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«أم الفقاعات» تحاول التوازن بعد فقدان 200 مليار دولار في 24 ساعة

فقدت سوق العملات المشفرة نحو 200 مليار دولار يوم الاثنين (أ.ف.ب)
فقدت سوق العملات المشفرة نحو 200 مليار دولار يوم الاثنين (أ.ف.ب)

حاولت أسواق العملات الرقمية المشفرة التماسك خلال تعاملات الثلاثاء، بعدما تلقت ضربة قاسمة إثر خسارتها 200 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال 24 ساعة فقط، بعدما كانت حققت صعوداً بأكثر من 100 في المائة على مدار تعاملات الشهر الماضي، حسبما أفادت مجلة «فوربس» الأميركية.
وبعدما بلغت مستويات فوق 40 ألف دولار بنهاية الأسبوع الماضي، تراجعت «بتكوين» إلى 30699 دولاراً في تعاملات الاثنين، وهو أدنى مستوى لها منذ الخامس من يناير (كانون الثاني) الجاري، قبل أن تتعافى إلى 32885 دولاراً، وبهبوط يتجاوز 17 في المائة، وهذا الانخفاض على مدار اليوم هو الأكبر منذ تسببت جائحة «كوفيد - 19» في فوضى بأسواق المال في مارس (آذار) الماضي. وعادت «بتكوين» ظهيرة الثلاثاء إلى مستويات حول 35 ألف دولار.
وذكرت مجلة «فوربس» الثلاثاء، أن القيمة السوقية للعملات الرقمية المشفرة تراجعت إلى 900 مليار دولار خلال تعاملات الاثنين، بعدما كانت بلغت مستوى مرتفعاً قياسياً وصل إلى 1.1 تريليون دولار، وذلك في أعقاب تحذيرات من قبل منظمين وخبراء اقتصاديين من «الصعود المدوي» لعملة «بتكوين». وعزت المجلة الأميركية ذلك التراجع في قيمة سوق العملات الرقمية إلى الانخفاض الكبير الذي لحق بشكل مفاجئ لعملة «بتكوين»، التي تعد أكبر وأبرز العملات الرقمية، بلغ نسبته 17 في المائة، وذلك خلال 24 ساعة فقط، لتفقد قرابة 125 مليار دولار من قيمتها السوقية.
وأشارت «فوربس» إلى بيان تحذيري أصدرته هيئة مراقبة السلوكيات المالية بالمملكة المتحدة يقول: «كما الحال مع جميع الاستثمارات عالية المخاطر والمضاربة، يجب على المستهلكين التأكد من فهمهم لما يستثمرونه»، وأضاف البيان: «إذا أراد المستهلك أن يستثمر في مثل هذا النوع من المنتجات (في إشارة إلى العملات الرقمية) فعليه أن يستعد لخسارة جميع أمواله».
ولفتت المجلة الأميركية إلى أن التراجع الكبير الذي لحق بقيمة سوق العملات الرقمية بدأ منذ مساء الأحد، بعدما نشرت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية تقريراً يسلط الضوء على إجراءات إلزامية تتخذها البنوك مثل «إتش إس بي سي» في سبيل حظر التحويلات من بورصات العملات المشفرة داخل المملكة المتحدة.
ويقول أناتولي كراتشيلوف، المؤسس ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار في العملات المشفرة «نيكل ديجيتال»: «عادة ما تتعرض عملة بتكوين لتقلبات كبيرة في الاتجاه الصعودي؛ تعقبها تصحيحات في المسار... وذلك أمر طبيعي لتكنولوجيا جديدة لا تزال قيد المراحل المبكرة من منحنى اعتمادها»، مضيفاً أن السوق مهيأة للتوسع مع تزايد التبني المؤسسي للاستثمار في ذلك النوع من العملات.
وتجاوز سعر صرف عملة «بتكوين» الافتراضية عتبة 40 ألف دولار للمرة الأولى يوم الخميس الماضي، ليرتفع عشرة آلاف دولار في غضون خمسة أيام. وقال المحلّل إدوارد مويا من منصة «اواندا» للتعامل بالعملات: «يستمر المستثمرون بركوب قطار بتكوين الذي يبدو أنه يستقطب مزيداً من الاهتمام، خصوصاً أن الاقتصاد الأميركي يستعدّ للحصول على مزيد من التحفيزات في الأيام المائة الأولى من ولاية بايدن».
وشهدت هذه العملة ارتفاعاً صاروخياً منذ مارس (آذار) عندما كان سعرها يصل إلى خمسة آلاف دولار، بعدما أعلنت منصة «باي بال» للدفع عبر الإنترنت السماح لأصحاب الحسابات باستخدام العملة المشفرة. وبعد إعلان «باي بال» في أكتوبر (تشرين الأول)، شبّه محللون في مصرف الاستثمارات «جاي بي مورغن تشايس» العملة المشفّرة بالذهب. وقال المحلّلون: «يمكن لبتكوين أن تتنافس مع الذهب كعملة (بديلة) في السنوات المقبلة، خصوصاً أن جيل الألفية سيصبح مع مرور الوقت مكوّناً أكبر في أوساط المستثمرين».
بينما في المقابل، كان كبير المحللين الاستراتيجيين للاستثمار في بنك أوف أميركا مايكل هارتنيت قد حذر في بيان صدر يوم الجمعة الماضي، من أن عملة «بتكوين» تشبه ما وصفه بـ«أم جميع الفقاعات»، منبهاً إلى أن التدفق التضخمي العنيف كان السبب وراء الارتفاع متسارع الخطى لقيمتها بنحو 1000 بالمائة منذ بداية عام 2019.
وشبه هارتنيت ذلك الصعود المدوي لـ«بتكوين» بالارتفاعات المفاجئة قصيرة الأجل لأسعار الذهب في أواخر السبعينات وأسهم التكنولوجيا في أواخر التسعينات.
جدير بالذكر أنه تم إصدار عملة «بتكوين» للمرة الأولى خلال شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2009، واستطاعت أن تضاعف قيمتها بنحو 15 مرة خلال 2017 وسط اهتمام متزايد من قبل المستثمرين، وذلك قبل أن تتراجع بنسبة 80 بالمائة في نهاية 2018.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».