«منتدى دافوس» يختتم أعماله بالتركيز على النمو الاقتصادي وتحديات التغير المناخي

دعوة للتعاون بين القطاعين العام والخاص لمواجهة تهديد الهجمات الإلكترونية

جانب من إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي في دافوس أمس (أ.ف.ب)
جانب من إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي في دافوس أمس (أ.ف.ب)
TT

«منتدى دافوس» يختتم أعماله بالتركيز على النمو الاقتصادي وتحديات التغير المناخي

جانب من إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي في دافوس أمس (أ.ف.ب)
جانب من إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي في دافوس أمس (أ.ف.ب)

اختتم «منتدى الاقتصاد العالمي» اجتماعه السنوي، أمس، بالتركيز على أهمية مواجهة الفقر المدقع والتغير المناخي، في وقت شدد فيه الخبراء الاقتصاديون على أهمية اتخاذ إجراءات لتحفيز الاقتصاد العالمي، بعد أن راجع صندوق النقد الدولي نسب النمو المتوقعة لهذا العام إلى 3.5 في المائة.
ويذكر أن اقتصاد الصين شهد أقل نمو بنسبة 8 في المائة منذ 24 عاما.
وكانت جلسات وخطابات يوم أمس مرتكزة على ضرورة تضافر جهود القيادات السياسية والاقتصادية والمنظمات غير الحكومية لمعالجة تحديات عدة، على رأسها العمل على التوصل إلى اتفاق حول التغير المناخي في اجتماع باريس نهاية العام، وضرورة تسعير الكربون للمرحلة المقبلة. وبينما تصدرت القضايا السياسية الأيام الثلاثة الأولى للاجتماع، تركز أمس على القضايا «البعيدة الأمد» المحتاجة إلى حلول دولية، ومن بينها التصدي لخطر الهجمات الإرهابية.
وفي الجلسة الختامية للاجتماع الـ45 لـ«المنتدى الاقتصادي العالمي» أمس، أوضح الخبراء أن التحديات للعام المقبل ستكون جسيمة، إذ قالت المديرة التنفيذية لمؤسسة «الاينس تراست»، كاثرين غارت كوكس، إن عام 2015 «سيشهد هشاشة وبعض التصدع، لذا علينا الانتباه»، مشيرة إلى النمو المتباطئ اقتصاديا والأزمات السياسية المتصاعدة. وتماشيا مع محور رئيسي للاجتماع هذا العام، قالت غارت كوكس «عام 2015 هو الاختبار الحقيقي لمعرفة ما إذا كان من الممكن أن تنجح الشراكات بين القطاعين العام والخاص أم لا».
وبدوره، اعتبر رئيس البنك الدولي جيم كيم أن «السيناريو الأفضل للنمو الاقتصادي العالمي خلال الأعوام الـ15 المقبلة سيكون بنسبة 4 في المائة غالبا، حتى ذلك إن تحقق فلن يكون كافيا»، مضيفا «علينا أن نزيد تداعيات النمو الاقتصادي». وربط بين النمو الاقتصادي والابتكار ومكافحة التغير المناخي، لافتا إلى أن الاتفاق على تسعير الكربون قد يكون «محفزا مهما للتفكير بطرق جديدة لتوليد الطاقة»، وغيرها من جوانب تحفيز الابتكار والطاقة.
وشددت المديرة التنفيذية لمؤسسة «أوكسفام» الخيرية، ويني بيانيما، على أن هناك حاجة لمعالجة الفجوة الاقتصادية بين الأغنياء والفقراء من أجل نمو اقتصادي صحي، معتبرة أن «قيادات الشركات الخاصة في الشؤون الاقتصادية تقدموا على الساسة الذين يفتقدون القيادة الكافية لمعالجة هذه القضية». وأضافت «يجب أن يتغير الوضع بشأن دفع الفقراء ثمن الأزمات المالية وعدم محاسبة الأثرياء على ما يقومون به». ولفتت إلى أنه «لا يمكن أن نقضي على الفقر المدقع من دون القضاء على عدم المساواة الاقتصادية». وبعد نقاشات مطولة عن تحفيز الاقتصاد، شددت على أن «النمو جيد للجميع، لكنه يجب أن يلامس الجميع ويرفع الجميع كي يكون مستداما. يجب أن يكون النمو مستداما من خلال بناء القدرة على خفض نسب الفقر والسيطرة على التغير المناخي».
وحول تراجع تطلعات النمو لهذا العام، قال كيم جيم «العام الماضي كان عاما محبطا مرة أخرى. كانت أوروبا واليابان محبطتين. هناك اختلافات كبيرة في دول الـ(بريكس)». وأضاف «الدول التي تحتاج إلى إصلاحات هيكلية حان الوقت لاتخاذها القرارات الصعبة خاصة مع تراجع أسعار النفط». وأضاف «إذا كنتم تريدون النمو المتوسط والبعيد الأمد فيجب أن تتخذوا القرارات الصعبة الآن».
يذكر أن أوروبا تصدرت نقاشات يوم أمس، إذ تمثل اقتصادات القارة 25 في المائة من الاقتصاد العالمي، وهناك مخاوف على أوروبا خاصة مع 7 دورات انتخابية مرتقبة في القارة هذا العام. وقال مدير معهد «تشاتام هاوس»، روبين نيبيلت «يجب أن نقلق لأن الانتخابات قد تجلب الأحزاب اليمينية، وهناك انعدام ثقة بين الحكومات خاصة مع تقلبات الانتخابات». وأضاف «أعتقد أننا سنرى تقلبات هذا العام مع الانتخابات». ورأت غاريت كوكس أنه «من البديهي أن التقلبات في السياسة غير مرغوب بها اقتصاديا، لكن علينا ألا ننظر فقط إلى المدى القصير، بل المتوسط والبعيد».
ونبه نيبليت إلى أن «دولا عدة في الشرق الأوسط خارج الإطار الاقتصادي العالمي، وبعض الشركات تستفيد من النزاعات هناك وتستطيع أن تحصد الأموال على كل حال». وأضاف أنه «بات من الطبيعي أن نرى النزاعات وتنقلها، وهذا أمر خاطئ ولا يمكن أن يستمر». ولفتت المديرة التنفيذية لـ«أوكسفام» ويني بيانيما إلى أن «مشاكل شمال أفريقيا والساحل والشرق الأوسط تتصاعد، لكن هناك فرصا، حتى مع التحديات، ويجب انتهازها».
ومن جهة أخرى، نالت ثورة المعلومات والتطورات العلمية شقا مهما من اجتماعات المنتدى. وكان هناك جلسات ونقاشات عدة حول هذه القضايا، شارك عدد بها من العلماء وأساتذة من جامعات مثل «إم آي تي» و«أكسفورد». وكانت محاور التطورات في مجال مكافحة الأوبئة ودراسة الدماغ والتطورات في دراسة الفيزياء ثلاثة مجالات حددها المشاركون المختصون بأنها تشهد أهم الطفرات العلمية حاليا. لكن القضية العلمية التي شغلت المشاركين أكثر من غيرها هي المخاوف من تهديد الهجمات الإلكترونية. وقيل في إحدى الجلسات المغلقة إن «الهجوم الإلكتروني أسهل من الدفاع الإلكتروني»، في وقت تعاني فيه الدول والشركات العالمية في الوصول إلى إطار يحمي المستخدمين للإنترنت والفضاء الإلكتروني خاصة بعد الهجوم الإلكتروني على شركة «سوني» نهاية العام الماضي، والتهديدات التي تمثلها جرائم الإنترنت.
وقال المدير التنفيذي لدائرة مكافحة الإنترنت لدى الأمم المتحدة جان بول لابورد إن «هناك حاجة لمحاسبة مرتكبي الجرائم الإلكترونية، فالشعور السائد حاليا بأنه من غير الممكن محاسبتهم نهائيا، مما يشجع الجرائم الإلكترونية». ولفت رئيس استونيا اليفز توماس هيندريك، في جلسة عنوانها «محاربة الظل» حول الجرائم الإلكترونية «ليس الأمر فقط في الدول أو المنظمات الإرهابية، بل يشمل كذلك المجموعات الصغيرة أو المجرمين الذين تكلفهم الدولة للقيام بهذه الجرائم».
وأكد لابورد أنه بات «من الواضح أن هناك روابط بين المنظمات الإرهابية والجريمة المنظمة». وأضاف «يجب أن يكون المسؤولون ومن يطبقون القانون يعرفون كيف يمكن أن يواجهوا الجرائم بسرعة الإنترنت بالتعاون مع الشركات الخاصة». وهذه من القضايا التي شدد «المنتدى الاقتصادي العالمي» على أنه سيعمل على تطويرها خلال الفترة المقبلة.
ولكن أوضح مؤسس شركة «كاسبرسكي لاب» لحماية الكمبيوترات من الفيروسات يوجين كاسبرسكي «هناك فرق بين الجريمة الإلكترونية لسرقة المعلومات والجريمة التقليدية المنفذة عبر الإنترنت، وهناك حاجة لتذكر ذلك».
ولفت نائب رئيس شركة «مايكروسوفت»، برادفورد سميث، إلى أنه على الجميع التذكر بأن «هناك استخدامات جيدة وليس فقط سلبية للإنترنت». وأضاف «علينا الإقرار بأن هناك قيما اجتماعية أساسية تتناقض هنا: حماية الشعب وحرية التعبير وحماية الخصوصية. يقلقني ما يدور من حديث حاليا»، مشيرا إلى أنه «لم ينتخبنا أحد لنقوم باتخاذ قرارات بشأن من يقرر ما نقوم به من منع أو سماح.. على البرلمانات إقرار ذلك». ورد رئيس استونيا «المشرعون والساسة لا يفهمون بالضرورة هذه القرارات، ويمكنهم إقرار تشريعات لا تناسب السوق، وهذا أمر يصعب مهامنا».
وحدد كاسبرسكي 3 تهديدات يجب الانتباه من استهدافها إلكترونيا، وهي محطات الطاقة وأنظمة التواصل والتقنيات والنظام المالي. ويذكر أن وزارة الدفاع الأميركية أخيرا أعلنت أن الرد على هجوم إلكتروني لن يكون بالضرورة بهجوم إلكتروني، فيمكن أن يكون الرد على الهجمات بالطرق التقليدية، مما يزيد من مخاوف حروب تندلع بهجمة إلكترونية.
وعلى صعيد آخر، كانت هناك نبرة إيجابية من حيث الإنجازات العملية والصحية الأخيرة. وقال بيل غيتس، مؤسس «مايكروسوفت»، إنه يتعين أن تتوافر بحلول عام 2030 أداتان حديثتان لمكافحة الايدز في صورة لقاح وعلاج جديد مكثف بالعقاقير للقضاء على معظم حالات مرض أودى بحياة الملايين خلال السنوات الثلاثين الماضية. وقال مؤسس «مايكروسوفت»، الذي أسهمت مؤسسته الخيرية في ضخ ملايين الدولارات في مجالات الأبحاث الطبية، أمام المنتدى الاقتصادي العالمي، إن التطورات العلمية تتجه لابتكار لقاح لمكافحة الإيدز، وهو أمر جوهري للحيلولة دون حدوث إصابات جديدة بين هؤلاء المعرضين للإصابة به، في حين أن إيجاد سبل جديدة للعلاج المكثف بالعقاقير يجب أن يجعلنا نستغني عن ضرورة استخدام الحبوب طوال العمر. وعبر غيتس عن تفاؤله أيضا بشأن مكافحة الملاريا، حيث تحرز جهود البحث عن لقاح تقدما أكبر عما هو الحال بالنسبة إلى الإيدز.
ومن جهة أخرى، تم الإعلان خلال الاجتماع عن عودة اجتماع «المنتدى الاقتصادي العالمي» الخاص بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الأردن، بعد أن عقد العالم الماضي في إسطنبول. كما أعلنت الحكومة السويسرية موافقتها على منح «منتدى الاقتصاد العالمي»
صفة «منظمة دولية»، مما يتيح لها فرصا جديدة للتأثير على القضايا العالمية.



لإنهاء «المرحلة الساخنة» من الحرب... زيلينسكي يقترح وضع أراضٍ أوكرانية تحت مظلة «الناتو»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
TT

لإنهاء «المرحلة الساخنة» من الحرب... زيلينسكي يقترح وضع أراضٍ أوكرانية تحت مظلة «الناتو»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس (الجمعة)، حلف شمال الأطلسي إلى تقديم ضمانات حماية لأراضي أوكرانيا التي تسيطر عليها كييف من أجل «وقف المرحلة الساخنة من الحرب».

كما لمّح زيلينسكي إلى أنه سيكون مستعداً للانتظار من أجل استعادة ما يقرب من خُمس مساحة بلاده التي سيطر عليها الجيش الروسي، إذا ما كان مثل هذا الاتفاق قادراً على توفير الأمن لبقية أوكرانيا وإنهاء القتال.

وجاءت هذه التعليقات وسط تصاعد التوترات في الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

وهددت روسيا هذا الأسبوع بضرب مبانٍ حكومية في كييف، وشنت هجوماً جوياً ضخماً على قطاع الطاقة في أوكرانيا، فيما وصفته بأنه رد على إطلاق أوكرانيا صواريخ مصدرها الولايات المتحدة وبريطانيا على الأراضي الروسية.

وقال زيلينسكي لقناة «سكاي نيوز» البريطانية: «إذا أردنا وقف المرحلة الساخنة من الحرب، يجب أن نضع تحت مظلة حلف شمال الأطلسي أراضي أوكرانيا التي نسيطر عليها».

وأضاف: «هذا ما نحتاج إلى فعله سريعاً، وبعد ذلك يمكن لأوكرانيا استعادة الجزء الآخر من أراضيها دبلوماسياً».

وتصاعد الحديث عن وقف محتمل لإطلاق النار أو التوصل إلى اتفاق سلام منذ فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في وقت سابق هذا الشهر. وانتقد الجمهوري المساعدات الأميركية لكييف، وقال إنه قادر على وقف الصراع في غضون ساعات، من دون أن يحدد السبيل لتحقيق ذلك.

وقال زيلينسكي باللغة الإنجليزية: «إذا تحدثنا عن وقف لإطلاق النار، فإننا (نحتاج) إلى ضمانات بأن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لن يعود».

وتسيطر روسيا على نحو 18 في المائة من أراضي أوكرانيا المعترف بها دولياً بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014.

وضمت روسيا مناطق دونيتسك وخيرسون ولوغانسك وزابوريجيا، على الرغم من أنها لا تسيطر عليها بالكامل.

واستبعدت كييف حتى الآن التنازل عن أراضٍ مقابل السلام، في حين يطالب بوتين الجيش الأوكراني بالانسحاب من مزيد من الأراضي، ويرفض انضمام أوكرانيا إلى «الناتو».

وكان بوتين قد دعا كييف في وقت سابق إلى التخلي عن طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي إذا كانت تريد التوصل إلى اتفاق سلام.

ومع تصاعد الصراع على أرض المعركة، أجرى زيلينسكي سلسلة مكالمات هاتفية مع زعماء غربيين في الأيام الأخيرة، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس.

كما تحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره الأوكراني الجمعة لإطلاعه على «أهداف الولايات المتحدة» لتوفير «دعم مستدام لأوكرانيا»، حسبما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر.

وكثفت إدارة الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته جو بايدن دعمها لكييف منذ فوز ترمب في الانتخابات، ونقلت مزيداً من الأسلحة، ومنحت أوكرانيا الإذن بإطلاق صواريخ بعيدة المدى على الأراضي الروسية.

وأثارت هذه الخطوة رد فعل غاضباً في موسكو؛ إذ أعلن بوتين الخميس أن موسكو قد تضرب العاصمة الأوكرانية بصاروخها الجديد «أوريشنيك» فرط الصوتي، بعد ساعات على قصف روسي استهدف شبكة الطاقة الأوكرانية وأدى إلى انقطاع الكهرباء عن مليون شخص.

وعيّن زيلينسكي الجمعة قائداً جديداً للقوات البرية هو ميخايلو دراباتي، في خطوة لتعزيز قيادة الجيش.

وقاد دراباتي سابقاً القوات في قطاع خاركيف الشمالي الشرقي، وواجه هجوماً روسياً جديداً مباغتاً في وقت سابق من هذا العام.

وقال وزير الدفاع رستم عمروف إن «هذه القرارات المتعلقة بالأفراد تهدف إلى تعزيز جيشنا وتحسين جهوزيته القتالية».