تركيا تكثّف رسائل «استمالة» لبروكسل وتعود للمحادثات مع اليونان

توقيف مسؤولين في الصناعات الدفاعية نقلوا أسراراً إلى شركات أجنبية

إردوغان يخاطب اجتماعاً لوزراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
إردوغان يخاطب اجتماعاً لوزراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تكثّف رسائل «استمالة» لبروكسل وتعود للمحادثات مع اليونان

إردوغان يخاطب اجتماعاً لوزراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
إردوغان يخاطب اجتماعاً لوزراء دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

قررت تركيا واليونان استئناف المباحثات الاستكشافية لتسوية النزاعات بينهما حول التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط إلى جانب النزاعات في بحر إيجة في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي بعد توقف نحو 5 سنوات. في الوقت الذي أعلنت فيه أنقرة، أنها ستجري إصلاحات في محاولة لاستئناف مفاوضات عضويتها في الاتحاد الأوروبي، وأنها ترى مستقبلها ضمن التكتل.
وقالت وزارتا الخارجية التركية واليونانية، في بيانين متزامنين، إن الجولة 61 من المباحثات الاستكشافية ستعقد في إسطنبول في 25 من الشهر الحالي بعد توقف منذ عام 2016. وجاء الإعلان بعد ساعات من تصريحات لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة أول من أمس، أعلن فيها، أن بلاده تقدمت بعرض رسمي إلى اليونان لاستئناف المباحثات الاستكشافية، بلا شروط، خلال يناير الحالي على أن تعقد في تركيا، في خطوة جاءت بعد شهر من قرار قادة الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات المفروضة في 2019 على أشخاص في تركيا بسبب «الأنشطة غير القانونية» للتنقيب عن النفط والغاز في مياه متنازع عليها مع اليونان وقبرص، عضوَي الاتحاد، في شرق المتوسط.
وتصاعد التوتر، وتبادلت تركيا واليونان إجراء تدريبات عسكرية، وتصادمت فرقاطتان تابعتان لجيشيهما في شرق المتوسط في أغسطس (آب) الماضي. وتدخلت ألمانيا بوصفها رئيس الاتحاد الأوروبي، وكذلك حلف شمال الأطلسي (ناتو) من أجل حمل تركيا واليونان، عضوَي الحلف، على العودة إلى طاولة المفاوضات واستئناف المحادثات الاستكشافية، ولكن دون جدوى.
وتسببت الأزمة بين تركيا واليونان وقبرص في شرق المتوسط في زيادة التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي، إلا أن أنقرة بدأت تخفيف حدة خطابها تجاه الاتحاد الأوروبي بعد قمة 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكرر الرئيس رجب طيب إردوغان تصريحاته التي أبدى فيها الاستعداد لفتح صفحة جديدة مع الاتحاد. وناقش وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو التوتر التركي - اليوناني والتوتر مع الاتحاد الأوروبي، والتطورات الأخيرة وجهود الوساطة التي تقوم بها دول أوروبية وحلف الناتو، خلال لقائه أمس (الثلاثاء) في أنقرة سفراء الاتحاد الأوروبي، والذي جاء قبل زيارته المقررة لبروكسل في 21 يناير الحالي.
وعن المحادثات الاستكشافية مع اليونان، قال جاويش أوغلو «سنبدأ بتلك المحادثات في إسطنبول خلال الشهر الحالي، ومن ثم سألتقي نظيري اليوناني، لكن تاريخ اللقاء لم يحدد بعد».
وخلال اللقاء، كرر جاويش أوغلو، أن بلاده ترى مستقبلها في أوروبا وترغب في بناء هذا المستقبل من خلال العمل المشترك، معتبراً أن بعض دول التكتل تسببت، العام الماضي، في خلق أزمة سياسية مع تركيا وتعكير صفو العلاقات، وظهر ذلك في شرق المتوسط، وأساء الاتحاد استخدام مفهوم التضامن مع اليونان وقبرص، رغم عدم صلاحيته في التدخل بهذه الأزمة.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي اتخذ موقفاً أكثر اعتدالاً في قمته الأخيرة في الشهر الماضي، بعد أن عمد إلى استخدام لغة التهديد في قمته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي ردت عليها تركيا وأظهرت أنها لن تجدي نفعاً لأي من الطرفين. وشدد على عزم بلاده إجراء الإصلاحات وعلى الاتحاد الأوروبي دعمها، وأنها ترغب في أن يكون 2021، عاماً لتجديد الثقة بين الطرفين وإعادة تأسيس العلاقات على أساس الربح المتبادل وتكثيف التعاون والبدء بمحادثات تحديث الاتفاق الجمركي الموقع بين الجانبين عام 1995، واستئناف مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد وإحراز تقدم في مسألة رفع تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك، وتحديث اتفاقية الهجرة الموقعة عام 2016.
في السياق ذاته، أكدت المفوضية الأوروبية، أن موقف دول ومؤسسات الاتحاد الأوروبي من تركيا لم يتغير، وأن جاويش أوغلو سيزور بروكسل في 21 من الشهر الحالي لإجراء مباحثات مع كبار المسؤولين في الاتحاد. وقال المتحدث باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية، بيتر ستانو، إن الاتحاد كان ولا يزال يريد علاقات بنّاءة على أساس التعاون مع تركيا. وأشار ستانو إلى أن الاتحاد وقادته كرروا هذا الموقف طيلة عام 2020، لافتاً إلى أن ذلك تم أيضاً خلال الاجتماع الافتراضي، الذي ضم رئيسة المفوضية أوروسولا فون دير لاين وبوريل والرئيس التركي رجب طيب إردوغان السبت الماضي.
في غضون ذلك، أعلنت اليونان أنها تخطط لتوسيع المياه الإقليمية بطول ساحلها الغربي من 6 إلى 12 ميلاً بحرياً، في خطوة قد تؤثر على النزاع مع تركيا في بحري إيجة والمتوسط. ويبدأ البرلمان اليوناني مناقشة مشروع قانون في هذا الشأن خلال الأسبوع الحالي، بحسب المتحدث باسم الحكومة اليونانية كريستوس تارانتيليس. ورغم أن ساحل غرب اليونان يواجه إيطاليا ويحد ألبانيا، فإن التوسيع هدفه إبراز حق البلاد في تطبيق ميثاق الأمم المتحدة لقانون البحار، الذي حدد الحدود بنحو 12 ميلاً عام 1982. وقال تارانتيليس «هذا قرار تاريخي؛ إذ توسع اليونان مياهها الإقليمية إلى 12 ميلاً بحرياً في هذه المنطقة وتوسع، للمرة الأولى منذ عام 1947، منطقة أراضيها الإقليمية... الجمهورية اليونانية تحتفظ بحقها في ممارسة حقوقها المعنية في مناطق أخرى من أراضيها». وسبق أن أعلنت تركيا أن توسيع المياه الإقليمية لليونان شرقاً سيعد من أعمال الحرب.
على صعيد آخر، أوقفت السلطات التركية 6 أشخاص، بينهم موظف سابق في مؤسسة الصناعات الدفاعية، على خلفية نقلهم مشاريع للمؤسسة إلى مسؤولي شركات أجنبية. وقالت النيابة العامة في أنقرة، في بيان أمس، إن الموقوفين تقاضوا أموالاً مقابل تسريب مشاريع الصناعات الدفاعية لشركات أجنبية، وإن جهاز المخابرات بالتعاون مع مديرية أمن أنقرة، أجريا مداهمة ضد الأشخاص الستة الموقوفين، وتم اعتقالهم بعد عمال تحر وتتبع دامت لمدة شهر، وإن أحد الموقوفين كان يشغل منصب مدير أحد المشاريع في الصناعات الدفاعية التركية. وأضاف البيان، أنه خلال عملية المداهمة عثرت قوات الأمن التركية في منازل وأماكن عمل الموقوفين على مبالغ ضخمة من العملات الأجنبية، إلى جانب مواد رقمية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».