«الاستئناف» السودانية ترفض شطب دعوى ضد البشير

TT

«الاستئناف» السودانية ترفض شطب دعوى ضد البشير

شطبت محكمة الاستئناف السودانية استئناف هيئات الدفاع عن الرئيس المعزول عمر البشير وشركائه، من مدبري انقلاب نظام الإنقاذ يونيو (حزيران) 1989، وأيدت قرار «محكمة الموضوع»، وبذلك سيتحدد موعد جديد لمواصلة المحاكمة، التي توقفت مداولاتها منذ الرابع من الشهر الحالي.
ويخضع الرئيس المعزول عمر البشير و27 من شركائه الإسلاميين الذين دبّروا الانقلاب العسكري في 30 يونيو 1989، وبموجبه استولت الجبهة الإسلامية على السلطة، وعلى رأسهم نائب الترابي الأسبق علي عثمان محمد طه، ونائب البشير بكري حسن صالح، وقيادات عسكرية ومدنية شاركت في الانقلاب، للمحاكمة تحت تهم تقويض النظام الدستوري، وتبلغ عقوبتها الإعدام في القوانين السودانية.
وقال الناطق الرسمي باسم هيئة الاتهام، المحامي معز حضرة، في نشرة صحافية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أمس، إن محكمة الاستئناف بالخرطوم أصدرت قراراً بشطب الاستئناف المقدم من هيئات الدفاع عن المتهمين، الذي طالبوا فيه بشطب الدعوى الجنائية بالتقادم.
وكانت المحكمة الخاصة المشكّلة لمحاكمة البشير ومدبري الانقلاب الإسلاموي، رفضت الطعن المقدم من هيئات الدفاع في 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والذي طالبوا فيه بشطب الدعوى الجنائية بالتقادم بحق المتهمين، وقال قاضي المحكمة عصام الدين إبراهيم، إن الفعل المرتكب يمثل جريمة مستمرة منذ تنفيذ الانقلاب وحتى سقوط نظام الانقلاب في 11 أبريل (نيسان) 2019. وأضاف «إذا كان هنالك تقادم يسقط الدعوى الجنائية، فإنه يبدأ من 11 أبريل، وليس منذ ساعة تنفيذ الانقلاب».
وتنص المادة 31/1 من قانون الإجراءات الجنائية السوداني لسنة 1991، على سقوط الدعوى الجنائية ذات العقوبة الجنائية ذات العقوبة التعذيرية، إذا انقضت مدة التقادم، وحددتها بمرور عشر سنوات من تاريخ وقوع جريمة معاقب مرتكبها بالإعدام أو السجن أكثر من عشر سنوات.
وهو النص الذي قال عنه المحامي كمال الجزولي في واحد من مقالاته «من أهم معيقات العدالة التقادم المسقط للدعوى الجنائية»، وأضاف «رغم أن القانون الجنائي الدولي لا يعترف به في قضايا حقوق الإنسان، كما وأنه لم يكن معمولاً به في السودان قبل 1991».
بيد أن هيئات الدفاع عن المتهمين استأنفوا حكم محكمة الموضوع أمام محكمة الاستئناف، فطلبت الأخيرة ملف الدعوى للنظر في طلبات هيئات الدفاع عن المتهمين، بعد رفض قاضي المحكمة الخاصة طلبات الدفاع بشطب الدعوة بالتقادم. وقال المتحدث باسم هيئة الاتهام، المحامي معز حضرة، إن محكمة الاستئناف أيدت قرار محكمة الموضوع، وبالتالي سيتم تحديد جلسة قريبة للسير في إجراءات المحاكمة.
يشار إلى أن رئيس المحكمة الخاصة المشكّلة لمحاكمة البشير ومدبري انقلاب الإنقاذ، القاضي عصام الدين محمد إبراهيم، أعلن تنحيه عن المحكمة، وبرر ذلك بأسباب صحية، وقال بحسب ما نقله التلفزيون في 22 ديسمبر (كانون الأول) «هذه آخر جلسة لي في هذه المحكمة، أعلن التنحي لأسباب صحية»، وأوضح أنه يعاني من ارتفاع ضغط الدم، وأن الأطباء نصحوه بالابتعاد عن أي توتر. وفي يوليو (تموز) 2020، شكلت رئيسة القضاء نعمات عبد الله محمد خير، محكمة جنائية كبرى برئاسة قاضي المحكمة العليا عصام الدين محمد إبراهيم، وعضوية اثنين من القضاة، لمحاكمة مدبري انقلاب الإنقاذ، وفي 21 من الشهر ذاته بدأت المحاكمة وسط حضور كثيف وإجراءات أمنية مشددة. وينتظر أن تعين رئيسة القضاء قاضياً آخر لمواصلة المحاكمة حال قبول استقالة رئيس هيئة المحكمة. لكن السلطة القضائية لم تصدر معلومات عن القاضي الجديد، الذي ستكلفه مواصلة المحاكمة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.