متشددون يستنسخون في حلب «شعبة معلومات» تختطف أطباء وصحافيين ونشطاء

عناصره يرتدون الأسود ويضعون أقنعة أثناء عمليات الخطف

حلب
حلب
TT

متشددون يستنسخون في حلب «شعبة معلومات» تختطف أطباء وصحافيين ونشطاء

حلب
حلب

حسمت مصادر المعارضة السورية في حلب، بأن الفصيل الأمني الذي ظهر أخيرا وحمل اسم «شعبة المعلومات» ولم تُعرف هويتها، «تتبع لحركة أحرار الشام»، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن القائمين على هذا الجهاز الأمني الذي «خطف واعتقل الناشطين في حلب، هم متشددون».
وظهر في الآونة الأخيرة داخل مدينة حلب، ضمن الأحياء الخارجة عن سلطة النظام، تنظيم أمني جديد يطلق على نفسه اسم «شعبة المعلومات»، عُرف بعمليات الخطف والاعتقال التي مارسها بحق ناشطين مدنيين وصحافيين وكوادر طبية، ويدعي أعضاؤه ومناصروه أنه «تشكل لغايات استخباراتية للكشف عن خلايا النظام وخلافها من المجموعات النائمة».
وكان للجهد الكبير الذي بذله نشطاء الثورة في حلب، الدور الأكبر في الكشف عن حقيقة «شعبة المعلومات» بعد أن لفها الغموض، منذ أن ظهرت أواخر العام الماضي وباشرت عمليات الخطف ضد كوادر الثورة من مدنيين وإعلاميين.
ويقول مصدر معارض من داخل مدينة حلب لـ«الشرق الأوسط» إن شعبة المعلومات «تشكلت نتيجة تعاون بين متشددين و(حركة أحرار الشام)، رغم عدم إعلان الأخيرة عن تبعية التنظيم لها وإنكارها الدائم لذلك». وأشار إلى أن التنظيم كان قد باشر بمهام الاعتقال والخطف بعد أن تم تشكيله في وقت متأخر من العام الماضي، ولم يعرف العدد الحقيقي من حالات الخطف التي ارتكبها عدا بعضها التي تمكن ناشطو حلب من كشفها. ويضيف: «تلقت الشعبة دعما ماليا كبيرا من جهات خارجية، مما مكن الشعبة من شراء عناصرها بالمال ووفرت حركة أحرار الشام لها الغطاء أمام التنظيمات المتطرفة الأخرى».
وشكلت شعبة المعلومات نفسها دون أن تصدر أي بيان تأسيسي يوضح المهمة الأمنية التي تفرض وجودها، ودون أي تعريف بها، خلافا لما تفعله في العادة باقي أجهزة الأمن التابعة للفصائل الأخرى. ولا يتخذ التنظيم لنفسه مقرات معروفة ولا يقوم عناصره بالتعريف عن أنفسهم وعن الجهة التي ينتمون لها أثناء قيامهم بعمليات المداهمة والخطف التي تجري تحت قوة السلاح.
وتضم تشكيلات الشعبة، عددا من العناصر عرف منهم شخص يدعى أبو هشام وآخر يدعى أبو اليمان. ويقود الشعبة المحامي عصام خطيب من حركة «أحرار الشام» والمعروف بنهجه المتشدد، إضافة إلى مجموعة من المؤسسين عرف منهم الشرعي أبو شعيب المصري الذي كان شرعيا لدى تنظيم «داعش»، وانشق عنه نتيجة خلاف مع بعض الأمراء الفاسدين، حسب ما جاء في بيان صوتي عن المصري بُث في شهر فبراير (شباط) الماضي، ووصف فيه المصري تنظيم «داعش» بأنه يحوي «أفضل أخوة وأسوأ أمراء». ثم عاد المصري وذكر في بيان لاحق أن ما نسب إليه عار عن الصحة واعتذر من البغدادي وأمراء «داعش» وبأنه مدين للتنظيم الذي قضى فيه أجمل أيامه.
وكان للغموض الذي تشكل حول دور شعبة المعلومات، دور بارز في دفع نشطاء حلب للعمل على كشف حقيقتها وفضح ممارساتها واكتشاف تولي الشرعي المصري القيادة فيها، مما يرجح فرضية ارتباطها بـ«داعش»، حسب رؤية أكثر الناشطين في حلب.
وتقول مصادر المعارضة في حلب لـ«الشرق الأوسط» إن «شعبة المعلومات» تضع باقي الفصائل المتطرفة أمام مسؤوليات كثيرة تتمثل في التحرك الفوري للقضاء عليها، وسط احتمال أن تكون مرتبطة بـ«داعش» رغم تبعيتها لحركة أحرار الشام، مشيرة إلى «حراك لتخلي الفصائل عن موقفها اللا مبالي تجاه شعبة المعلومات، حيث تتخذ بمعظمها موقف الصمت تجاه التجاوزات المرتكبة من قبل أعضائه وقياداته الذين يخرجون بلباسهم الأسود ويرتدون أقنعة أثناء عمليات الخطف المخطط لها». وترفض التنظيمات المسلحة التدخل لإطلاق سراح المخطوفين.
وسرعان ما ذاع صيت شعبة المعلومات بين أوساط سكان حلب وريفها، بعد عملية اختطاف الدكتور سالم أبو النصر الأسبوع الماضي في 15 من الشهر الحالي، وأسندت إليه عدة تهم جاهزة «كالتعامل مع النظام السوري»، إضافة إلى عدد من التهم التي أثارت سخرية الناشطين في حلب، كان بينها اتهام الدكتور أبو النصر المعروف باعتداله وتمسكه بقيم الحرية والديمقراطية بأنه «عضو في حزب الله اللبناني ويعمل معه».
وترى عدة مصادر أن شعبة المعلومات «لا تقوم بمهمة أمنية تهدف للكشف عن الخلايا النائمة بل إن الغاية الأساسية لها هي تصفية حسابات أعضائها ضد خصومهم في النهج، إضافة إلى تصفية حسابات حركة أحرار الشام مع خصومها من كوادر الثورة الذين يتخذون موقفا واضحا ضد التشدد وفوضى السلاح».
وتضاعفت المخاوف من دور شعبة المعلومات، عندما أقدمت على حرق ما يزيد عن 10 آلاف نسخة من صحف سورية معارضة داخل مدينة حلب في 18 من الشهر الحالي، وقادت حملة تحريضية ضد صحف الشبكة، ولاحقت موزعيها والمتعاونين معها تحت مزاعم أنها تقوم بنشر رسوم مسيئة للإسلام والمسلمين.
وكانت حلب قد ضجت بممارسات شعبة المعلومات التي أعادت للأذهان سلوكيات «داعش». كما أعاد اسم شعبة المعلومات للأذهان اسم «فرع شعبة المعلومات» التابع للنظام، مع فارق جوهري في مهمة الثاني الذي يتبع لفرع أمن الدولة في دمشق ويتولى عمليات الرصد لوسائل الإعلام والاتصال ومراقبة الصحافيين والإعلاميين وفق تقنيات عالية.
وأصدر كل من مجلس ثوار حلب واتحاد ثوار حلب بيانا مشتركا وصف شعبة المعلومات بأنها «استنساخ لأشكال أجهزة الأمن القمعية». وطالب البيان «الجبهة الشامية» بـ«اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة بحق هذه العصابة الفاسدة واعتبار كل من يتكتم عن معلومات خاصة بشعبة المعلومات شريكا لها في جرائمها. كما طالب البيان بتشكيل جهاز أمني يحقق الأمن للوطن والمواطن ضمن المحددات الشرعية والقانونية وووفق ميثاق الثورة».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.