معرض القاهرة للكتاب يبحث عن ثقافة التجديد

ينطلق بمشاركة 850 ناشرا من 26 دولة.. والسعودية ضيف الشرف

ملصق المعرض
ملصق المعرض
TT

معرض القاهرة للكتاب يبحث عن ثقافة التجديد

ملصق المعرض
ملصق المعرض

تنطلق يوم 28 يناير (كانون الثاني) الحالي فعاليات الدورة السادسة والأربعين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، وتستمر الفعاليات حتى 12 من فبراير (شباط) المقبل. ومع كل دورة يجدد المعرض سنويا مشكلاته، التي أصبحت شبه مزمنة خاصة في الدورات الأخيرة.
فعلى المستوى العملي، فشل المعرض حتى الآن في أن يوزع كتيبا على رواده يتضمن قوائم الكتب الموجودة بكل دور النشر المشاركة فيه، وأسعارها، مما يوفر على مرتاديه مشقة البحث، ويختصر مساحات مهدرة من الجهد، ويضفي على المعرض طابعا حضاريا، خاصة أن طباعة مثل هذا الكتيب ليست بالأمر المستحيل، ولا يحمل أي نوع من الوصاية على ما يعرضه الناشرون، بل هو إجراء تنظيمي بحت، بل من الممكن أن يعود ناتج بيعة بالفائدة، على تحسين منظومة الخدمات بالمعرض.
ومنذ المناظرة الشهيرة في دورة المعرض في عام 1991 بين أقطاب الدولة الدينية، التي مثلها آنذاك الشيخ محمد الغزالي، والمستشار مأمون الهضيبي، والدكتور محمد عمارة، في مواجهة أقطاب الدولة المدنية، ممثلة في الدكتور فرج فودة، والدكتور محمد خلف الله، وأدراها رئيس هيئة الكتاب الأسبق الدكتور سمير سرحان، منذ ذلك الحين ساد الطابع الكرنفالي على أنشطة المعرض، وأصبح ينحصر في مجموعة من العناوين والشعارات البراقة، تكتفي بمغازلة ما يطفو على السطح، دون التوغل إلى الأعماق، فشتان بين حالة الجدل العاصف التي أثارتها هذه المناظرة الشهيرة في المجتمع والثقافة على وجه خاص، والتي أكدت مبدأ حرية الرأي في مواجهة الرأي الآخر، مهما كان الثمن، وبين ما يخلفه المعرض حاليا من أنشطة ثقافية، تنأى به عن أن يكون عرسا ثقافيا حقيقيا للثقافة المصرية بكل تقاطعاتها عربيا ودوليا.
كان حريا بالمعرض وهو ينعقد تحت عناوين فضفاضة من قبيل «الثقافة والتجديد» و«تجديد الخطاب الديني»، وبعد ثورتين، شهدتهما البلاد، ضد هيمنة الاستبداد، وفي طليعته الاستبداد باسم الدين الإسلامي، أن يلتفت لمثل هذه المناظرة، التي انتصرت لمدنية الدولة، ضد تسييس الدين، وجعله وسيلة للقتل والذبح والمتاجرة واستباحة حرمة الدماء، وقد اغتيل فرج فودة، بعد عام من وقائع هذه المناظرة التاريخية، على يد الجماعات التكفيرية.. وهو المشهد نفسه الذي تتناثر فصولة الدامية حاليا في أكثر من بلد عربي مسلم، ولا تزال تعاني منه مصر، وطالت شظاياه عددا من بلدان العالم.
من جهتها، أعلنت الهيئة المصرية العامة للكتاب المنظمة للمعرض عن تفاصيل برنامجه في هذه الدورة الذي يشارك فيه 26 دولة منهم 19 دولة عربية وأفريقية و7 دول أجنبية وعدد ناشرين بلغ 850 ناشرا، منهم 50 ناشرا أجنبيا و250 ناشرا عربيا و550 ناشرا مصريا، إضافة لسور الأزبكية الشعبي والذي يضم 100 كشك ويشارك فيه 750 ناشرا.
وأكد الدكتور أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب أن المعرض أختار هذا العام المملكة العربية السعودية لتكون ضيف الشرف، مشيرا إلى أن برنامج المعرض الثقافي يتضمن إقامة العديد من الفعاليات الثقافية والفنية. ومحاور المؤتمر الثقافة والتجديد وتجديد الخطاب الديني ومصر وأفريقيا والإمام محمد عبده شخصية المعرض.
والتقى مجاهد، الدكتور خالد الوهيبي الملحق الثقافي للملحقية الثقافية لسفارة السعودية بالقاهرة. وتم خلال اللقاء الاتفاق على تخصيص مساحة للجناح السعودي بسرايا العرض بالإضافة إلى جناح المملكة العربية السعودية الذي ستتم زيادته من 3000 إلى 4000 متر مربع لاستيعاب عدد أكبر من الناشرين، كما سيقوم الجانب السعودي بتقديم برنامج ثقافي متكامل يشارك به نخبة من الأدباء والشعراء.
وقال مجاهد إن المعرض يتضمن لقاءات فكرية وأمسيات شعرية، وندوة «كاتب وكتاب»، ويشمل محور الندوات: تجديد الخطاب الديني، والجهاد في الإسلام متى ولماذا، وذهنية التكفير، وعلى نحو خاص تجديد الفكر الديني عند الإمام محمد عبده، الذي اختير شخصية المعرض في هذه الدورة، كما يتضمن المحور العلاقات المصرية الإثيوبية، ويشهد ندوة بعنوان «زمن الأصالة».
ومن المقرر أن يستضيف اللقاء الفكري للمعرض مجموعة من الكتاب والمفكرين والباحثين المصريين والعرب والأجانب، من بينهم: الدكتور محمد حمدي زقزوق، وزير الأوقاف المصري الأسبق، في محور «محمد عبده وعقلانية الخطاب الديني»، والدكتورة ألفة يوسف المرة، أستاذة الحضارة في جامعة تونس، حيث تتحدث عن «الإسلام رؤية معاصرة»، كما يتحدث آلان غريش عن «التطورات السياسية والاجتماعية في العالم العربي والإسلامي». ويتناول أحمد عبادي «تجديد الفكر الديني في عصر العولمة»، ويناقش عبد الجواد ياسين «الإصلاح الديني ومستقبل الدين في السياق الإسلامي»، ويتحدث المحجوب عبد السلام عن «التجديد ما بعد الإمام محمد عبده» كما يتناول الشاعر أدونيس «نحو خطاب ديني جديد» ويتناول عبد المجيد الشرفي «التجديد في الفكر الديني»، ويبحث الدكتور علي حرب في «محنة المشروع الديني فشل الدين والسياسة معا»، وتتناول رجاء بن سلامة «حالة الفكر الديني في تونس»، ويتحدث حسن حنفي حول «كيفية تجديد الخطاب الديني»، وأيضا سيتناول الشيخ سالم عبد الجليل «تجديد الخطاب الديني لماذا وكيف؟».
وأكد مجاهد عدم وجود مراقبة على الكتب بالمعرض، مشيرا إلى أن شركة مصر للتأمين هي الشركة التي تتولى تأمين المعرض ككل، كما أكد أن سعر تذكرة المعرض لم يتغير ولا يزال كما هو جنيها واحدا للفرد.
يذكر أن معرض القاهرة الدولي يعد من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، بدأ في عام 1969، حيث كانت القاهرة تحتفل بعيدها الألفي آنذاك، فقرر وزير الثقافة حينها الدكتور ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الدكتورة سهير القلماوي بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب.
وتتزامن إقامة المعرض مع إجازة نصف العام الدراسية في نهاية شهر يناير وتحديدا ابتداء من يوم الأربعاء بأرض المعارض بمدينة نصر بالقاهرة، وغالبا ما يتم مده إذا حظي بإقبال جماهيري كبير. وجرت العادة به أن يكون اليوم الأول للافتتاح الرسمي والناشرين، ويفتح المعرض أبوابه للجمهور اعتبارا من اليوم الثاني، وتقام على هامشه عروض للسينما والمسرح وفرق الفنون الشعبية.
وينظر غالبية المثقفين لأنشطة المعرض المختلفة باعتبارها حالة من الترفيه الثقافي، تقام على هامش سوق من المفترض أن يعنى أولا بمشاكل نشر وتسويق الكتاب.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.