ميسون صقر تحرض مشاهديها على كسر غواية التفاحة بمحبة الفن

في معرض استعادي لافت ضم نماذج من أعمالها على مدار ربع قرن

الفنانة ميسون صقر في معرضها بمركز الجزيرة للفنون بالقاهرة
الفنانة ميسون صقر في معرضها بمركز الجزيرة للفنون بالقاهرة
TT

ميسون صقر تحرض مشاهديها على كسر غواية التفاحة بمحبة الفن

الفنانة ميسون صقر في معرضها بمركز الجزيرة للفنون بالقاهرة
الفنانة ميسون صقر في معرضها بمركز الجزيرة للفنون بالقاهرة

بحيلة فنية شيقة، تداعب العين والفم معا، تستقبلك الفنانة الإماراتية ميسون صقر في معرضها الاستعادي الموسع، بمركز الجزيرة للفنون بالقاهرة، الذي يضم نماذج من محطات وتجارب فنية عاشتها على مدار 25 عاما في فضاء التشكيل، تتقاطع وتتجاور فيها أعمال التصوير، سواء بالحبر في لوحات الأبيض والأسود والألوان، والفوتوغرافيا، والفيديو آرت. كما يبرز العمل المركب، في تلك الحيلة الفنية، حيث تقبع امرأة عبارة عن (مانيكان) مغمورة في كومة من التفاح، في قمع من البلاستيك الشفيف، بأسفله فتحة تسمح بانزلاق التفاح بمجرد أن تمد يديك فيها، وينتهي التفاح، لكن تبقى المرأة وحيده متدثرة بغلافها البلاستيكي، ترقب من خلاله مفردة التفاحة، وهي تتناثر بالقضم بين الفتاتين الشابتين بطلتي فيلم الفيديو القصير، في مشاهد موحية تخلق حالة من الترديد البصري على العين، وتوسع من فضاء رمزية التفاحة اللصيقة بالمرأة، ومداراتها المتشابكة نفسيا واجتماعيا وجماليا، خاصة على مستوى الميثولوجيا الدينية. وفي الوقت نفسه، تكسر مشاهد «الفيديو آرت» بتتابعها المتنوع، في المكان والزمان والتاريخ عزلة المرأة داخل حيز البلاستيك، فهي ليست كائنا لعوبا ورمزا للغواية، إنها مناضلة ومكافحة، تكسب رغيفها وقوت يومها بعرق وشرف. علاوة على ذلك يفك التشابه بين الفتاتين، على مستويي الزي والحركة، وتقافزهما المرح كطائرين تحت مظلة الطفولة، وفي مكان يبدو حميميا لهما، الحواجز والعقد الطبقية التي تطفو على سطح المجتمع، حيت نكتشف في النهاية أن إحداهما مسلمة والأخرى مسيحية.
وتنجح الفنانة في تكثيف المعني والصورة، باختيار زوايا التقاط لافتة لمساقط الظل والنور والعتمة، كما تنقل عين المشاهد من الشاشة الكبيرة للفيلم، إلى مجموعة من الشاشات الصغيرة، تعرض تفصيلات مقتطعة بعناية من جسد الفيلم، ثم تثبت الصورة وهذه التفصيلات في مجموعة من لوحات الفوتوغرافيا المجمعة، تتخذ شكل جدارية تصويرية، يلعب فيها إيقاع الأبيض والأسود والألوان بخفتها وثقلها، دورا أساسيا في تحديد الملامح التعبيرية للشخوص، وكأن الفنانة تريد عبر صور الفوتوغرافيا أن تثبت زمن الصورة المنداح في تداعيات الفيلم.
بيد أن هذا التجريب على مسطح الصورة في عين الكاميرا، يشكل المفتاح الأساس، والمشترك الجمالي، لمساحة أكبر وأعقد من التجريب على مسطح الصورة في لوحات المعرض، وذلك عبر خامات ووسائط تعبيرية تجمع بين أحبار وألوان أكريلك وزيت، وغيرها. ويوحد ما بين كل هذه الأشكال غلالة من التجريدية الشعرية، تستقيها الفنانة من كونها شاعرة، لها منجز شعري متميز، تبلور عبر الكثير من الأعمال الشعرية. وهو ما يجعل الكثير من اللوحات، وكأنها رنين أو صدى لمناخات الطفولة، والذكريات الخاصة بالأماكن، وتحولات الجسد والروح، في التعامل مع الواقع والبشر والعناصر والأشياء، فلا تخلو مساحات التجريد وبنية الأشكال من انطباعات حسية وعقلية، مسكونة بما يدور في الداخل، لكنها في الوقت نفسه، مفتوحة على فكرة التحرر، كفضاء بصري، وكمعول أساس في تشكيل فعل الرسم والتصوير.
بطاقة التحرر هذه تتكشف سطوح اللوحات في سلاسة وبساطة تعبيرية، وتبرز الكتلة كمقوم بصري لإبراز الشكل وإنضاج التكوين، في علاقته بالألوان والخطوط، ومساحات الفراغ، وإعطاء عمق متخيل للصورة، يكسبها حرية أوسع من وجودها داخل الإطار. وتنوع الفنانة ماهية شخوصها، فلا تقتصر فقط على العاطفة الإنسانية، بل نلمح في بعض اللوحات استعارة طفيفة لوحشية الحيوان، وصور الطائر في حالات متباينة ما بين التحليق بحيوية في الأفق والسقوط المباغت على الأرض، ما يشي بتحول العاطفة الإنسانية في لحظات كثيرة إلى التماهي مع هذه الصورة.
وفي لوحات الأبيض والأسود وهي من بواكير أعمالها، تلجأ الفنانة إلى الخط، كحجر أساس في تكوين الكتلة، وتنوع أشكالها بلطشات الفرشاة الغليظة والرفيعة، وارتجالات اليد الخاطفة والحادة، متخذة من قيم التلخيص مسارا يحكم علاقة الكتلة بالفراغ، ويشكل مدارا فنيا، بشف عن رؤية خاصة للإشكال. تحاول من خلالها دفع التكوين ليتصدر بأبعاده المختلفة مسطح اللوحة الورقي، ويكتسب وجوده في داخلها ملمسا من الشفافية والبساطة، وفي الوقت نفسه يشتبك مع الواقع الخارجي، وكأنه ظله الهارب خارج إطار اللوحة.
تعتمد اللوحات على خامة الأحبار السوداء، وتبني الفنانة من خلال تدرجاتها وتقلبانها، ببن الحلكة والبياض، وجودا مستقلا لشخوص هيكلية، تتعمد تشويه ملامحها الخارجية المحددة لهويتها، لكنها مع ذلك تحتفظ بقوامها الأنثوي، لتبدو الشخوص من خلال هذا التشويه وكأنها تفتش عن ملامحها الخاصة في اللوحة.. ومع تتالي اللوحات وتجاورها في إطار هذه الرؤية، تتحول فكرة التشويه إلى ما يشبه القناع، تتخفى تحته الشخوص ويعكس القناع حوارا مكتوما بينها، تتفتق شظاياه في ثنايا مساحات البياض المسطحة الصريحة، وتصعد نبرته بتوازنات فنية تلقائية مرتجلة، أحيانا تكسر حياد الخلفية المصمتة، بخطوط كروكية، تشبه الخروشة، تبرز في أسفل قاعدة التكوين، أو تتناثر على جنباته. كما تلجأ الفنانة إلى إغناء التكوين والخامة، بوسائط تعبيرية رمزية، تتراءى أحيانا على شكل قمر أسود، ورغم عتمنه إلا أنه يشد أنظار الشخوص إلى أعلى اللوحة، كما تستعين بالمرآة كوسيط بصري كاشف، يكثف صراع الشخوص الخفي في اللوحات، فتظهر كما أنها كائنات مقموعة منطفئة داخليا في مرآتها الخاصة، صراعها يتبدى ما بين العيش داخل اللوحة كملاذ داخلي يوفر لها نوعا من الأمان والسكينة، ومغامرة تهشيم المرآة والقفز إلى العالم الخارجي الذي يموج بالفوضى والقمع، خاصة في مواجهة الأنثى.
علاوة على هذا التشويه، يحتل البياض المساحة الأكبر في الخلفية، حيث تتركه الفنانة صريحا في الغالب الأعم، لإبراز الشكل، وإتاحة حرية أكثر لحركة الشخوص، وفي الوقت نفسه تجنب الوقوع في اختلالات المنظور، خاصة في علاقة الكتلة بالفراغ، والمحافظة على الحضور الانثوي وإبرازه، ليبدو بمثابة محور إيقاع، ونقطة توازن خفية، بين مشاعية الفراغ الأبيض المنداح في الخلفية، ومحاولة كسر حيادية السطح وإكسابه قواما سرديا معينا، بعيدا عن ثنائية الأبيض والأسود، لنصبح إزاء تعبيرية رمزية، لا تطرح صراع الأنثى في اللوحة، بمعزل عن صراعها مع واقعها المادي المعيش على شتى المستويات السياسية والاجتماعية والإنسانية. ومن ثم، فالتشويه في اللوحات رغم أنه ابن ضرورة فنية إلا أنه يعكس في ظلاله تشويها أكثر قسوة للمرأة في الواقع.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.