مستشعرات تلتئم تلقائياً وتشحن نفسها بحرارتنا

باحثو «كاوست» يطورون مادة كهروحرارية قد تغني عن البطاريات

مستشعرات تلتئم تلقائياً وتشحن نفسها بحرارتنا
TT

مستشعرات تلتئم تلقائياً وتشحن نفسها بحرارتنا

مستشعرات تلتئم تلقائياً وتشحن نفسها بحرارتنا

تُعتبر المستشعرات التي يتم ارتداؤها على الجلد، أو المزروعة داخل الجسم، إحدى الوسائل الآخذة في الانتشار لجمع البيانات الحيوية للأغراض الشخصية والطبية؛ إذ تستطيع هذه المستشعرات رصد مؤشرات مهمة ذات صلة بصحة البشر، مثل معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ونشاط الدماغ، وحركة العضلات، والسعرات التي يتم حرقها، وكذلك إفراز بعض المواد الكيميائية.
ويسعى العلماء للتوصل إلى مستشعرات وتقنيات قابلة للارتداء تعمل بالطاقة الذاتية؛ إذ يُعتبر توفير مصدر دائم للكهرباء لها من أبرز التحديات. وجدير بالذكر، أن قيمة سوق الأجهزة والتقنيات القابلة للارتداء بلغت ما يقرب من 23 مليار دولار في عام 2018، ومن المرجح أن تنمو إلى 54 مليار دولار بحلول عام 2023، وفقاً لتوقعات «Global Data».
وأخيراً، توصل باحثون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى مادة كهروحرارية تستطيع توفير طاقة دائمة وثابتة لهذه الأجهزة لإلكترونية؛ إذ يمكنها استخدام حرارة الجسم لتوليد الطاقة، وهو ما قد يُغني عن استخدام البطاريات لشحن هذه المستشعرات. وتجدر الإشارة إلى أن العالم البروسي توماس سيبك كان أول من وثّق لتجربة أن بعض المواد تولد تياراً كهربائياً لدى تعرضها للحرارة وذلك في عام 1821. ومنذ هذا التاريخ يجتهد العلماء في الاستفادة من مزايا هذه المواد رغم صعوبتها.
ولصنع نموذج أولي من هذه المادة الكهروحرارية، تم الجمع بين ثلاث مركبات عضوية محضرة بعناية. وتتسم هذه المادة بأنها قابلة للتمدد وذاتية الإصلاح والالتئام، وقادرة على توليد الكهرباء اللازمة لها، بالإضافة إلى متانتها وصمودها أمام ضغوط الحياة اليومية.
وتعتمد المواد الكهروحرارية في توليدها للكهرباء على التدرجات في درجة الحرارة. وتتمتع هذه المواد بالقدرة على توفير الطاقة للتقنيات القابلة للارتداء باستخدام حرارة الجسم؛ مما يُغني عن الحاجة إلى البطاريات، لكن المواد المتاحة حالياً تفتقر إلى المرونة والقوة والقدرة على التأقلم؛ حتى لا تتعرض لضرر دائم عند ارتدائها.
وقد قام فريق «كاوست»، بقيادة الدكتورة ديريا باران، والدكتور سيونج كي، من قسم هندسة وعلوم المواد بالجامعة بخلط «بيتوت: بي إس إس»، وهو بوليمر كهروحراري جيد التوصيل، مع ثنائي ميثيل السلفوكسيد، وهو مركب عضوي يعزز أداء البوليمر، ومادة ترايتون إكس – 100، وهي مادة لزجة تشبه الهلام تشجع على تكوين الروابط الهيدروجينية مع البوليمر. ويقول كي عن هذه المادة «كان هذا المكوِّن الأخير ضرورياً لتوفير القابلية للتمدد والالتئام الذاتي التي نريدها».
واستخدم الباحثون طابعة ثلاثية الأبعاد لوضع هذا الخليط في هيئة طبقات سميكة، ثم قاموا باختبار الأداء الكهروحراري لهذه الطبقات تحت الضغط. وبعد إحداث فرق في درجة الحرارة بأجهزة كهروحرارية، ثم توليد تيار كهربي، وجد فريق الباحثين أن اختلافاً قدره 32 درجة مئوية ولَّد أكبر ناتج للطاقة، بلغ قدره 12.2 نانو واط.
بعد ذلك اختبر الفريق قدرة تلك الطبقات على الالتئام الذاتي، عن طريق قطعها إلى نصفين، باستخدام شفرة حادة، وهي متصلة بمصدر ثنائي باعث للضوء، ويوضح كي «من المدهش أن الضوء لم ينقطع في أثناء قطع الطبقات أو بعده... كرَّرْتُ قطع الطبقات عشر مرات، لكن الطبقات ظلت قادرة على الالتئام الذاتي في أقل من ثانية، مع احتفاظها بنسبة 85 في المائة من إنتاجها للطاقة».
يضاف إلى ذلك، أنه عند تمدُّد الطبقات إلى ما يقرب من ثلث حجمها الأصلي، ظلت قادرة على توفير إمداد ثابت للطاقة.
ويشرح كي مميزات المادة الكهروحرارية المطورة قائلاً «تعمل الإلكترونيات القابلة للارتداء تحت ضغط مستمر، وإمداداتها للطاقة قد تتعرض للانقطاع. أما المادة التي طورناها فتستطيع أن توفر طاقة ثابتة وموثوقا بها؛ لأنها قادرة على التشكل والتمدد، والأهم أنها قادرة على إصلاح نفسها تلقائياً».
تجدر الإشارة إلى أن طاقة مقدارها 12 نانو واط ليست بكافية لتغذية الكثير من الأجهزة، فيما عدا المستشعرات الحيوية وأجهزة الإرسال عالية الكفاءة، لكن ما تم إنجازه في «كاوست» يُعَدُّ بداية واعدة.
ويختتم كي حديثه قائلاً «لقد أثبتنا أن مثل هذه المواد يسهل صنعها باستخدام الطباعة الثلاثية الأبعاد، التي تعد تكنولوجيا عملية تتمتع برواج كبير. وسيكون علينا في الخطوة القادمة أن نعثر على مواد تتمتع بخصائص كهروحرارية أفضل؛ كي نستطيع توليد كمية أكبر من الطاقة في المستقبل القريب».



الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.