هل يحق للنجوم الحصول على أجر مقابل ظهورهم الإعلامي؟

TT

هل يحق للنجوم الحصول على أجر مقابل ظهورهم الإعلامي؟

شهدت مصر أخيراً جدلاً واسعاً بين الإعلاميين المصريين في أعقاب تداول أنباء عن طلب بطل كمال الأجسام الفائز ببطولة «مستر أوليمبيا» 2020. رامي السبيعي، الشهير بـ«بيغ رامي»، مبلغ نصف مليون جنيه (الدولار يعادل 15.7 جنيه مصري) نظير ظهوره في أحد البرامج التلفزيونية. هذا الأمر أثار موجة من الجدل بين مؤيدين لحق «بيغ رامي» في المطالبة بأجر نظير ظهوره التلفزيوني، وبين الرافضين لذلك بدعوى أن الرقم مبالغ فيه، وتسبب في إثارة الجدل العام بشأن حق النجوم من فنانين ورياضيين، وحتى خبراء سياسيين، في الحصول على أجر نظير ظهورهم الإعلامي، خصوصاً مع ارتفاع أجورهم، مقارنة بأجور الإعلاميين ومعدي البرامج.
حقاً، يحصل نجوم هوليوود عادة على مبالغ مالية لقاء ظهورهم الإعلامي، إذ تدفع القنوات التلفزيونية والمجلات آلاف الدولارات مقابل الحصول على حق تغطية أخبار حصرية للنجوم، بحسب ساشا فرايت، مؤسسة ورئيس تحرير مجلة «فيس ذا كارنت» Face the current الأميركية، وهي مجلة مهتمة بتغطية أخبار المجتمع والثقافة والفن. وتقول فرايت لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلات والبرامج التلفزيونية عادة ما تدفع للنجوم نظير أن تحصل على السبق في تغطية بعض أخبارهم، سواء حفلات الزفاف أو أخبار الحمل والمواليد الجدد، ويعتمد الأجر عادة على وضع الفنان ودرجة شهرته».
ولا يختلف الأمر كثيراً في المنطقة العربية، وفي مصر، حيث يحصل النجوم على أجر نظير ظهورهم الإعلامي. وهنا توضخ خلود أبو المجد، مسؤولة ملف الفن في قناة «أون»، لـ«الشرق الأوسط» أن «حصول النجوم على أجور أمر متعارف عليه في إعداد البرامج الآن، وإن كان هناك بعض الاستثناءات والتي تتم بناء على رغبة النجوم، حيث يتنازل بعضهم عن أجره كله أو جزء منه رغبة في الظهور في برنامج معين أو الترويج لعمل جديد مثلاً».
وتضيف خلود أبو المجد أن «المعدين لديهم قوائم حالياً تقسم النجوم لثلاث فئات وفقاً لدرجة شهرتهم، وعدد متابعيهم، وحجم وجودهم الإعلامي. وبناء على ذلك يتحدد أجر الفنان، الذي يتراوح من 5 آلاف جنيه للوجوه الجديدة، إلى 400 ألف جنيه لنجوم الصف الأول، وتتصدر الفنانة يسرا قائمة أعلى النجوم أجراً». وتضيف أن «الفنان عادل إمام خارج هذه القائمة لأنه يطلب مبلغاً كبيراً جداً، لا تقدر عليه القنوات وهو يفعل ذلك لأنه لا يرغب في الظهور إعلامياً»، كما تختلف أجور النجوم العرب، الذين عادة ما تدفع لهم القنوات بالدولار، وتتحمل تكلفة سفره وإقامته هو وفريق عمله. وتتابع خلود أبو المجد: «قد يحصل النجوم العرب على أجور مرتفعة بعض الشيء لأنهم يستقطعون عدة أيام من وقتهم للمشاركة في البرنامج، ويسافرون ويتركون منازلهم وعائلاتهم».
أيضاً، تشير خلود أبو المجد إلى أن أجر الفنان أو النجم يختلف حسب طبيعة البرنامج. وتذكر أن «برامج الألعاب والمسابقات تدفع مبالغ أكبر للنجوم، لأنها تطلب من النجوم القيام بتحديات أو المشاركة في ألعاب خارج فكرة الحوار التقليدية، كما أن أجر النجم في برامج الهواء يختلف عن أجره في البرامج المسجلة، ويدخل طول الفقرة أيضاً عاملاً في تحديد السعر». من ناحية أخرى، مع ضعف الميزانيات المخصصة للبرامج التلفزيونية، وللإعلام بشكل عام أخيراً، يواجه معدو البرامج تحدياً في إقناع النجوم في الظهور في برامجهم، بأجر أقل من المعتاد، أو دون أجر أحياناً، اعتماداً على علاقاتهم الشخصية بهم، وفقاً لخلود أبو المجد.

المشهد الدولي
فيما يخص المشهد الدولي، نشرت صحيفة «التلغراف» البريطانية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قائمة بأجور النجوم المشاركين في برنامج المسابقات البريطاني «أنا أحد المشاهير I’m a Celebrity، خلال عام 2020، فحصل مو (محمد) فرح، العداء البريطاني والبطل الأوليمبي الشهير، على300 ألف جنيه إسترليني، نظير ظهوره في برنامج المسابقات الذي يضع المشاهير في تحديات، وهذا المبلغ أقل بنحو 200 ألف جنيه إسترليني مما حصلت عليه الممثلة والرياضية الأميركية كاتلين جينر عام 2019.
أما صحيفة «صن» البريطانية فذكرت في تقرير بمنتصف عام 2020 أن «أجور النجوم تتفاوت من نصف مليون جنيه إسترليني إلى 250 جنيهاً»، مشيرة إلى «المغني الأميركي راي جي، الصديق السابق لنجمة تلفزيون الواقع الأميركية كيم كاردشيان، سجل أعلى رقم بحصوله على ما يقرب من مليون دولار نظير ظهوره في برنامج «سيليبريتي بيغ بروذر» Celebrity Big Brother عام 2017.
عودة إلى قضية بيغ رامي الأخيرة، القضية أثارت جدلاً حول أحقية النجوم عموماً، ونجوم الرياضة خصوصاً، في الحصول على أجر نظير ظهورهم الإعلامي، بحجة أن ظهورهم هو نوع من الدعاية والترويج لهم، وللعلم، سبق لرامي أن ظهر في عدد من البرامج مجاناً قبل حصوله على لقب «مستر أوليمبيا». وهو ما أكده بيغ رامي في تصريحات صحافية عقب الأزمة، مشيراً إلى أن «المسألة الآن في يد شركة العلاقات العامة الخاصة به، وهي التي تحدد المبلغ المطلوب نظير ظهوره الإعلامي».
وفي حين يرى إعلاميون أن ظهور النجوم في الإعلام نوع من الدعاية لهم ولأعماله، ولذلك لا يجب أن يحصلوا نظيره على أجر، بل على العكس قد يتطلب الأمر أن يدفعوا لقاء هذه الدعاية، ترى ساشا فرايت أن «المسألة لا يمكن تعميمها، فبعض النجوم لديهم متابعون، وجمهور كبير بحيث لا يحتاجون هذا النوع من الدعاية، وتشرح قائلة إنهم بظهورهم في البرنامج هو نوع من العمل الذي لا بد أن يحصلوا نظيره على أجر، ولا يمكن إقناعهم باستقطاع هذا الوقت للظهور الإعلامي من دون مقابل، خاصة أن الوسيلة الإعلامية تستفيد من ظهورهم تسويقياً».
لكن خلود أبو المجد تعتبر أن «المسألة فيها منفعة متبادلة، فالنجم يحصل على مقابل مادي، كما يروج لنفسه جماهيرياً. والقناة أو الوسيلة الإعلامية، تبيع الحلقة للمعلنين، وبذلك تستفيد هي مادياً». وفي هذا السياق تضرب المثل ببرنامج مسابقات الفنان رامز جلال، الذي يعرض سنوياً على قناة «إم بي سي». فتقول: «البرنامج يضم فقرات إعلانية كثيرة جداً، وبالتالي، من الطبيعي أن يدفع للنجوم مبالغ كبيرة نظير ظهورهم فيه».
وبينما تدافع خلود أبو المجد عن حق نجوم الفن والرياضة في الحصول على أجر نظير ظهورهم الإعلامي ترى أن «حصول الخبراء السياسيين والأطباء على أجر أمر غير مبرر، لأن دورهم تقديم خبراتهم للجمهور»، على حد تعبيرها.
ختاماً، يفرق خبراء بين نوعين من الظهور الإعلامي للنجوم: الأول هو الذي يسعى وراءه النجم سواء أكان فناناً أو ورياضياً أو حتى طبيباً بهدف الترويج لعمل أو فكرة جديدة، وهنا يحق للوسيلة الإعلامية أن تطالب النجم بمقابل مادي نظير الترويج لعمله. أما النوع الثاني فهو الذي تسعى إليه الوسيلة الإعلامية لتحقيق سبق صحافي، أو لعمل برنامج ترفيهي أو احتفالي في أيام الأعياد، وتعمل على تسويقه للمعلنين، للحصول على عائدات مالية، وهنا من حق النجم أن يطالب بمقابل مادي نظير ظهوره في هذا النوع من البرامج. لكن في كل الأحوال تبقى المسألة محل جدل في ظل الأزمات المالية التي تحيط بالعمل الإعلامي والتي أدت إلى تخفيض ميزانيات كثير من البرامج.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».