بيونغ يانغ تعد واشنطن «العدو الأكبر» لكوريا الشمالية

في أول تعليق لكوريا الشمالية على انتقال الرئاسة في الولايات المتحدة، وقبل أقل من أسبوعين من تنصيب الرئيس الأميركي الجديد، عدّت الولايات المتحدة عدوها الأكبر، وتوقع زعيمها كيم جونغ أون عدم تغيير سياسة واشنطن تجاه بيونغ يانغ بغضّ النظر عمّن يحكم البلاد. ومن دون أن يسمّي بايدن، قال كيم: «أياً يكن الشخص الموجود في السلطة (في الولايات المتحدة)، فإن الطبيعة الحقيقية لسياسته ضد كوريا الشمالية لن تتغير أبداً»، وفق ما نقلت الوكالة. جاءت تصريحات الزعيم الكوري الشمالي خلال عرضه تقرير عمل دام تسع ساعات وعلى مدى ثلاثة أيام، وذلك أمام مؤتمر عام لحزب العمّال الحاكم أوردت الوكالة الرسمية تفاصيله للمرة الأولى. وجاء خطاب كيم في نبرة لا تخلو من التحدي قبل أيام من تولي الرئيس المنتخب جو بايدن مهامه، متعهداً بمواصلة تطوير برامج بلاده النووية، حسبما نقلت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية عن وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أمس (السبت). ولم يصدر تعليق من وزارة الخارجية الأميركية. وامتنع متحدث باسم حملة بايدن عن التعليق.
وطالب كيم واشنطن بوقف سياستها العدائية تجاه بلاده. ودعا في تصريحاته إلى «السعي المتواصل لبناء قوة نووية من أجل سلامة شعبنا». وقال كيم إن مفتاح العلاقات المستقبلية بين البلدين هو إنهاء الموقف «العدائي» من البيت الأبيض. ونقلت الوكالة عن كيم قوله: «ينبغي تركيز أنشطتنا السياسية الخارجية وإعادة توجيهها نحو كبح الولايات المتحدة، أكبر عدو لنا والعقبة الرئيسية أمام تنميتنا المبتكرة». وقال كيم: «بغضّ النظر عمّن في السلطة في الولايات المتحدة، فإن الطبيعة الحقيقية للولايات المتحدة وسياساتها الأساسية تجاه كوريا الشمالية لا تتغير أبداً»، وتعهد بتوسيع العلاقات مع «القوى المستقلة المعادية للإمبريالية».
وتوقفت المحادثات النووية مع الولايات المتحدة منذ قمة فاشلة بين الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب وكيم، التي أُجريت في فيتنام في فبراير (شباط) 2019، وما زالت كوريا الشمالية معزولة دولياً بسبب برنامج أسلحتها النووية. وتعيق العقوبات المفروضة جراء برنامج الأسلحة تطورها الاقتصادي. وفي تقريره، أقر كيم بارتكاب أخطاء في السنوات الخمس الماضية وبأن «جميع القطاعات تقريباً لم تحقق الأهداف المحددة».
وخاض كيم وترمب في البدء حرباً كلامية وتبادلا التهديدات قبل انفراج دبلوماسي تجلّى بلقاءات قمة وإعلانات إعجاب من جانب الرئيس الأميركي. وكتب أنكيت باندا من «معهد كارنيغي إندوامنت» على «تويتر»: «حان وقت السداد فيما يتعلق بقمتي سنغافورة وهانوي»، مضيفاً أنّ «إدارة بايدن هي من سيسدد الثمن».
ويمثل تغيير الإدارة في واشنطن تحدياً لبيونغ يانغ التي وصفت سابقاً بايدن بأنه «كلب مسعور» ينبغي «ضربه حتى الموت»، بينما وصف الرئيس الأميركي المنتخب الزعيمَ الكوري الشمالي بأنه «بلطجي».
ومن المتوقع أن تعود واشنطن إلى نهج دبلوماسي أكثر تشدداً في ظل إدارة بايدن، يتمحور حول الإصرار على تحقيق تقدم كبير في محادثات على مستوى فرق العمل قبل التطلع إلى عقد لقاءات قمة. ويقول هاري كازيانيس من معهد المصلحة القومية في واشنطن، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، إن كيم «يرى أن الجمود لن يتغير في وقت قريب». وعملية التقارب مع ترمب توسَّط فيها الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي - إن، لكنّ كيم قال: إن سيول تنتهك الاتفاقات بين الكوريتين وتتجاهل تحذيراتنا لها بوجوب وقف التمارين العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة».
وخصصت بيونغ يانغ موارد هائلة لتطوير أسلحتها النووية وصواريخها الباليستية. وحققت تلك البرامج تقدماً سريعاً تحت قيادة كيم، ومن بينها تنفيذ أكبر تفجير نووي لها على الإطلاق حتى الآن، وصواريخ قادرة على الوصول إلى أنحاء البر الأميركي كافة، في مقابل عقوبات دولية كانت تزداد صرامة.
وخلال عرض عسكري في أكتوبر (تشرين الأول) جرى عرض صاروخ ضخم جديد، رأى محللون أنه أكبر صاروخ متحرك بالوقود السائل على الإطلاق، ومن المرجح جداً أنه قادر على حمل عدة رؤوس نووية.
وأكد كيم أن بيونغ يانغ أكملت خططها للتزود بغواصة تعمل بالطاقة النووية، ما من شأنه تغيير التوازن الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. وسلاح كهذا، في حال بنائه ودخوله الخدمة، يمكن أن يتيح لبيونغ يانغ أن تقرّب صواريخها خلسة من الولايات المتحدة، ما يقلّص فترة التحذير قبل أي إطلاق. وقال كيم إنه «تم الانتهاء من بحث تخطيطي جديد لغواصة نووية، وهو على وشك الدخول في عملية المراجعة النهائية». وأضاف أنه يتعين على بلاده «مواصلة تطوير التكنولوجيا النووية» وإنتاج رؤوس حربية نووية خفيفة وصغيرة الحجم لاستخدامها «وفقاً للأهداف المحددة». ومن غير المرجح أن ترد إدارة بايدن بقوة على تصريحات كيم نظراً إلى أنها «مجرد كلام»، وفق ما قال تشو سيونغ - ريون من معهد الأمن القومي الاستراتيجي في سيول لوكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف: «لكن إذا نفّذت كوريا الشمالية ذلك مع عمليات إطلاق استفزازية، أتوقع أن ترد (الولايات المتحدة) بصرامة».