تركيا تسعى إلى تكريس «وجود مؤثر» في الملف السوري

تريد {انجازات ميدانية} قبل انتقال بايدن إلى البيت الأبيض

آلية عسكرية تركية على طريق «إم 4» قرب بلدة أريحا بمحافظة إدلب يوم 4 يناير الجاري (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تركية على طريق «إم 4» قرب بلدة أريحا بمحافظة إدلب يوم 4 يناير الجاري (أ.ف.ب)
TT

تركيا تسعى إلى تكريس «وجود مؤثر» في الملف السوري

آلية عسكرية تركية على طريق «إم 4» قرب بلدة أريحا بمحافظة إدلب يوم 4 يناير الجاري (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تركية على طريق «إم 4» قرب بلدة أريحا بمحافظة إدلب يوم 4 يناير الجاري (أ.ف.ب)

َأرجعت مصادر تركية التصعيد الأخير في الاشتباكات والهجمات من جانب القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في عين عيسى بريف الرقة الشمالي وتل تمر بريف الحسكة، فضلاً عن منبج ومناطق تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشمال شرقي حلب، إلى تحرك عسكري ودبلوماسي تقوم به أنقرة لتكريس الأوضاع في مناطق نفوذها في شمال سوريا وتحقيق إنجازات على الأرض تضمن لها التأثير في العملية السياسية وذلك قبل تسلم الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن مهامها بحلول 20 يناير (كانون الثاني) الجاري.
وواصلت القوات التركية والفصائل الموالية لها، أمس، قصفها الصاروخي على مناطق ريف تل تمر، حيث طال القصف قرى وبلدات الكوزلية وتل اللبن وأم الخير ودردارا، ومحيط القاعدة الروسية الواقعة في منطقة المباقر شمال تل تمر، تزامناً مع تحليق لطيران الاستطلاع الروسي والتركي في أجواء المنطقة قرب الطريق الدولي حلب – الحسكة (إم 4).
وانخرط الطيران الروسي مع الطيران التركي في استطلاع أجواء المنطقة بعد عملية قصف نفذتها «قوات سوريا الديمقراطية» من منطقة كانت خاضعة لسيطرة القوات الروسية، أول من أمس، وصفتها مصادر عسكرية تركية بأنها محاولة للوقيعة والتأثير على التنسيق العسكري بين القوات التركية والروسية بموجب اتفاق سوتشي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، الذي توقفت بموجبه، وبموجب اتفاق سابق مع الولايات المتحدة في الشهر ذاته، عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شرق الفرات.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا تقوم بتحضيرات دبلوماسية وعسكرية تخص سوريا قبل تسلم جو بايدن السلطة في 20 يناير، وإن أنقرة تسعى إلى أنجاز الملفات التي تؤثر على توازنات المرحلة الجديدة في سوريا، وتنفيذ سياسات فاعلة تؤثر على سير التحركات في العملية الدستورية.
ونوقش الوضع في سوريا وتصعيد العمليات في شرق الفرات، خلال اجتماع المجلس الأعلى التركي الروسي في سوتشي قبل أسبوعين، برئاسة وزيري خارجية البلدين مولود جاويش أوغلو وسيرغي لافروف، سبقه الوصول إلى تفاهمات تتعلق بعين عيسى التي ترغب تركيا في السيطرة عليها باعتبارها نقطة الارتباط بين مناطق سيطرة «قسد» في غرب نهر الفرات وشرقه وعقدة المواصلات على طريق «إم 4». ولا ترغب روسيا في سيطرة تركيا على هذه البلدة وطرحت تسليمها للنظام السوري، لكن «قسد» لا تزال متمسكة بعدم الخروج منها.
وكرر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في الفترة الأخيرة، أن تركيا ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على ما وصفه بـ«الممر الإرهابي» و«العناصر الإرهابية» على الحدود مع سوريا. كما لوحت تركيا بعملية عسكرية كبيرة في شمال سوريا «إذا لم تلتزم الأطراف المختلفة بالاتفاقات التي تم التوصل إليها»، بحسب ما أشار إليه الرئيس رجب طيب إردوغان أكثر من مرة.
ووقعت تركيا والولايات المتحدة اتفاقاً في أنقرة في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، تلاه اتفاق مماثل مع روسيا وقع في سوتشي في 22 من الشهر ذاته، استهدفا وقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية ضد «قسد»، مقابل انسحاب أكبر مكوناتها، «وحدات حماية الشعب» الكردية، لمسافة 30 كيلومتراً بعيداً عن الحدود التركية الجنوبية مع سوريا.
وتوقعت مصادر تركية أن إدارة بايدن ستغير بعض أوجه السياسة الأميركية في سوريا مع تسلمها السلطة، باتجاه العمل مع الحلفاء والمنظمات الفاعلة، مشيرة إلى أن أنقرة تعتبر نفسها أبرز الحلفاء الفاعلين في الملف السوري. ولفتت إلى أن تركيا تقول إنها لن تغير موقفها في سوريا وإنها في واقع الأمر لا تستهدف سلامة أراضي سوريا ووحدتها، بل منع نشوء «ممر إرهابي» على حدودها، في إشارة إلى مناطق انتشار «وحدات حماية الشعب» الكردية.
ولا يقتصر الوضع على شرق الفرات، فقد أعادت تركيا التمركز في شمال غربي سوريا من خلال الانسحاب من نقاط محاصرة من قبل النظام ونقلها إلى جنوب إدلب واستحداث نقاط عسكرية جديدة في جبل الزاوية على خط التماس بين قوات النظام والمعارضة، ودفعت بتعزيزات عسكرية كثيفة إلى هناك، كما نشرت نقاطاً أمنية بطول طريق «إم 4» من ترنبة في شرق إدلب إلى عين حوب في ريف اللاذقية تنفيذاً لاتفاق وقف النار في إدلب الموقع مع روسيا في موسكو في 5 مارس (آذار) 2020.
وقالت المصادر إن هذه التعزيزات، بما في ذلك نشر نحو 12 ألف جندي تركي في المنطقة، باتت تشكل حائلاً أمام محاولات النظام التقدم إلى المعقل الأخير للمعارضة في إدلب رغم سعي روسيا لتمكينه من استعادتها ودعمه بدعوى القضاء على وجود الجماعات المتشددة.
واعتبرت المصادر التركية أن أنقرة ليست قلقة بشكل كبير من تولي إدارة بايدن، وأن الاتفاقات التي توصلت إليها مع كل من الولايات المتحدة وروسيا في منبج وشرق الفرات ستضمن لها الحفاظ على تواجدها، وأنها ستعمل مع كل من واشنطن وموسكو لتحقيق أهدافها وبخاصة إبعاد «وحدات حماية الشعب» الكردية عن حدودها إلى مسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً ومنع حدوث تغيير في إدلب يؤدي إلى موجة جديدة من اللاجئين.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.