مدن اليمن تنتفض.. ومسيرات شعبية غاضبة رفضا للانقلاب الحوثي

محافظ شبوة يكلف قيادات عسكرية من المحافظة لتسلم معسكرات الجيش.. والحوثي يحظر سفر وزراء وقيادات جنوبية بصنعاء

محتجون يمنيون على وجود الحوثيين وسيطرتهم على البلاد في مظاهرات خرجت أمس بعد صلاة الجمعة في صنعاء (أ.ف.ب)
محتجون يمنيون على وجود الحوثيين وسيطرتهم على البلاد في مظاهرات خرجت أمس بعد صلاة الجمعة في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

مدن اليمن تنتفض.. ومسيرات شعبية غاضبة رفضا للانقلاب الحوثي

محتجون يمنيون على وجود الحوثيين وسيطرتهم على البلاد في مظاهرات خرجت أمس بعد صلاة الجمعة في صنعاء (أ.ف.ب)
محتجون يمنيون على وجود الحوثيين وسيطرتهم على البلاد في مظاهرات خرجت أمس بعد صلاة الجمعة في صنعاء (أ.ف.ب)

بعد 24 ساعة من الفراغ الدستوري الذي يعيشه اليمن بعد استقالة الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور وحكومة خالد بحاح أول من أمس، خرجت مظاهرات حاشدة في مدن يمنية رفضا للانقلاب الذي يقوده الحوثيون على الدولة، في ظل تزايد المخاوف من اتجاه البلاد إلى التفكك والتمزق، بعد إعلان عدد من المحافظات توقف تنفيذ التوجيهات من العاصمة صنعاء، فيما حاصرت ميليشيات الحوثي منازل وزراء وقيادات جنوبية بصنعاء وفرضت عليهم الإقامة الجبرية ومنعوهم من السفر عبر مطار صنعاء.
وانتفضت 4 مدن في مظاهرات حاشدة مناهضة للحوثيين، أمس الجمعة، للمطالبة بتسليم مؤسسات الدولة وسحب مسلحيهم، فقد شهدت كل من (مدينة تعز، وإب، وصنعاء، والحديدة)، مسيرات احتجاجية معيدة بذلك أجواء الثورة الشبابية التي أطاحت بالرئيس السابق عام 2011. ففي محافظة تعز وسط البلاد، خرج عشرات آلاف من اليمنيين الغاضبين في مسيرات بشوارع المدينة عقب صلاة الجمعة، نددوا فيها بممارسات الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح، وسيطرتهم على مؤسسات الحكومة، بقوة السلاح، ورفع المتظاهرون الذين طافوا بشوارع المدينة لافتات قماشية تدعو لثورة شعبية لاستعادة الدولة، ورفضا لما وصفوه الثورة المضادة، مرددين شعارات: «ثورة ثورة شعبية، لا عفاش لا حوثية»، و«ثورة ثورة من جديد، لا أحمد ولا السيد»، مطالبين قيادة المحافظة برفض تنفيذ أي توجيهات من صنعاء، وفي العاصمة صنعاء، تظاهر بضع عشرات من الشباب في مسيرات رمزية ضد الحوثيين، في ساحة التغيير وسط صنعاء، وردد المتظاهرون هتافات نددت بالانقلاب على مؤسسات الدولة، ودعوا الشعب اليمني لاستكمال الثورة المنهوبة من قبل ميليشيا الحوثي، مطالبين بإطلاق سراح المعتقلين والمخفيين قسرا من شباب ثورة 2011، المعتقلين في سجون الأجهزة الأمنية ومعتقلات الحوثي، فيما انتشر العشرات من جنود قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي)، في محيط منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، لأول مرة منذ اقتحام الحوثيين للقصر الرئاسي ومنزل هادي، وأكد شهود عيان وجود عدد من جنود الحماية الخاصة بهادي.
وتعيش العاصمة صنعاء فراغا دستوريا بعد استقالة هادي وحكومة بحاح، وهو ما يعد فشلا للمرحلة الانتقالية التي بدأت قبل 3 سنوات عبر المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي التي لم تستطع أن توقف الحوثيين والرئيس السابق عن تنفيذ انقلابهم ضد مؤسسات الدولة الشرعية ممثلة بالرئيس والحكومة، فيما تنتظر معظم معسكرات الجيش وأجهزة الأمن في المحافظات وأغلبها محافظات جنوبية، وشرقية، ما ستسفر عنه الأحداث في العاصمة صنعاء، التي تمتلك القرار المركزي لإدارة الوحدات العسكرية والأمنية عبر وزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة المستقيلة، وسط مطالبات لقيادات عسكرية بالانتفاض لحماية البلاد واستعادة شرعية الدولة. وتشهد صنعاء لليوم الثاني على التوالي توترات أمنية بعد محاصرة الحوثيين منازل وزراء وقيادات في الحكومة المستقيلة أغلبهم من الجنوب، وفرض المسلحون الإقامة الجبرية على منازل وزراء ومسؤولين بالدولة. وبحسب مصادر محلية فإن مسلحي الحوثي حاصروا في وقت متأخر من مساء أول من أمس، منزل وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي ورئيس جهاز الأمن القومي اللواء علي حسن الأحمدي، وزير الشؤون القانونية محمد أحمد المخلافي، قيد الإقامة الجبرية، ووزير الإدارة المحلية عبد الرقيب سيف فتح، وقيادات جنوبية أخرى، ومنع الحوثيين سفر الشخصيات الحكومية والقيادات العسكرية عبر مطار صنعاء.
إلى ذلك أعلنت محافظات بشرق وجنوب البلاد، وقف تنفيذ أي توجيهات تأتي من العاصمة صنعاء، بعد يوم من إعلان 4 محافظات قطع علاقتها بصنعاء، وأعلنت قيادة إقليم سبأ في محافظة مأرب انضمامها، لإقليمي عدن وحضرموت، ودعت إلى تشكيل تحالف موحد ضد الحوثيين، فيما أكد محافظ شبوة أحمد باحاج في اجتماع قبلي أمس، أن السلطات المحلية وأجهزة الدولة في المحافظة، لن تنفذ أي توجيهات من صنعاء، احتجاجا على الانقلاب على الشرعية الدستورية للرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، وأوضحت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن المحافظ أكد استمرار قطع إنتاج الغاز والنفط، وأنه أصدر أوامر بتكليف قيادات عسكرية من أبناء المحافظة لتسلم المعسكرات الخاضعة لسلطتها، وتكليف قيادات مدنية لإدارة لجان شعبية لحفظ الأمن والاستقرار في المحافظة، معتبرا أن ما يحدث في صنعاء، هو انقلاب على المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة، وكان المحافظ أعلن قبل أيام، توقف الشركات النفطية في محافظة شبوة، ومغادرة 50 عاملا أجنبيا المنطقة، ما أدى إلى توقف العمل في أهم الموانئ الاستراتيجية للنفط والغاز، في منطقة بلحاف الذي يعد الميناء الرئيسي لتصدير الغاز المسال، وكشفت مصادر تجارية أن اليمن أعلن حالة القوة القاهرة بخصوص شحنات الغاز الطبيعي المسال من محطة بلحاف بسبب تدهور الوضع الأمني عقب سقوط الحكومة، ويعني مصطلح «القوة القاهرة»، هو بند في العقد يسمح للمشترين أو البائعين بالتراجع عن التزاماتهم بسبب أحداث خارجة عن إراداتهم، وتدير شركة توتال الفرنسية مرفأ بلحاف لتصدير الغاز الذي تبلغ طاقته 6.7 مليون طن سنويا ويصدر الغاز المسال بالأساس إلى آسيا وبعض الدول الأوروبية. ونقلت «رويترز» عن مصدر مطلع قوله «إنه نظرا للظروف السياسية وقعت مناوشات يوم الاثنين قرب القصر الرئاسي، أصدرت الحكومة تعليمات للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بعدم إغلاق المحطة ولكن بتهيئتها لخفض الإنتاج، وإعلان حالة القوة القاهرة».
من جهته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست أمس إنه «ليس واضحا» لإدارة أوباما ما إن كانت إيران لها سيطرة على المتمردين الحوثيين في اليمن.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.