خلاف بين عون وبري حول الجهة الصالحة لتفسير الدستور

TT

خلاف بين عون وبري حول الجهة الصالحة لتفسير الدستور

أثارت دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الدستوري إلى تفسير الدستور، وعدم الاكتفاء بمراقبة دستورية القوانين، ردود فعل رافضة، أبرزها من رئيس البرلمان نبيه بري الذي أكد أن دور «المجلس» هو المراقبة، فيما تبقى مهمة التفسير للبرلمان، قبل أن يعود بعدها أمين سر تكتل «التيار الوطني الحر» النائب إبراهيم كنعان ويوضح أن موقف عون مطلب إصلاحي لوجوب منح المجلس الدستوري هذه الصلاحية.
وقال عون، خلال لقائه أمس رئيس المجلس الدستوري وعدداً من أعضائه: «إن دور المجلس الدستوري لا يجوز أن يقتصر على مراقبة دستورية القوانين، بل كذلك تفسير الدستور، وفق ما جاء في الإصلاحات التي وردت في وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف في عام 1989».
وعد رئيس الجمهورية أنه «من الطبيعي أن يتولى المجلس الدستوري، وهو ينظر في دستورية القوانين، تفسير الدستور، لأن القوانين تصدر انسجاماً مع القواعد الدستورية المحددة، وتترجم نية المشرع المرتكزة أساساً على نصوص الدستور».
وتحدث عن «وجود ثغرات في النصوص التي تحدد صلاحيات الوزراء، لا سيما أولئك الذين يتقاعسون عن تنفيذ القانون، ويمتنعون عن تطبيق قرارات مجلس الوزراء ومجلس شورى الدولة، إضافة إلى تجميدهم مراسيم ترتب حقوقاً لمستحقيها، وذلك خلافاً لأي نص قانوني أو دستوري»، داعياً إلى «معالجة هذه المسألة لأنها تؤثر سلباً على مصالح الدولة والمواطنين في آن واحد، وذلك من خلال إيجاد نصوص تمنع أي التباس في مسار عمل الوزراء».
ورد رئيس البرلمان نبيه بري، في بيان له، على عون، مؤكداً أن «دور المجلس الدستوري مراقبة دستورية القوانين، من دون أن يتعداها إلى تفسير الدستور».
وأوضح: «تبياناً لما ورد عن لسان فخامة رئيس الجمهورية لرئيس وأعضاء المجلس الدستوري، فإن دور هذا المجلس هو مراقبة دستورية القوانين، من دون أن يتعداها إلى تفسير الدستور الذي بقي من حق المجلس النيابي دون سواه، وهذا أمر حسمه الدستور ما بعد الطائف بعد نقاش ختم بإجماع في الهيئة العامة، اقتضى التصويب».
وأيد الوزير السابق نقيب محامي طرابلس السابق رشيد درباس موقف بري، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «خلال مناقشة وثيقة الطائف، تم البحث وطرح إمكانية منح صلاحية تفسير القوانين للمجلس الدستوري الذي تقع عليه مهمة مراقبة دستورية القوانين، لكن الاتفاق الأخير رسا على ترك مهمة التفسير للبرلمان. وبالتالي، فإن كلام الرئيس عون يستند إلى محاضر مناقشات الطائف في وقت علينا السير بالنصوص وتطبيقها التي تبقى المرجع النهائي، وليس المحاضر التي يقوم بعضهم باللجوء إليها في هذه الفترة».
ومن الناحية السياسية، يعد درباس أن هذه المحاولات ليست إلا محاولات ونزوع للسيطرة على البلد، قانونياً وقضائياً.
وتوالت المواقف الرافضة لطلب عون، حيث أكد النائب في كتلة «التنمية والتحرير» (كتلة بري) النائب قاسم هاشم، عبر حسابه على «تويتر»، أن «تفسير الدستور أنيط حصرياً بالمجلس النيابي دون سواه، من خلال نقاش الطائف ونقاش الهيئة العامة لمجلس النواب، وما عدا ذلك إنما من باب الاجتهادات التي اعتدنا عليها في مقاربة كل القضايا، وإن ابتعدت عن الحقيقة الواضحة الراسخة التي لا تحتاج إلى أي جديد».
ووصف النائب المستقيل مروان حماده كلام عون بالخرق الجديد للدستور، وقال: «خرق جديد للدستور ارتكبه رئيس الجمهورية صباح اليوم في كلامه الموجه إلى المجلس الدستوري، في محاولة منه لنزع سلطة تفسير الدستور من المجلس النيابي».
وبعد هذه الانتقادات، عاد أمين سر تكتل لبنان القوي (التيار الوطني الحر) النائب إبراهيم كنعان ليوضح أن موقف عون هدفه إصلاحي، وقال في تغريدة له على «تويتر»: «موقف فخامة الرئيس المتعلق بصلاحية تفسير الدستور، ووجوب منحها للمجلس الدستوري، مطلب إصلاحي ينطلق مما هو معتمد في أغلبية الدول الديمقراطية، لا سيما فرنسا. وكان قد ورد في وثيقة الوفاق الوطني قبل تعديلها في الهيئة العامة آنذاك، علماً بأن الصلاحية لا تزال -وبحسب الدستور- للمجلس النيابي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».