اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين شرق البلاد

المعلومات تحدثت عن هجوم أكثر من 200 عنصر على أحد المواقع العسكرية

جنود  لبنانيون مع آلياتهم العسكرية في منطقة جرود رأس بعلبك لجهة الحدود اللبنانية السورية أمس (أ.ف.ب)
جنود لبنانيون مع آلياتهم العسكرية في منطقة جرود رأس بعلبك لجهة الحدود اللبنانية السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين شرق البلاد

جنود  لبنانيون مع آلياتهم العسكرية في منطقة جرود رأس بعلبك لجهة الحدود اللبنانية السورية أمس (أ.ف.ب)
جنود لبنانيون مع آلياتهم العسكرية في منطقة جرود رأس بعلبك لجهة الحدود اللبنانية السورية أمس (أ.ف.ب)

تصدى الجيش اللبناني يوم أمس الجمعة لهجوم مسلح حاول خلاله عشرات المسلحين الذين توافدوا من جرود المنطقة الحدودية الشرقية الفاصلة بين لبنان وسوريا، احتلال أحد مراكزه المتقدمة في منطقة جرود رأس بعلبك، ما أدى لمقتل وجرح عدد من عناصر الجيش والمسلحين. وقد تعرضت هذه النقطة لأكثر من هجوم في الأشهر الماضية من قبل عناصر من تنظيمي داعش وجبهة النصرة.
واستخدم الجيش في عملياته التي استمرت منذ ساعات صباح يوم الجمعة حتى ساعات المساء الأسلحة الصاروخية والمدفعية كما سلاح الطيران، مستهدفا آليات المسلحين الذين بعدما سيطروا لبعض الوقت على موقع تلة الحمرا، تمت مهاجمتهم من قبل عناصر الجيش، ما أدّى لوقوع الكثير من القتلى والجرحى في صفوفهم، فيما استعاد الجنود اللبنانيون مواقعهم.
وأشار بيان صادر عن قيادة الجيش إلى أنّه «على أثر الكمين المتقدّم الذي نفذته وحدة من الجيش ليل الأربعاء الفائت، لعدد من المسلحين المتسللين باتجاه حاجز وادي حميد في منطقة عرسال، وأوقع 4 قتلى في صفوفهم، وعددا آخر من الإرهابيين في جرود المنطقة، بالإضافة إلى إحباط الجيش محاولة نقل سيارة مفخخة إلى الداخل اللبناني، هاجمت مجموعات من التنظيمات الإرهابية مركز مراقبة متقدما جدا للجيش في تلّة الحمرا في جرود رأس بعلبك لجهة الحدود اللبنانية السورية»، لافتا إلى أنّه «وبنتيجة الاشتباكات العنيفة التي حصلت بين قوى الجيش والمجموعات الإرهابية، أحكمت هذه القوى سيطرتها على التلّة المذكورة، بعد أن قامت بطرد العناصر الإرهابية التي تسلّلت إليها، موقعة في صفوفها عددا كبيرا من الإصابات بين قتيل وجريح. وقد سقط للجيش من جراء الاشتباكات عدد من الشهداء والجرحى».
وأكّدت القيادة «استمرار وحدات الجيش بتعزيز إجراءاتها واستهداف نقاط تجمع المسلحين ومسالك تحركهم في أعالي الجرود بالأسلحة الثقيلة، بالإضافة إلى تمشيط منطقة الاشتباكات بحثا عن مسلحين مختبئين».
وقال هشام العرجا، رئيس بلدية رأس بعلبك لـ«الشرق الأوسط» إن «الإرهابيين هاجموا مركز الجيش في تلة الحمرا صباح الجمعة إلا أن الجيش تصدى لهم وتمكن من محاصرتهم في النقطة المقابلة في تلة مخيريمة»، لافتا إلى أن أصوات المدفعية التي استخدمت لضربهم كانت تُسمع وسط البلدة.
ونفى العرجا أن يكون سكان البلدة نزحوا منها مع تكرار الهجمات عليها في الآونة الأخيرة، لافتا إلى أن «وجود أكثر من 7 آلاف جندي لبناني في المنطقة يجعلهم مطمئنين».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر عسكري تأكيده سقوط «شهداء وجرحى في صفوف الجيش اللبناني»، مضيفا أن «الجيش حقق إصابات في صفوف المسلحين فقتل عددا منهم وأصاب آخرين بجروح». وقال المصدر إن الجيش «يستخدم المروحيات في معاركه مع المسلحين».
وأوضح مصدر أمني أن الاشتباكات اندلعت إثر مهاجمة مجموعة من المسلحين قدمت من منطقة القلمون السورية المحاذية للبنان، مركزا للجيش في منطقة رأس بعلبك. وأوضح المصدر أن عدد المسلحين كان كبيرا ويناهز المائتين.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام بأن الجيش تمكن من تدمير 5 آليات للمسلحين وأوقع عددا من القتلى والجرحى بينهم قادة من مسلحي «جبهة النصرة».
ويأتي الهجوم بعيد تفكيك الجيش يوم أول من أمس الخميس سيارة مفخخة قرب حاجز عين الشعب في منطقة عرسال شرق البلاد.
وكان 6 عسكريين لبنانيين قتلوا في كمين مسلح تعرضت له دورية للجيش في منطقة جرود رأس بعلبك مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي أعقبته اشتباكات عنيفة بين الجيش ومسلحين، غداة الإعلان عن أن فريقا بريطانيا أشرف في يوليو (تموز) الماضي على بناء 12 برجا في منطقة رأس بعلبك «لمنع سقوطها في أيدي مسلحي (داعش) وبالتالي ارتكاب مجازر بحق سكانها»، باعتبار أنه قبل إنشاء الأبراج كان تسلل الإرهابيين الموجودين في الوادي المقابل في خربة داود سهلا إليها. ومكّنت الإجراءات الجديدة المتخذة وحدات الجيش من صد نحو 3 هجمات على البلدة مع حلول فصل الشتاء.
وطمأن قائد الجيش العماد جان قهوجي بعد لقائه النائب عن حزب «الكتائب» سامي الجميل إلى أن «قوى الجيش تقوم بمهماتها على أكمل وجه، وهي قادرة على صد أي محاولة للتسلل إلى القرى الآمنة في شرق البقاع أو العبث بالاستقرار الداخلي على الأراضي اللبنانية كافة».
وردّ رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد المتقاعد هشام جابر الهجمات المتكررة للمسلحين على منطقة رأس بعلبك لكونها «نقطة ضعيفة تماما كمنطقتي الفاكهة والقاع»، لافتا إلى أن «هؤلاء المسلحين بعدما تم قطع الإمدادات عنهم بنسبة 90 في المائة ونظرا للظروف المناخية الصعبة التي يرزحون تحتها في منطقة وجودهم في جرود عرسال، يسعون لتحقيق خرق معين من خلال القرى التي تشكل خاصرة رخوة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد دخولهم إلى بلدة عرسال التي شكلت لهم بيئة حاضنة في وقت من الأوقات أمرا متاحا مع تشديد الجيش إجراءاته كثيرا في المنطقة، كما أن مهاجمة بلدات ذات أكثرية شيعية يوجد فيها حزب الله كبريتال ليس خيارا سهلا بالنسبة لهم».
ولم يستبعد جابر أن يكون المسلحون يسعون إلى احتلال بلدة رأس القاع واتخاذ أهلها رهائن، طارحا حلين للهجمات المتكررة على مراكز الجيش: «فإما تتعاون قيادة الجيش اللبناني مع الجيش السوري بناء على الاتفاقات العسكرية بين الدولتين والمنبثقة من المعاهدة القائمة بين البلدين، أو يتم تسليح وتنظيم مئات العسكريين المتقاعدين من سكان البلدات الحدودية ليدافعوا عن قراهم بإطار حرس وطني، باعتبار أن عديد الجيش غير كاف لضبط الحدود بنسبة 100 في المائة».
وكانت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة اندلعت مساء الخميس داخل بلدة عرسال في حي الشفق بين عناصر من «داعش» ومجموعة «زهران علوش» من الجيش الحر على خلفية عمليات خطف أشخاص سوريين من قبل «داعش» بقوة السلاح. وأشارت الوكالة الوطنية للإعلام إلى أن المواجهات أدّت لوقوع عدد من الإصابات.
وبالتزامن مع التطورات العسكرية شرق البلاد، شدّد الجيش من الإجراءات والتدابير الأمنية التي يتخذها عند الحواجز ومداخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوبا، فقام بالتدقيق بأوراق السيارات وبهويات المارة.
قضائيا، أوقف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر 3 أشخاص، وادعى عليهم في 3 ملفات بجرم الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح بهدف القيام بأعمال إرهابية والاشتراك في القتال في أحداث طرابلس (شمالا) والاعتداء على الجيش.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.