مسؤول في {حماس} يتحدث عن «أنفاق إسرائيلية» إلى عمق غزة

اتهم قائداً في «كتائب القسام» بالتعاون مع إسرائيل

TT

مسؤول في {حماس} يتحدث عن «أنفاق إسرائيلية» إلى عمق غزة

أثار شريط مصور أطلقه القائد العسكري في حماس، باسل صالحية، موجة عاصفة في قطاع غزة، واهتماما من سياسيين وجهات إعلامية إسرائيلية، بسبب حديثه عن تمكن إسرائيل من حفر أنفاق داخل قطاع غزة، متنبئا بحرب إسرائيلية باستخدام تلك الأنفاق.
وقال صالحية، المعروف بكنيته العسكرية «أبو عماد الطيار»، خلال الشريط، إن لديه معلومات كثيرة قدمها للقيادة السياسية، منها اتهامه قائد الذراع العسكرية للحركة المعروفة باسم «كتائب القسام»، مروان عيسى، بالتعاون مع إسرائيل. لكن القيادة لم تعالج المشكلة، بل قام قادة حماس بفصله والتشكيك في مصداقيته. وأضاف: توجهت بهذه المعلومات إلى الأخ يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، فأجابني: «هذه معلومات خطيرة. إما أن تكون خيالية تدل على شطط عندك أو صحيحة وخطيرة، وعندها يجب أن تعين أنت قائدا لكتائب القسام».
وقال: «في الوقت الذي كان فيه سكان إسرائيل اليهود في البلدات المحيطة بقطاع غزة، يشكون من سماع أصوات حفر بماكينات كهربائية، واعتقدوا أن حماس هي التي تحفر، تبين أن من يحفر الأنفاق هي إسرائيل». وأضاف أن إسرائيل قامت بشراء قطع أرض وبيوت في قطاع غزة بواسطة عملائها، وبدأت تحفر الأنفاق في قلب القطاع، بما يزيد على 20 نفقا.
وعرض خريطة توضح شبكة الأنفاق الإسرائيلية، تظهرها وهي تمتد من شرق القطاع إلى غربها. وهناك 25 فتحة داخل القطاع. وهناك تسجيلات صوتية ورسائل مكتوبة بين جنود إسرائيليين دخلوا غزة عبر الأنفاق بسيارات عسكرية. وتحدث عن عملاء لإسرائيل معروفين بالاسم. وروي أنه عرض هذه المعلومات والخرائط على 8 شخصيات رفيعة، بينهم رئيس حماس، إسماعيل هنية، وأعضاء المكتب السياسي، محمود الزهار، ويحيى السنوار وخليل الحية ومحمد ضيف، وغيرهم. «وقد استمعوا وقرأوا باهتمام شديد، ولكن الأمر لم يعالج بشكل سليم، حتى يومنا هذا».
واتهم القائد العسكري في حماس، باسل صالحية، هذه القيادة، بالمسؤولية عن اغتيال القائد المسؤول عن الموارد المالية، مازن فقها، في عام 2017. فقال إن حماس تلقت، قبلها، معلومات عن نية إسرائيل اغتيال فقها، وتم إبلاغ القيادة بمكان تنفيذ العملية المتوقع. وعلى إثر ذلك فرضت حراسة مشددة عليه، ولكن، فجأة تم رفع هذه الحراسة تماما، بأمر من قائد المخابرات أبو أحمد نوفل. وبالفعل تم اغتيال فقها لاحقا، في المكان نفسه، كما جاء في البلاغ. وشكلت لجنة تحقيق في الموضوع، انتهت إلى اتهام عدد من القادة، بالإهمال، مع التوصية بإقالتهم. ولكن قائد الذراع العسكرية في حماس، مروان عيسى، رفض قبول التوصية وأبقى هؤلاء المسؤولين في أماكنهم.
وذكر صالحية، حادثة أخرى تتعلق بأحد العناصر الذي كان يعمل تحت قيادته. فقال: لقد وجدت أن هذا العنصر فاسد. وأردت إقالته ومحاسبته. وحاولت التواصل مع محمد ضيف، وغيره، ولم أنجح. وقال لي ضيف إنه مريض وطلب مني أن أجتهد، فجلست مع العنصر وحققت معه لمدة ساعتين. وعرفت منه كثيرا من الأسرار. وللأسف في اليوم التالي عثر على الرجل متوفيا. وقد تبرعت من مالي الخاص لدفع ديته لأهله، مع أنهم لم يطلبوا ذلك. وقد عرضت المعلومات على السنوار. فشكل لجنة تحقيق. ولكن مروان عيسى تدخل وألغيت اللجنة.
وقال صالحية إن هناك توصيات أخرى تتعلق بإقالة عدد من المسؤولين الأمنيين، لكن عيسى لم يلتزم بها. وفي الجزء الأخير من الشريط يعلن صالحية عن حرب تخطط لها إسرائيل ضد قطاع غزة قبيل العشرين من هذا الشهر. وقال إن هذه الحرب ستتم من خلال الأنفاق الإسرائيلية الممتدة في عمق القطاع. وإن الجنود الإسرائيليين سيرتدون زي جنود حماس، وسيستخدم العملاء، وقسم منهم معروفون له، وأنه سلم قائمة بأسمائهم إلى قادة حماس. ولكنهم ما زالوا طلقاء وأحرارا. وتوقع أن يهربوا خلال الحرب إلى إسرائيل. وحذر من أن خطة إسرائيل تشمل تصفية مقاتلي حماس داخل الأنفاق التي شقتها حماس في غزة وباتت معروفة لإسرائيل، وتوقع أن يتم قتلهم باستخدام أسلحة كيماوية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم