واشنطن تكشف شبكة «غسل أموال» إيرانية وتصادر 7 ملايين دولار

وزارة العدل أعلنت تخصيصها لضحايا الإرهاب

واشنطن تكشف شبكة «غسل أموال» إيرانية وتصادر 7 ملايين دولار
TT

واشنطن تكشف شبكة «غسل أموال» إيرانية وتصادر 7 ملايين دولار

واشنطن تكشف شبكة «غسل أموال» إيرانية وتصادر 7 ملايين دولار

كشفت وزارة العدل الأميركية عن إحباط مخطط إيراني في إطار شبكة دولية للقيام بعمليات غسل أموال والاحتيال بمبالغ اقتربت من مليار دولار، وأعلنت مصادرة 7 ملايين دولار من الأموال الإيرانية، ستخصصها في دفع تعويضات لأميركيين ضحايا أعمال «إرهابية» برعاية طهران.
وقالت الوزارة في بيان صحافي مساء الأربعاء، إن الأموال المصادرة كانت «جزءاً من مؤامرة إيرانية دولية معقدة امتدت إلى جميع أنحاء العالم»، مشددة على أن الغاية من المؤامرة «انتهاك نظام العقوبات الاقتصادية الدولية الذي فرضته الولايات المتحدة على إيران وشمل العديد من الرعايا الإيرانيين وغيرهم، الذين قاموا عن طريق الاحتيال بتحويل ما يقرب من مليار دولار من الأموال المملوكة لإيران إلى حسابات في جميع أنحاء العالم».
وقال ديفيد بيرنز، القائم بأعمال مساعد المدعي العام بالقسم الجنائي بوزارة العدل، في البيان الصحافي، إن «الأموال المصادرة كانت مخصصة لجهات إجرامية شاركت في مخطط تفصيلي لخرق العقوبات الأميركية ضد إيران، وهي إحدى الدول الراعية للإرهاب في العالم»، وأضاف «بفضل المساعدة من شركاء أميركا والجهود المشتركة للقسم الجنائي، ومكتب المدعي العام الأميركي في ولاية ألاسكا، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ومصلحة الضرائب الأميركية، سيتم استخدام الأموال المصادرة لتعويض ضحايا الدول الراعية للإرهاب».
ونوه البيان، بأنه ابتداءً من عام 2011 وحتى 2014 عمد بعض المتآمرين بمن فيهم ثلاثة مواطنين إيرانيين، إضافة إلى مواطن أميركي، بالاحتيال على البنوك الكورية الجنوبية من خلال تقديم مستندات مزيفة تُظهر أن الشركات الإيرانية تجري أعمالاً تجارية مشروعة مع الشركات الكورية، مفيداً بأنه بناءً على هذه الوثائق المزيفة، نجح المتآمرون في تحويل ما يقرب من مليار دولار من الأموال المملوكة لإيران بشكل غير قانوني من كوريا الجنوبية إلى الأسواق المالية العالمية.
ويواجه المواطن الأميركي كينيث زونغ، 47 تهمة لتآمره في القضية، وهو من سكان ولاية ألاسكا، وجميع تلك التهم تتعلق بانتهاك قانون القوى الاقتصادية الطارئة الدولية ولوائح المعاملات والعقوبات الإيرانية؛ إذ قدم خدمات غير قانونية للحكومة الإيرانية، وتآمر بارتكاب عمليات غسل الأموال، منوهاً البيان بأن كينيث لا يزال في كوريا الجنوبية، حيث أكمل مؤخراً عقوبة تزيد على خمس سنوات لانتهاكه القانون الكوري كجزء من المخطط نفسه.
وأشار البيان إلى أن المتآمرون حوّلوا الأموال المملوكة لإيران إلى حسابات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مدينة أنكوراج بولاية ألاسكا، وفي عام 2018، حكم قاضٍ فيدرالي على ميتشل زونغ (أي ابن كينيث زونغ) بالسجن لمدة عامين ونصف العم لدوره في غسل ما يقرب من 968000 دولار من الأموال المشتقة من إيران، مع العلم أن الأموال جاءت من معاملات والده غير القانونية مع المواطنين الإيرانيين.
وفي دعوى مدنية منفصلة للمصادرة، أُمر ميتشل زونغ وأفراد آخرون من عائلته بمصادرة أصول بقيمة 10 ملايين دولار تقريباً للولايات المتحدة، والتي تم شراؤها بأموال يمكن عزوها إلى نشاط غير القانوني في عام 2011 بالعاصمة الكورية الجنوبية، سيول، وبالإضافة إلى محاكمة المتهمين، كينيث زونغ وميتشل زونغ، ولا تزال معلقة في المحكمة الجزئية الأميركية بولاية ألاسكا. كما قدم مكتب المدعي العام الأميركي شكوى مصادرة أموال محتجزة في صندوق ثروة سيادي في الإمارات، وكانت هذه الأموال، التي يمكن عزوها أيضاً إلى المخطط، جزءاً من دفعة مقدمة قام بها المتآمرون الإيرانيون لشراء فندق شيراتون في مدينة تبليسي بولاية جورجيا في عامي 2011 و2012.
وستخصص السلطات مبلغ 7 ملايين دولار لصندوق ضحايا الإرهاب الذي ترعاه الدولة في الولايات المتحدة، والذي أسسه الكونغرس لتقديم تعويضات لبعض الأفراد الذين أصيبوا في أعمال الإرهاب الدولي الذي ترعاه الدولة، بما في ذلك ضحايا وضع الرهائن في السفارة الأميركية عام 1979 في إيران، من بين الآخرين، وفق بيان الادعاء العام.
بدوره، أكد روبرت بريت، الوكيل الخاص بمكتب «أنكوراج الميداني» التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي، أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) سوف يلاحق بقوة أولئك الذين يساعدون ممولي الإرهاب، «وأولئك الذين يسيئون استخدام النظام المالي الأميركي في هذه العملية».



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.