نتنياهو يطلب تأجيل محاكمته... وغانتس يدرس الاعتزال

ترافقاً مع التراجع في شعبية كل منهما

الاحتجاجات الإسرائيلية سخرت من نتنياهو وغانتس معاً وطالبت برحيلهما (أ.ف.ب)
الاحتجاجات الإسرائيلية سخرت من نتنياهو وغانتس معاً وطالبت برحيلهما (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يطلب تأجيل محاكمته... وغانتس يدرس الاعتزال

الاحتجاجات الإسرائيلية سخرت من نتنياهو وغانتس معاً وطالبت برحيلهما (أ.ف.ب)
الاحتجاجات الإسرائيلية سخرت من نتنياهو وغانتس معاً وطالبت برحيلهما (أ.ف.ب)

مع ظهور نتائج استطلاعات الرأي الجديدة التي تشير إلى احتمال تراجع «الليكود» برئاسة بنيامين نتنياهو إلى 27 مقعداً (له اليوم 36 مقعداً)، واحتمال سقوط حزب «كحول لفان» برئاسة وزير الأمن، بيني غانتس، وعدم تجاوز نسبة الحسم اللازمة لدخول الكنيست (البرلمان)، واحتمال فقدان «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، برئاسة أيمن عودة، ثلث قوتها، يفتش قادة الأحزاب عن سبل لصد التدهور قبل اقتراب موعد الانتخابات، المقرر يوم 23 مارس (آذار) القادم.
ففي ساحة «الليكود»، توجه محامو نتنياهو بطلب جديد إلى المحكمة المركزية في القدس، أمس الأربعاء، لتأجيل محاكمته شهراً واحداً على الأقل. وحسب قرار سابق للمحكمة، يفترض أن تبدأ، منذ يوم الاثنين القادم، المداولات حول لائحة الاتهام المتضمنة ثلاث تهم فساد خطيرة، هي تلقي الرشى وممارسة الاحتيال وخيانة الأمانة، وستعقد ثلاث جلسات للمحكمة في الأسبوع. ويدرك نتنياهو أن مجرد ظهوره في المحكمة وجلوسه في قفص الاتهام، سوف يمس بمكانته ويضعف شعبيته، لذلك يطلب تأجيل بدء الجلسات إلى شهر فبراير (شباط) القادم. والحجة التي تذرع بها محامياه، بوعاز بن تسور وعميت حداد، هي أنهما يريدان تقديم طلب آخر لإلغاء لائحة الاتهام، بادعاء أن النيابة العامة لم تسلمهما مصادقة المحكمة على بدء جلسات التحقيق ضد موكلهما، كما ينص القانون. وأضاف المحاميان في طلب التأجيل أنهما يبحثان إمكانية تقديم طلب حصانة جديد إثر تعديل لائحة الاتهام. وانضم إلى الطلب بقية المتهمين في الملف، رجل الأعمال شاؤول ألوفيتش وزوجته إيريس، وناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت» أرنون موزيس.
وأما غانتس فإنه متحير في أي اتجاه يسير، وحسب مصدر مقرب منه، فإن أفكاره تتجه نحو حلول مختلفة تبدأ في التصميم على مواصلة المعركة الانتخابية مهما كلف الثمن، أو الانضمام إلى حزب آخر من الأحزاب التي تخوض المعركة الانتخابية وحتى اعتزال السياسة. وقد نقل المحلل السياسي لصحيفة «معريب»، بن كسبيت، أمس، عن أشخاص تحدثوا مع غانتس في الأيام الأخيرة، قولهم إن الانطباع لديهم هو أن الخيار الأكثر واقعية أمامه، التنحي وعدم خوض الانتخابات القريبة. وأضاف كسبيت أنه بموجب هذا الانطباع: «فإن خيار التنحي موجود في مكان مرتفع قياساً بالاحتمالات الأخرى؛ لأن الانضمام إلى (حزب «ييش عتيد» برئاسة يائير) لبيد، قد سقط، ويبدو أن الشراكة مع رئيس الحزب الجديد «الإسرائيليون»، رون خولدائي، كذلك سقط؛ لأنه غير معني بشراكة كهذه. هذا بالإضافة إلى أن حزب «العمل» ليس في اللعبة؛ لأن الاستطلاعات تتوقع ألا يتجاوز نسبة الحسم. ولهذا، فإن الإمكانيات التي بقيت متاحة أمام غانتس هي الانضمام إلى تحالف أحزاب اليمين المتطرف «يمينا»، برئاسة نفتالي بنيت، في حال انشقاق عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش عنه.
ولا يستبعد أن يكون الخيار الأنسب له هو التحالف مع «يمينا»؛ خصوصاً أن غانتس لا يعتبر بنيت متطرفاً، فهو نفسه قام، أمس، بزيارة إلى المستوطنات في منطقة نابلس بوصفه وزيراً للأمن ومسؤولاً عن الاستيطان. وصرح بأنه يرى أن أي حل للصراع مع الفلسطينيين يجب أن يضمن بقاء الاستيطان بأيدي إسرائيل. ولكن المستوطنين لم يتقبلوا أقواله، إذ إنهم لا ينسون له دوره في تجميد مخطط الضم، ويعتبرون أقواله اليوم نفاقاً انتخابياً. وقد صرح النائب متان مهانا، من تحالف «يمينا»، أمس، لإذاعة «103FM» في تل أبيب، بأن إمكانية تحالف غانتس مع «يمينا» هو أمر «واقعي جداً، إنما بعد الانتخابات». ولكن الناطق بلسان حزب «كحول لافان»، رد عبر «تويتر»، بالقول، إنه «لا تجري مفاوضات مع (يمينا)، ولن يخوضا الانتخابات معاً، وإن غانتس يعتزم خوض الانتخابات حتى النهاية من أجل التيقن من رحيل بيبي (بنيامين نتنياهو). وحتى ذلك الحين، سيركز غانتس، بصفته وزير أمن، على محاربة (كورونا)، والدفاع عن الدولة ضد التهديدات الخارجية، والدفاع عن جهاز القضاء ضد تهديدات داخلية، كونه وزيراً للقضاء أيضاً».
أما في «القائمة المشتركة»، فإن نتائج استطلاعات الرأي التي تتنبأ بانخفاض تمثيلها من 15 إلى 10 نواب، في الانتخابات القادمة، تثير قلقاً جدياً لدى قادتها، وهم يجرون عدة لقاءات لمجابهة هذا التراجع.
ويجمع المراقبون على أن أحد الأسباب الأساسية لهذا التراجع، هو الشعور بأن نتنياهو تمكن من تشتيت صفوفها بعلاقاته مع «الحركة الإسلامية» التي لا تستبعد التعاون معه مقابل تحصيل حقوق للمواطنين العرب في إسرائيل. لذا تجري الآن محاولة للملمة أطراف القائمة ومنع تفسخها من جديد.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.