تعويل على عودة الحريري لتحريك مشاورات الحكومة

السنيورة التقى بري ودعا عون إلى التصرف «كرئيس للجمهورية»

تعويل على عودة الحريري لتحريك مشاورات الحكومة
TT

تعويل على عودة الحريري لتحريك مشاورات الحكومة

تعويل على عودة الحريري لتحريك مشاورات الحكومة

سجّل يوم أمس بعض الحراك السياسي على خط تأليف الحكومة اللبنانية رغم الجمود السلبي الذي يسيطر على المشاورات منذ آخر لقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قبل عيد الميلاد، في وقت دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي الطرفين إلى مصالحة وتشكيل حكومة إنقاذ.
وفيما يبقى الترقب سيد الموقف حول الخطوات المقبلة التي ستشهدها مشاورات الحكومة، تلفت مصادر مطلعة على الحراك السياسي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التعويل الآن يرتكز على عودة الحريري إلى لبنان بعدما غادر بيروت في عطلة الأعياد لإعادة تحريك المشاورات، وتلفت إلى «الضغط» الذي يمارسه الراعي وآخره أمس في دعوته للمصالحة، ما من شأنه أن ينعكس إيجابا في مكان ما على تذليل العقد العالقة.
وعقد رئيس البرلمان نبيه بري يوم أمس لقاء مع رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة من جهة ومع النائب طلال أرسلان من جهة أخرى.
وفيما أكد السنيورة على إيجابية لقائه ببري، دعا بعد اللقاء الرئيس عون إلى «أن يتصرف كرئيس للجمهورية وليس كرئيس للتيار الوطني الحر» والعمل على تشكيل حكومة إنقاذ من اختصاصيين مستقلين.
وشدد السنيورة «على ضرورة أن يتعالى الجميع عن المشكلات والبدء من خلال الإسهام الحقيقي في التوصل إلى تأليف حكومة إنقاذ من الاختصاصيين غير الحزبيين المستقلين أصحاب الكفاءة الذين يستطيعون أن يؤلفوا مع رئيسهم مجموعة متضامنة متناغمة قادرة على أن تخطو الخطوة الأولى وتتابع بعد ذلك باتجاه الخروج من هذا المأزق الكبير الذي أصبحنا الآن على مقربة من الارتطام الكبير».
وتوقف السنيورة عند ما قال «إنها فقرة صغيرة وردت في القمة الخليجية يوم أول من أمس، وتعبر عما يجول في فكر المسؤولين العرب في الخليج والعالم العربي وهم كرروا ما يقوله كل محب للبنان لأن اللبنانيين يضيعون أوقاتهم إذا فكروا بتأليف حكومة تلبي مصلحة السياسيين ولا تلبي مصلحة اللبنانيين، وأيضاً تستطيع أن تستعيد ثقة اللبنانيين بالدولة وبالحكومة العتيدة وتستعيد ثقة المجتمعين العربي والدولي».
وأضاف «أمام فخامة الرئيس ودولة الرئيس خياران لا ثالث لهما، إما تأليف حكومة ترضي السياسيين وبالتالي تولد هذه الحكومة ميتة ولا يطلع من أمرها شيء، وإما أن تؤلف حكومة تلبي مطامح اللبنانيين الشباب الذين يريدون نمطاً ومقاربات جديدة في معالجة المشكلات، وأيضاً تبدأ بالخطوة الأولى نحو استعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي اللذين عبرهما نستطيع أن نخطو الخطوات باتجاه استعادة الثقة بالدولة اللبنانية واستعادة ثقة المؤسسات الدولية بالدولة اللبنانية واستعادة أيضاً ثقة أصدقائنا في العالم لمد العون للبنان».
من هنا أكد السنيورة «هذان الخياران لا ثالث لهما وكل يوم نتأخر فيه في تأليف الحكومة هو فعلياً على الأقل شهر إضافي من الآلام والأوجاع والمشكلات والمصائب التي تحل على لبنان. والمسؤولون عن هذا الأمر طبيعي أولاً فخامة الرئيس لأنه هو الذي أوكله الدستور من أجل حماية الدستور، وهو عليه هذه المهمة الكبرى التي يتطلب منه فعلياً إدراك حقيقي لحجم المشكلات وبالتالي المبادرة لأن يتصرف كرئيس للجمهورية وليس كرئيس للتيار الوطني الحر».
وشدد السنيورة على ضرورة «العودة لاحترام الدستور» والعودة للدولة اللبنانية التي لا بديل عنها لإخراج لبنان من هذه الأزقة والزواريب التي أصبحنا فيها، وأن تصبح الدولة صاحبة القرار الأوحد بما يحفظ اللبنانيين ويحفظ لبنان بدلاً من أن نترك لبنان في هذا المهاوي التي لا خروج منها بعد ذلك.
وأمس، وجه البطريرك الراعي نداء إلى عون والحريري طالبا منهما «لقاء وجدانيا، لقاء مصالحة شخصية، لقاء مسؤولا عن انتشال البلاد من قعر الانهيار، بتشكيل حكومة إنقاذ بعيدة ومحررة من التجاذبات السياسية والحزبية، ومن المحاصصات»، طالبا كذلك «من جميع القوى السياسية المعنية، تسهيل هذا التشكيل. فالسياسة فن شريف للبناء».
وأتت دعوة الراعي بعد ساعات على عودة السجالات بين «التيار الوطني الحر» ورئيس الحكومة المكلف، إثر اتهام «التيار» الحريري باختلاق العراقيل ودعوته للعودة من السفر للانكباب على تأليف الحكومة.
وكان تكتل «لبنان القوي» دعا الحريري في بيان له «إلى تحملّ مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية فيتوقف عن استهلاك الوقت ويعود من السفر لينكبّ على ما هو مطلوب منه وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل».
ورد مكتب الحريري في بيان له على «لبنان القوي» متحدثا عن عودته إلى «سياسته المفضلة بتحميل الآخرين مسؤولية العراقيل التي يصطنعها عن سابق تصور وتصميم»، مؤكدا أن «الرئيس المكلف قام بواجباته الوطنية والدستورية على أكمل وجه وقدم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية من اختصاصيين غير حزبيين مشهود لهم بالكفاءة والنجاح وهو ينتظر انتهاء رئيس الجمهورية من دراستها».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».