جدل في المغرب حول تصفية نظام معاشات أعضاء «المستشارين»

«الأصالة والمعاصرة» المعارض رفض الصيغة المقترحة

من جلسات البرلمان المغربي
من جلسات البرلمان المغربي
TT

جدل في المغرب حول تصفية نظام معاشات أعضاء «المستشارين»

من جلسات البرلمان المغربي
من جلسات البرلمان المغربي

تراجع مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، مساء أول من أمس، عن المصادقة على مقترح قانون يقضي بتصفية نظام معاشات أعضائه، بسبب بعض النقاط الخلافية.
جاء ذلك بعدما صادق مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) على مقترح قانون مماثل بتصفية نظام معاشاته الذي أصيب بالإفلاس.
وكانت لجنة المالية بمجلس المستشارين قد صادقت الاثنين الماضي، بالإجماع، على مقترح قانون تصفية نظام معاشات أعضاء المجلس، وأحيل النص إلى جلسة عمومية مساء أول من أمس. لكن مستشارين من حزب الأصالة والمعاصرة المعارض رفضوا الصيغة المقترحة للتصفية، وكانوا يستعدون للتصويت ضدها، ما دفع أعضاء المجلس إلى الاتفاق على إعادة النص إلى لجنة المالية، وتأجيل المصادقة عليه.
ويدور الجدل أساسا حول الرصيد المتبقي في الصندوق، الذي يدبر نظام المعاشات، والذي ينص مقترح القانون على اقتسامه بين أعضاء مجلس المستشارين الحاليين والسابقين.
وهاجم النائب العربي المحرشي، المنتمي لفريق الأصالة والمعاصرة، في تسجيل مصور عملية اقتسام رصيد صندوق المعاشات، وطالب بعدم توزيع مساهمات الدولة، والاكتفاء فقط بمساهمات المنخرطين، بل إنه اقترح تحويل هذه المبالغ إلى صندوق تدبير جائحة كورونا. لكن هذا الموقف خلف انزعاجا لدى أغلبية أعضاء المجلس، الذين سبق أن اتفقوا في لجنة المالية على طريقة تصفية الصندوق.
وينص مقترح القانون، المثير للجدل، على أن يوزع رصيد احتياطي المعاشات على أعضاء الغرفة الثانية، سواء تعلق الأمر بمساهمات المنخرطين، أو بمساهمات إدارة مجلس المستشارين، بالشكل التالي: إذا سبق للمنخرط أو المستفيد أن حصل على معاش وكان مجموع ما حصل عليه يفوق مجموع مبالغ المساهمات الكلية المستحقة، فإنه «يعاد له مبلغ يساوي حاصل الفرق بين مبالغ المساهمات الكلية ومبالغ المعاشات المذكورة»، وإذا لم يسبق للمنخرط أو المستفيد أن حصل على أي مبلغ معاش، فيعاد له مجموع مبالغ المساهمات الكلية، التي سبق اقتطاعها قبل تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ من التعويض البرلماني الممنوح له. أما إذا سبق للمنخرط أو المستفيد أن حصل على معاش، وكان مجموع مبالغ المعاشات التي تم قبضها يفوق مجموع مبالغ واجبات المساهمات الكلية المستحقة للنظام، قبل تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ أو يعادله، «فلا يصرف أي مبلغ للمعني بالأمر».
وبعد صرف الجزء الأول من الصندوق، سيتم صرف ما تبقى من رصيد احتياطي النظام «بالتساوي على المستفيدين والمنخرطين، الذين تجاوزت مدة انتدابهم سنتين».
ويخضع صندوق المعاشات، المتعلق بأعضاء مجلس المستشارين، لقانون خاص، ويتوفر على احتياطات مالية، لكنه مرشح للإفلاس في 2023. ويساهم كل نائب فيه بـ2900 درهم (290 دولارا) شهريا في الصندوق. فيما يدفع مجلس المستشارين عنه 2900 درهم أخرى، أي ما مجموعه 5800 درهم شهريا، (580 دولارا).
وعقب انتهاء ولاية النائب بعد ست سنوات فإنه يحصل مباشرة على معاش قدره 5000 درهم شهريا (500 دولار)، ويمكنه أنه يحصل على مبلغ أكبر إذا أمضى أكثر من ولاية في المجلس.
وتشير المعطيات إلى أن صندوق معاشات أعضاء الغرفة الثانية في البرلمان المغربي يعاني من فقدان التوازن بين موارده ومصاريفه، لأن عدد أعضاء المجلس لا يتعدى 120 عضوا، فيما عدد أعضاء المجلس السابقين، الذين تصرف لهم معاشات يصل إلى حوالي 350، ولذلك يتوقع أن يعرف الصندوق أزمة خلال السنوات القليلة المقبلة، كما حدث لصندوق معاشات أعضاء مجلس النواب، الذي توقف عن صرف المعاشات لأكثر من 1000 عضو سابق منذ أكتوبر 2017، بسبب إفلاسه.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.