احتياطي «المركزي» لتمويل دعم المواد الأساسية ينفد بعد شهرين

تفاوت التقديرات بحجم الأموال المتبقية بين أرقام الحكومة وأرقام «مصرف لبنان»

TT

احتياطي «المركزي» لتمويل دعم المواد الأساسية ينفد بعد شهرين

حجب الانشغال الحكومي باشتداد تفشي وباء «كورونا» وشؤون الاستشفاء واللقاحات المتصلة به جزئيا ملف دعم تمويل السلع الأساسية الذي لا يقل سخونة في معطياته وفي تداعياته على الأمن الغذائي والمعيشي، وخصوصا مع قرب الاضطرار إلى اعتماد آليات جديدة تكفل إعادة توزيع الدعم المتاح بما يتناسب مع نفاد الاحتياطيات القابلة للاستخدام بالدولار لدى مصرف لبنان المركزي.
وتطالب القوى السياسية بترشيد الدعم في ظل الأزمتين المالية والمعيشية اللتين يرزح تحتهما لبنان، وظهرت اقتراحات سياسية عديدة تسعى لتمديد فترة الدعم عبر حجبه عند بعض السلع والإبقاء عليه على سلع أخرى ضرورية، علما بأن «المصرف المركزي» يوفر الدولار لدعم المحروقات والأدوية والطحين وسلع غذائية أساسية.
وإذ تكشف البيانات المالية التي وثقتها وزارة المال أن مبالغ تمويل السلع المدعومة بالسعر الرسمي للدولار البالغ 1515 ليرة وبسعر منصة البنك المركزي البالغ 3900 ليرة لكل دولار ناهزت 5 مليارات دولار في العام الماضي، فإن رقم الاحتياطي المتبقي لا يزال أشبه باللغز بين تقديرات حكومية بنزوله تحت عتبة المليار دولار، وبين تقدير حديث لحاكم المركزي رياض سلامة بأنه يقارب المليارين.
وفي الحالتين، تشير مصادر اقتصادية متابعة إلى أن المتوسط الشهري لتغطية تمويل السلع المدعومة يراوح بين 500 و600 مليون دولار. وهذا يعني تلقائيا أن الاحتياطي يكفي بين شهرين كحد أدنى وأربعة أشهر كحد أقصى وفق الآلية المعتمدة حاليا، والقائمة على تمويل استيراد المحروقات والدواء والقمح بنسبة 85 في المائة بالسعر الرسمي، وتمويل استيراد سلة سلع غذائية ومواد أولية أساسية بالنسبة عينها بسعر المنصة.
وبحسب أحدث البيانات المالية التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» هبط إجمالي احتياطي العملات الصعبة لدى البنك المركزي إلى نحو 24 مليار دولار في نهاية العام 2020، وهو يتضمن قيداً «حسابياً» يبلغ 5 مليارات دولار كسندات دين دولية. مما يعني أن الصافي يبلغ فعليا نحو 19 مليار دولار، بينما تبلغ ودائع الزبائن بالدولار في المصارف نحو 110 مليارات دولار، أي أن الاحتياطيات العائدة لهذه الودائع تناهز 16.5 مليار دولار.
ومع تعذر عقد اجتماعات دستورية لمجلس الوزراء تبعا لتحول الحكومة إلى مهام «تصريف الأعمال» بعد استقالتها عقب كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) من العام الماضي، يتأخر حسم إقرار الاقتراحات البديلة لإطالة أمد الدعم والاحتواء المبكر لانفجار أزمة معيشية عاتية عند بلوغ استحقاق نفاد الاحتياطيات القابلة للاستخدام. ويتصدر هذه الاقتراحات منح بطاقات تمويل لنحو 500 ألف أسرة تحصل بموجبها على مبلغ شهري يوازي 400 دولار أميركي، أي نحو 2.4 مليار دولار سنويا، وبحيث يطال الدعم 60 في المائة من الأسر اللبنانية على أساس لوائح واضحة تبرز الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة من خلال خلق منصة لقاعدة بيانات مشتركة بين مختلف الإدارات الرسمية.
ويرصد المعنيون الخيار الذي سيجري اعتماده والمسارات التنفيذية لحصيلة الاقتراحات التي توصلت إليها اللجان الوزارية المختصة، والتي عقدت اجتماعات مطولة برئاسة رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب قبيل نهاية العام الماضي، وخلصت، بحسب معلومات توفرت لـ«الشرق الأوسط»، إلى قناعة مشتركة مفادها أن «إعادة النظر بسياسة الدعم قضية محورية وأولوية وهاجس وطني ومطلب خارجي من قبل صندوق النقد الدولي والدول المانحة، بسبب تبعاتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية، إضافة إلى تبعاتها المباشرة على المالية العامة وعلى احتياطيات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية».
وعلم أن وزارة المال تقترح إلغاء الدعم عن عدد كبير من السلع لأنها أظهرت عدم جدواها واستفاد منها عدد من كبار التجار والمستوردين، وذلك بالترافق مع إقرار مجموعة إجراءات بديلة لإعادة توزيع الشريحة الأكبر من الدعم التمويلي للمحروقات إلى جانب اعتماد البطاقة التمويلية المدعومة. ولحظت، في هذا النطاق، ضرورة رفع الدعم تدريجياً عن مادة البنزين مع دراسة إمكانية إعطاء تعويض لسيارات التاكسي وحافلات نقل الركاب الصغيرة بهدف لجم ارتفاع تكلفة النقل، والإبقاء على دعم مادة المازوت «مقابل مكافحة التهريب الحدودي والتخزين والتلاعب بالأسعار وتوجيهه لمستحقيه وليس للمهربين». وبالتوازي رفع التعريفة في فواتير الكهرباء وفق الشرائح حيث تذهب صعوداً مع زيادة الاستهلاك وتضمن عدم المس بالطبقة الفقيرة والمحتاجة.
في المقابل، وتحت الضغوط الشديدة الناجمة عن أولوية مكافحة الوباء، يتخوف مصرفيون ومسؤولون ماليون من تحول دراماتيكي تظلله لاحقا قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»، وينتج عن ضبابية تأمين التمويل في الفترة المقبلة سواء ضمن المنهجية القائمة أو المعدلة، وخصوصا بعد التمادي في تأخير إعلان وإقرار الآليات البديلة التي عملت على صوغها الوزارات المعنية وفي مقدمتها إصدار بطاقات دعم نقدي لصالح أصحاب المداخيل المتدنية وتعوض جزءا من فوارق الأسعار المرتقبة بعد تخفيف الدعم أو رفعه نهائيا عن السلع الاستراتيجية والأساسية.
وتكمن الهواجس بإمكانية الاضطرار إلى استخدام جزء من الاحتياطيات الإلزامية للمصارف لدى البنك المركزي، مما سيشرع الأبواب أمام استسهال الحلول «المؤقتة» اعتمادا على ما تبقى من احتياطيات الودائع بالدولار لدى الجهاز المصرفي. وهو ما قد يثير قلقا إضافيا لدى المودعين في البنوك، باعتبار أن لكل وديعة نسبة 15 في المائة من قيمتها محفوظة لدى مصرف لبنان كاحتياطي إلزامي.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.