قائد القسام يدعو إلى توحد قوى المقاومة لمواجهة إسرائيل

البعض اعتبر الخطوة دليلا على استئناف العلاقات بين حماس وحزب الله

قائد القسام يدعو إلى توحد قوى المقاومة لمواجهة إسرائيل
TT

قائد القسام يدعو إلى توحد قوى المقاومة لمواجهة إسرائيل

قائد القسام يدعو إلى توحد قوى المقاومة لمواجهة إسرائيل

أثارت رسالة وجهها محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله «للتعزية» و«التبريك» بقتلى الغارة الإسرائيلية على القنيطرة هذا الأسبوع، اهتماما واسعا في فلسطين وإسرائيل ولبنان؛ إذ فسرها البعض على أنها دليل قاطع على استئناف العلاقات بين حماس وحزب الله، وذلك بعد سنوات من التوتر والقطيعة بسبب الخلافات حول الموقف من الأزمة في سوريا.
ودعا الضيف، المعروف بتجنبه الظهور للعلن، أو إعطاء رأيه في المواضيع المحلية والإقليمية، «قوى المقاومة» للاتحاد ضد إسرائيل. وجاء في رسالته: «إن هذه الدماء تمثل صرخة مدوية وصفعة شديدة في وجه المتخاذلين». كما شدد على أنه من «واجب كل قوى المقاومة الحية الملتزمة الرافضة للاسترقاق للمشروع الإسرائيلي أن تتحد معا في مشروع واحد مقابل مشروع الاستسلام للعدو وأعوانه».
ونشرت قناة «المنار» اللبنانية رسالة الضيف، كما نشرتها وسائل الإعلام التابعة لحركة حماس، وذلك في مؤشر على أنه يرغب في أن تخرج الرسالة إلى العلن.
وقد جاءت رسالة الضيف بعد رسالة الشكر التي وجهها أبو عبيدة، الناطق باسم القسام، الشهر الماضي إلى إيران.
ويعكس موقف القسام رغبة في عودة العلاقات «العسكرية» مع إيران وحزب الله؛ إذ كانا يزودان مقاتلي القسام بالتدريبات والتجهيزات العسكرية، قبل الخلاف الذي دب بينهما حول الموقف من الحرب الدائرة في سوريا. وعزز من هذا التوجه رسالة ثانية من إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي في حماس، تقدم فيها إلى نصر الله وقيادة حزب الله، وإلى عائلات «الشهداء»، بأحر التعازي، وقال في رسالته: «إذا ظن العدو أنه باغتيال القادة يكسر إرادة الأمة ومقاومتها المتصاعدة فإن سياسته فاشلة».
وتحولت رسالة الضيف إلى مادة للنقاش على مواقع التواصل الاجتماعي، ووجد أنصار حركة حماس، الذين دأبوا على مهاجمة إيران وحزب الله، حرجا شديدا في تفسير الرسالة، فيما وجد فيها مناصرو الحزب دليلا على أنه لا غنى للقسام عن حزب الله.
وعلى الجانب المقابل، التقطت إسرائيل رسالة الضيف التي حظيت بكثير من التحليل كذلك، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعكف على قراءة الرسالة. كما أكدت مصادر إسرائيلية أن جهاز «أمان» (الاستخبارات) يسعى إلى تحليل ما إذا كانت الرسالة تحمل أي مضامين ما بين السطور.
وفي تل أبيب قال مراقبون إن أهم ما في الرسالة هو التأكيد على أن الضيف ما زال حيا، رغم إعلان إسرائيل أنه استهدف في غارة على منزل زوجته في غزة إبان الحرب الأخيرة، بينما قال آخرون إنها رسالة إلى إسرائيل بأن الذراع العسكرية لحركة حماس بدأت في ترميم العلاقة مع حزب الله. فيما رأى محللون إسرائيليون أن الرسالة تهدف إلى الضغط على قيادة حركة حماس السياسية بأن خيار القسام هو عودة العلاقات مع إيران وحزب الله.
وكانت العلاقات بين حماس من جهة، وإيران وحزب الله من جهة ثانية، قد تجمدت لسنوات إلى الحد الذي بدأ فيه عناصر حماس ومناصروها مهاجمة إيران والحزب، فيما يأخذ مناصرو إيران والحزب على حركة حماس تنكرها لليد التي امتدت لسنوات طويلة من أجل مساعدتها. لكن خلال العام الماضي بدأت اتصالات لإعادة العلاقات في لبنان، حيث التقى ممثلون عن حماس مسؤولين إيرانيين في يونيو (حزيران) 2013 داخل السفارة الإيرانية لدى لبنان لمناقشة العلاقات، وتركز النقاش حول الأزمة السورية ووضع المخيمات في لبنان، والدعم الإيراني للحركة كذلك.
وكانت قدرات حركة حماس المالية قد تأثرت كثيرا بعد تراجع الدعم الإيراني للحركة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصل وفد قيادي رفيع المستوى من حركة حماس إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة رسمية استمرت عدة أيام، وتكررت الزيارات لاحقا لأسباب مختلفة، فيما يعتقد أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، سيزور طهران في أي وقت معلنا فتح صفحة جديدة مع إيران.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.