تونس: تعليق «الوطني الحر» مشاوراته بشأن تشكيل الحكومة التونسية يعزز حظوظ «النهضة»

منع بث حوار تلفزيوني مع أمني إثر اعترافه بممارسة التعذيب في عهد بن علي

تونس: تعليق «الوطني الحر» مشاوراته بشأن تشكيل الحكومة التونسية يعزز حظوظ «النهضة»
TT

تونس: تعليق «الوطني الحر» مشاوراته بشأن تشكيل الحكومة التونسية يعزز حظوظ «النهضة»

تونس: تعليق «الوطني الحر» مشاوراته بشأن تشكيل الحكومة التونسية يعزز حظوظ «النهضة»

أكدت عدة أطراف سياسية تونسية، أن إعلان حزب «الاتحاد الوطني الحر» تعليق مشاركته في مشاورات تشكيل الحكومة التي يقودها الحبيب الصيد، وقالت: إن هذا القرار قد يفتح أبواب الدعم والمشاركة أمام حركة النهضة ويقوي حظوظها في دخول الحكومة الطامحة إلى الحصول على أكبر نصيب من الثقة عند التقدم إلى البرلمان.
وأثر التقارب الحاصل بين حركة نداء تونس وحركة النهضة على حظوظ بعض الأطراف السياسية المنضمة إلى التحالف الحكومي بزعامة نداء تونس، في مجال التفاوض بشأن الحقائب الوزارية وحجم المشاركة في الحكومة المقبلة. وتستند حركة نداء تونس الفائزة بـ86 مقعدا برلمانيا، على الدعم المفترض الذي تلقاه من حركة النهضة الإسلامية الحاصلة على المرتبة الثانية بـ69 مقعدا برلمانيا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وتتطلب عملية نيل ثقة البرلمان حصول الحكومة على الأغلبية المطلقة المقدرة 109 أصوات فحسب.
وعزا الاتحاد الوطني الحر الفائز بالمرتبة الثالثة في الانتخابات البرلمانية أسباب تعليق مشاركته في المشاورات إلى «عدم الالتزام بالاتفاق السابق والتغيير من جانب واحد للأطراف الأساسية المعنية بالمفاوضات». كما أشار إلى «الغموض أصبح يكتنف المشهد العام للمشاورات».
وفي هذا الشأن، قال محسن حسن المتحدث باسم «الاتحاد الوطني الحر» في تصريح لوسائل الإعلام، إن حزبه علق المشاورات ولم يقطعها، وهو بذلك يبحث عن شروط أفضل للتشاور السياسي بشأن تركيبة الحكومة. وقال: «إن الحزب لا يعترض على الاستئناس بآراء ومواقف بقية الطيف السياسي، ولكن مشاورات تشكيل الحكومة على حد قوله تدور بين 3 أطراف سياسية أساسية، وهي نداء تونس، والاتحاد الوطني الحر، وحزب آفاق تونس، وهي الأحزاب التي أعلنت منذ البداية عن تحالف حكومي يجمع بينها».
وعرض الحبيب الصيد رئيس الحكومة المكلف حقيبة وزارية وكتابة دولة على قيادات «الوطني الحر»، وهي مناصب وزارية قد «لا ترقى إلى مستوى تطلعات الحزب الفائز بالمرتبة الثالثة في الانتخابات البرلمانية»، ما أدى إلى تعليق مشاركته في المشاورات الحكومية.
وجمع أمس لقاء بين الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية وسليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر في محاولة لإثنائه عن قراره وإقناعه بضرورة المشاركة إلى جانب بقية الشركاء في الحكم.
وأبدت حركة النهضة استعدادها للمشاركة في الحكم، إلا أن مشاركتها تلقى صدا من قبل بعض القيادات في حركة نداء تونس إلى جانب تحالف الجبهة الشعبية.
وبشأن التعطيل المحتمل للمشاورات النهائية حول التحالف الحكومي، قال بو جمعة الرميلي، المدير التنفيذي لحركة نداء تونس لـ«الشرق الأوسط»، إن حل هذه الإشكالية موكول بالأساس إلى رئيس الحكومة المكلف المدعو لضمان حد أدنى من الدعم المريح لحكومته إبان عرضها على البرلمان، ورجح أن تعرض تشكيلة الحكومة الجديدة على البرلمان يوم 26 يناير (كانون الثاني) الحالي.
على صعيد متصل، ذكرت مصادر برئاسة الحكومة التونسية الحالية، أن اتفاقا جرى بين مهدي جمعة والحبيب الصيد يقضي بتسليم المهام إلى الحكومة الجديدة يوم 28 يناير (كانون الثاني) الحالي. وقد تشكلت لهذا الغرض لجنة خاصة برئاسة الحكومة وهي منكبة على إعداد الملفات الحكومية. والجدير بالذكر، أن مهام حكومة جمعة قد انتهت رسميا إثر الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وقد دعاه الباجي قائد السبسي إلى مواصلة مهامه إلى حين الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة.
على صعيد آخر، قررت المحكمة الابتدائية بتونس (محكمة مختصة في النظر في قضايا الإرهاب) منع بث حوار تلفزيوني في كل وسائل الإعلام التونسي مع أحد الإطارات الأمنية التونسية إثر اعترافه بممارسة التعذيب ضد قيادات سياسية ونقابية في عهد الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي. وقال سفيان السليطي، المتحدث باسم المحكمة في تصريح لوسائل الإعلام، إن البرنامج الذي تقرر منع بثه تضمن «تباهيا وافتخارا بالتعذيب بما قد يكون له تداعيات على الأمن العام في تونس»، على حد تعبيره. وقررت النيابة العمومية من ناحيتها فتح تحقيق قضائي ضد التونسي كمال المرايحي المعروف باسم «شقيف». كما اتخذت وزارة الداخلية قرارا بإيقافه عن العمل وإحالته على القضاء بعد اعترافه بجريمة التعذيب التي لا تسقط بمرور الزمن، واعترف «شقيف» أمام الرأي العام التونسي في ومضة إشهارية لبرنامج تلفزيوني، بأنه «عذب ونكل» بالمعارضين.
وعرفت فترة حكم بن علي عدة أسماء أمنية اشتهرت بتعذيب المساجين السياسيين من بينهم اسم «شقيف» و«بوكاسا»، وهما من أشهر الأسماء التي نشطت كثيرا في الأقبية المظلمة لوزارة الداخلية التونسية.
في الوقت نفسه، قال زهير مخلوف، عضو هيئة الحقيقة والكرامة، إن الهيئة المعنية بمحاسبة المذنبين في حق التونسيين من 1956 إلى 2014 تلقت منذ يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) الماضي قرابة 4390 شكوى تقدم بها سياسيون ونقابيون سابقون في عهدي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، وشملت منتمين للتيارات الإسلامية واليسارية.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.