استعدادات غير مسبوقة للاحتفال بمئوية الجيش العراقي

مؤسسوه من الضباط السنّة أطلقوا على أول أفواجه اسم «موسى الكاظم»

عربات عسكرية تابعة للجيش العراقي تحرس مدخل العاصمة بغداد كجزء من تدابير الحد من انتشار فيروس {كورونا} (غيتي)
عربات عسكرية تابعة للجيش العراقي تحرس مدخل العاصمة بغداد كجزء من تدابير الحد من انتشار فيروس {كورونا} (غيتي)
TT

استعدادات غير مسبوقة للاحتفال بمئوية الجيش العراقي

عربات عسكرية تابعة للجيش العراقي تحرس مدخل العاصمة بغداد كجزء من تدابير الحد من انتشار فيروس {كورونا} (غيتي)
عربات عسكرية تابعة للجيش العراقي تحرس مدخل العاصمة بغداد كجزء من تدابير الحد من انتشار فيروس {كورونا} (غيتي)

يستعد العراق لإحياء الذكرى المئوية لتأسيس الجيش العراقي غداً، فيما اتخذت الأجهزة الأمنية المسؤولة كامل الاستعدادات اللوجيستية للاحتفاء بتأسيس أول فوج من الجيش العراقي بقيادة جعفر العسكري، حمل اسم «فوج موسى الكاظم»، في 6 يناير (كانون الثاني) 1921.
وتحولت ساحة الاحتفالات الكبرى الواقعة داخل المنطقة الخضراء إلى ثكنة عسكرية تضم كل أنواع وصنوف الجيش العراقي الجوية والبرية والبحرية. كما تجوب طائرات القوة الجوية العراقية سماء بغداد استعداداً للعرض العسكري الذي سيقام غداً، بحضور كبار المسؤولين العراقيين، يتقدمهم رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي.
ورغم أن الآباء المؤسسين للجيش العراقي كلهم من السنة (نوري السعيد وجعفر العسكري وياسين الهاشمي وعبد المحسن السعدون وطه الهاشمي وحكمت سليمان وغيرهم)، فإنهم حرصوا على تسمية أول فوج يتم تأسيسه باسم «موسى الكاظم»، تيمناً بالإمام السابع من الأئمة الاثني العشرية عند الشيعة. وفي حين بدأ الجيش العراقي بفوج واحد، فإنه أصبح في ثمانينيات القرن الماضي خلال الحرب العراقية - الإيرانية أقوى جيش في المنطقة، وتم تصنيفه على أنه رابع أقوى جيوش العالم، وتجاوز تعداده المليون جندي، وضم 7 فيالق ومئات الطائرات والمدرعات الحديثة، فضلاً عن قوة بحرية وبرية تمكنت بعد 8 سنوات من الحرب من إجبار إيران على الموافقة على قرار مجلس الأمن الدولي رقم (598) الذي أنهى تلك الحرب الطويلة.
وفيما بدا أن العراق قد خرج منتصراً من تلك الحرب، فإن قيام رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين باحتلال الكويت، فجر الثاني من أغسطس (آب) 1990، قلب كل التوازنات، لا سيما بعد الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية، ومعها 30 دولة، لإخراج العراق من الكويت عام 1991. ما أخرج الجيش العراقي من معادلة التأثير في موازين القوى بين جيوش المنطقة.
وبعد احتلال الولايات المتحدة الأميركية العراق، وإسقاط نظام صدام في التاسع من أبريل (نيسان) 2003، حطم القرار الذي اتخذه الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر بحل الجيش آخر معاقل القوة التي كان يتمتع بها الجيش العراقي. ورغم محاولات استعادة القوات المسلحة العراقية بعد عام 2003، فإن غياب العقيدة العسكرية حتى الآن ألقى بظلاله على واقع المؤسسة العسكرية العراقية التي رغم كل الإخفاقات التي تعانيها، سجلت انتصاراً كبيراً ضد تنظيم داعش أواخر عام 2017، بعد أن كان التنظيم قد احتل خلال شهر يونيو (حزيران) عام 2014 نحو 3 محافظات، تشكل 40 في المائة من مساحة العراق.
وفي هذا السياق، يقول اللواء الركن المتقاعد في الجيش العراقي عماد علو لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد مرور مائة عام على تأسيس الجيش العراقي، فإن المؤسسة العسكرية العراقية لا تزال تحظى بثقة الشعب العراقي، حيث قدم الجيش مزيداً من التضحيات دفاعاً عن أمن واستقرار العراق، داخلياً وخارجياً». وأضاف علو أن «الجيش العراقي اليوم يعاني من عدد من المعاول التي تعيق عمله، ويمكن تقسيمها إلى: معاول عملياتية، وأخرى تنظيمية»، مشيراً إلى أن «المعاول العملياتية تتمثل في أهمية إعادة النظر بدراسة وتقييم ساحة العمليات العسكرية، وغيرها من تلك التي تتعلق بانفتاح القطعات العسكرية في ساحات العمليات. أما المعاول التنظيمية، فتتمثل في الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة العراقية، وما يترتب عليه على صعيد القيادة والسيطرة التي تعاني منها المؤسسة العسكرية العراقية»، لافتاً إلى «عدم وجود قيادة عليا للقوات المسلحة تتمتع بصلاحيات قانونية وتشريعية تمكن القائد العام للقوات المسلحة من السيطرة على كل حملة السلاح المنفلت في عموم العراق، بما يؤمن للجيش مواجهة كل التحديات، حيث لا بد من إعادة النظر بذلك».
وبشأن المعارك التي خاضها الجيش العراقي على صعيد محاربة الإرهاب، يقول علو إن «الجيش العراقي نجح نجاحاً كبيراً في مواجهة الإرهاب، حيث خاض معارك فريدة من نوعها، وهي من معارك الجيل الرابع التي لم يخضها أي من الجيوش بعد، وبالتالي باتت تجربة الجيش العراقي في خوض هذا النوع من القتال يشار لها بالبنان، وباتت تدرس في الكليات والمعاهد العالمية نظراً لما تحتويه من ميزات، حيث إنه خاض حروباً مع قوى ظلامية وقوات غير منظورة، وهو مما يصعب القيام به».
ومن جهته، أكد الخبير بالشؤون الأمنية الدكتور معتز محيي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «من الواضح أن قدرات الجيش العراقي قد تطورت عدداً وتسليحاً منذ عام 2003 إلى اليوم، وكذلك تدريب المقاتلين على عمليات نوعية لمحاربة الإرهاب واسترداد الأرض، وهو يعد في الواقع إنجازاً كبيراً جداً للجيش العراقي».
وأضاف محيي الدين أن «عمليات الجيش العراقي انفتحت على مساحات واسعة من الأرض العراقية، وبالتالي فإن هناك كثيراً من المشكلات لا تزال تواجه الجيش، مثل مشكلة القرى والأرياف التي يمكن أن يعيش فيها الإرهاب، حيث تعجز في كثير من الأحيان قوات الجيش النظامية عن الوصول إليها، الأمر الذي يمكن أن يربك عمل الجيش، لا سيما أن قوى الإرهاب كثيراً ما ترتكب جرائم بحق المواطنين، دون أن تكون هناك قدرة على مواجهتها».
وأوضح أن «هناك مسألة مهمة أخرى، وهي أن حدودنا المشتركة مع كثير من دول الجوار، خصوصاً سوريا، لا تزال فيها ثغرات، ولا يزال تنظيم داعش الإرهابي قادراً على التسلل عبرها من وإلى داخل العراق».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.