حرق صور سليماني في لبنان

تنديد بالمواقف التي أطلقت في ذكراه

حرق صور سليماني في لبنان
TT

حرق صور سليماني في لبنان

حرق صور سليماني في لبنان

أقدم متظاهرون، أمس (الاثنين)، على حرق صور القيادي في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، في بيروت، رافعين صور رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والرئيس بشير الجميل، حسب ما أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على وسائل منصات التواصل الاجتماعي، فيما لا تزال ردود الفعل المنددة بالمواقف التي رافقت إحياء الذكرى السنوية لاغتيال القيادي في «الحرس الثوري» قاسم سليماني في لبنان تتوالى شعبياً وسياسياً، مسببة حالاً من التوتر والغضب في أكثر من منطقة.
فبعدما أقدم مجهولون على إحراق صور سليماني على طريق عام بريتال (شرق لبنان) السبت الماضي، وقع ليل الأحد - الاثنين إشكال بين أنصار لـ«حزب الله» و«الحزب الشيوعي» في بلدة عدلون جنوب لبنان تخلله تمزيق متبادل لصور رموز وقادة تابعين للطرفين.
كان الإشكال بدأ بتوتر بين الفريقين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم انتقل إلى أرض الواقع على إثر تعليق وصف بـ«المسيء» على خبر يتعلق بانتهاء التحضيرات لوضع تمثال لسليماني في بيروت، وتعليقات أخرى وضعها جمهور «حزب الله» بإطار المس بأمينه العام حسن نصر الله.
كانت انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة يظهر فيها تمثال نصفي لسليماني من المقرر أن تضعه بلدية الغبيري (الضاحية الجنوبية لبيروت) في أحد شوارعها. كما وضع عدد من الشبان صورة لسليماني على «قبضة الثورة» في ساحة الشهداء وسط بيروت، الأمر الذي وصفه ناشطون بالعمل المستفز من قبل «حزب الله».
كان «حزب الله» أحيى ذكرى سليماني بأنشطة عدة، فضلاً عن إطلاق اسمه على مساحات عامة في جنوب لبنان وشرقه، ورفع صوره في العديد من المناطق اللبنانية.
من جهة أخرى، تستمر ردود الفعل السياسية الرافضة لكلام قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني علي حاجي زاده، عن أن «قدرات غزة ولبنان الصاروخية، هي الخط الأمامي لمواجهة إسرائيل»، التي قال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، أن «الإعلام زورها».
وفي الإطار، اعتبر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل، أن التصريحات الإيرانية «لا تقبل التفسير»، فهي تعتبر لبنان «الجبهة الأمامية لإيران في صراعها الدائم مع العالم أجمع».
وقال الجميل، في تغريدة، «سلاح (حزب الله) لا يحمي لبنان، بل يعرضه للحصار الاقتصادي والمغامرات العسكرية»، معتبراً أن «ضعفاء النفوس هم من استسلم لإرادة الحزب بالترهيب والترغيب، أما نحن فصامدون دفاعاً عن حق شعبنا بتقرير مصيره».
وطالت الانتقادات أيضاً، رئيس الجمهورية ميشال عون، باعتباره لم يرد على تصريحات حاجي زاده، إذ اعتبر الوزير السابق أشرف ريفي، أنه من البديهي أن «يرد رئيس الجمهورية على كلام قائد الحرس الثوري الإيراني، لكن من غير المقبول أن يقتصر الرد الذي تجنب فيه تسمية إيران على الموقف اللفظي».
ورأى ريفي أن على «عون المؤتمن على الدستور والسيادة أن يستخدم صلاحياته لوقف الانتهاك»، مضيفاً: «هذا الموقف المائع يشجع إيران على المزيد من انتهاك لبنان».
كان عون غرد قائلاً: «لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره»، في رد غير مباشر على كلام زادة.
من جهة أخرى، أعلن عضو تكتل «الجمهورية القوية» (يضم نواب «القوات اللبنانية») النائب ماجد إدي أبي اللمع، ورئيس حزب «حركة التغيير» المحامي إيلي محفوض، أنهما سيقدمان إخباراً جزائياً «ضد من حرض على التسلح ومن دعا لتشكيل منظمات عسكرية مسلحة في لبنان أمام النيابة العامة التمييزية في قصر العدل في بيروت».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.