انقسامات ومناكفات سياسية مرشحة للتفاقم داخل «البيت الشيعي» في العراق

غداة الذكرى الأولى لمقتل سليماني والمهندس

TT

انقسامات ومناكفات سياسية مرشحة للتفاقم داخل «البيت الشيعي» في العراق

لا يبدو أن أحوال ما بات يعرف بـ«البيت السياسي الشيعي» قابلة لإعادة الترميم أو الإصلاح، مثلما طالب في وقت سابق زعيم التيار الصدري بذلك، بل لا يبدو أنها يمكن أن تبقى تحت سقف الخلافات السياسية العادية المسيطر عليها، وهناك من يرجح تفاقهما مع كل خطوة تخطوها القوى الشيعية باتجاه المعركة الانتخابية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل.
صحيح أن الانقسامات داخل الأحزاب والجماعات الشيعية ليست جديدة وكانت موجودة على الدوام، لكن ما يعزز التوقعات بتفاقمها، وصولها إلى مستويات حادة وخطيرة تكاد تشمل كل ما يتعلق بالدول وطريقة إدارتها ومستقبلها.
ولعل من بين أبرز الخلافات التي تفجرت في الأشهر والسنوات القليلة الماضية داخل البيت السياسي الشيعي، هو الخلاف حول مسألة الوجود الأجنبي في البلاد والهجمات التي تشنها الجماعات الموالية لإيران ضد المصالح الأميركية وقوات التحالف الدولي. وكانت وما زالت الخصومة بين مقتدى الصدر وتياره، من جهة، والتيار الموالي لإيران والجماعات القريبة منه، من جهة ثانية، حول مسألة التواجد الأجنبي من بين أكثر الانقسامات خطراً على المستوى الشيعي.
أول من أمس، تفجّرت خلافات الطرفين من جديد على هامش الصخب السياسي والميليشياوي الذي ارتبط بإحياء ذكرى مقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس بضربة صاروخية أميركية قرب مطار بغداد في 3 يناير (كانون الثاني) 2020. وبعد أن هاجم خطباء ومتظاهرون من التيار الولائي أثناء الاحتفال بالذكرى، دعوات الصدر إلى إنهاء عمليات القصف التي تطال المنطقة الخضراء والسفارة الأميركية في بغداد، هاجم المتحدث باسم الصدر، صلاح العبيدي، جماعات الفصائل ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وحمل الأخير مسؤولية إضعاف الجيش العراقي وصعود «داعش» عام 2014. وقال العبيدي في مقابلة تلفزيونية، إن «الفصائل المسلحة رحبت بمشاركة القوات الأميركية في الحرب ضد تنظيم (داعش)، والقوات الأميركية جاءت إلى العراق بطلب من الحكومة العراقية لمحاربة (داعش)، والفصائل المسلحة رحبت بذلك في حينها». وأضاف «رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي نفذ الأجندة الأميركية بإضعاف القوات الأمنية، والفصائل رفضت مقاتلة (داعش) تحت عنوان الدولة».
واتهم العبيدي الفصائل بـ«استغلال مراكز التطوع لفتوى المرجعية بالجهاد الكفائي في حينها، من خلال إقناع من لم يتم قبولهم في المراكز بالانضمام إلى الفصائل المسلحة، تحت عنوان (الكتائب والنجباء وثأر الله وعصائب أهل الحق)». واعتبر العبيدي، أن «الفصائل منعزلة عن الحشد بعملها ولم تطبق النقاط التي أصدرها رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي بالأمر الديواني».
وكان الصدر دعا في الذكرى الأولى لمقتل سليماني والمهندس، أول من أمس، إلى عدم «جر العراق لصدام نحن والشعب في غنى عنه». وشدد على ضرورة المحافظة على «على وحدة العراق وسيادته واستقلال أراضيه وقراره بعيداً عن التدخلات الخارجية التي تريد النيل منه وزعزعة أمنه «.
وحيال الانتقادات التي وجهها المتحدث باسم الصدر للفصائل المسلحة المقربة من إيران، نقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول في تلك الفصائل قوله، إن «قادة الفصائل المسلحة المهمة والبارزة اتفقت خلال الساعات الماضية، على عدم الرد على تصريحات المتحدث باسم زعيم التيار الصدري صلاح العبيدي». وأشار إلى أن «الاتفاق جاء لعدم خلق أي فتنة أو سجال إعلامي قد يجر إلى احتكاك بين أنصار التيار وأنصار الفصائل، كما تم الاتفاق على إعطاء التيار الصدري الحرية في التصريح، دون الرد عليهم».
وفي الإطار ذاته من الانقسامات والمناكفات الشيعية - الشيعية، رد ائتلاف «دولة القانون» بشدة على الاتهامات التي وجهها العبيدي إلى المالكي، وقالت النائبة عن الائتلاف ليلى مهدي، في بيان، إن «من سخريات القدر أن تكون الشاشات الفضية للفضائيات متاحة لمن يفقد التركيز في التاريخ الحديث، ولا يميز بين الغث والسمين فيكيل الاتهامات الساذجة إلى رموزنا الوطنية الشامخة»، في إشارة إلى المالكي. وقال عضو آخر في ائتلاف المالكي، إن التيار الصدري «ليس لديه شيء يتحدث فيه غير الهجوم على المالكي، خصوصا مع قرب كل انتخابات».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.