حالة يان فيرتونغين تُظهر أن ارتجاج المخ جزء أصيل من «الرأسمالية الرياضية»

المدافع البلجيكي تعرض لنقد كبير خلال موسمه الأخير مع توتنهام رغم أنه يلعب وهو يعاني من الصداع والدوخة

يان فيرتونغين يعالج من ضربة بالرأس خلال مباراة له مع توتنهام أمام أياكس في 2019 (رويترز)
يان فيرتونغين يعالج من ضربة بالرأس خلال مباراة له مع توتنهام أمام أياكس في 2019 (رويترز)
TT

حالة يان فيرتونغين تُظهر أن ارتجاج المخ جزء أصيل من «الرأسمالية الرياضية»

يان فيرتونغين يعالج من ضربة بالرأس خلال مباراة له مع توتنهام أمام أياكس في 2019 (رويترز)
يان فيرتونغين يعالج من ضربة بالرأس خلال مباراة له مع توتنهام أمام أياكس في 2019 (رويترز)

في نهاية العام الماضي تقريباً، بدأ الناس يلاحظون أن مستوى المدافع البلجيكي يان فيرتونغين تراجع كثيراً مع نادي توتنهام، حيث بدا اللاعب بطيئاً في التحرك وفي التعامل مع الكرة، وفي جميع ردود أفعاله داخل الملعب. ونظراً لتقديم هذا المستوى المتراجع في لعبة شعبية تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة، كان من الطبيعي أن يتعرض اللاعب لقدر كبير من السخرية والإساءة والانتقادات.
وبمراجعة وسائل التواصل الاجتماعي خلال بعض المباريات التي قدم فيها اللاعب أداءً سيئاً الموسم الماضي، توصلنا إلى بعض التعليقات التي تمثل وجهة نظر جماهير توتنهام بشكل خاص وجماهير كرة القدم بشكل عام، فقال أحد المتابعين عن اللاعب: «إنه لا يستطيع الوقوف على قدميه»، في حين قال آخر: «يبدو الأمر محزناً، لكن ليس لدي أدنى فكرة عن سبب ذلك». وقال ثالث: «أخرجوا هذا المهرج من فريقي»، وقال رابع: «لقد انتهى هذا اللاعب تماماً».
وجاءت تعليقات أخرى من قبيل: «إنه عار مطلق ويجب بيعه»، و«إنه كالميت»، و«إنه يسرق لقمة العيش»، و«سأكون سعيداً إذا لم أرَه يرتدي هذا القميص مرة أخرى».
والآن، أصبحنا نعرف جميعاً ما كان يحدث بالفعل في تلك الفترة، حيث أعلن فيرتونغين الأسبوع الماضي أنه كان يعاني خلال معظم فترات الموسم الماضي من آثار ما بعد الإصابة بارتجاج في المخ، وهي الإصابة التي تعرض لها في مباراة فريقه أمام أياكس أمستردام الهولندي في أبريل (نيسان) الماضي.
وقال فيرتونغين، الذي يلعب الآن مع نادي بنفيكا البرتغالي: «لقد عانيت كثيراً من الدوخة والصداع. وقد أثر ذلك علي لمدة ثمانية أو تسعة أشهر. كان لا يزال هناك عام في عقدي مع النادي، وكنت أعتقد أنه يجب أن ألعب حتى يمكنني أن أظهر للفرق الأخرى ما يمكنني القيام به».
قبل أيام من نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي اجتمعت مجموعة عمل بقيادة رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز واتحاد الكرة ورابطة أندية الدوريات الأدنى من البطولات الإنجليزية ورابطة اللاعبين المحترفين والدوري الممتاز للسيدات، لمناقشة ما إذا كان ينبغي فرض قيود على تسديد الكرة بالرأس في كرة القدم للبالغين. جاء ذلك في أعقاب دراسة أجرتها جامعة غلاسجو عام 2019 وجدت أن لاعبي كرة القدم المحترفين كانوا أكثر عرضة بثلاث مرات للوفاة من الأمراض التنكسية العصبية مقارنة ببقية السكان.
وفي الوقت نفسه، كان اللاعب السابق للمنتخب الإنجليزي للرغبي، ستيف طومسون، واحداً من عدد من اللاعبين السابقين الذين رفعوا دعاوى قضائية ضد الاتحاد الدولي للرغبي والاتحاد الويلزي للرغبي بسبب الإخفاق المزعوم في حمايتهم من إصابات الرأس المتكررة.
ويبلغ طومسون من العمر 42 عاماً وتم تشخيص إصابته بالخرف. ولم يعد طومسون يتذكر حتى فوزه بكأس العالم عام 2003. وقال عن اتحاد الرغبي في مقابلة مع الأوبزروفر قبل أسبوعين: «هل كان ذلك حباً كبيراً في حياتي؟ لا، لم يكن الأمر كذلك في الحقيقة، لكنني كنت أؤدي وظيفتي فقط».
لقد كان فيرتونغين وطومسون يعرفان جيداً ما يقومان به، لكنهما كانا يحصلان على أجر جيد مقابل ما يتعرضان له. لكن في نفس الوقت لا يمكن منع ضربات الرأس من كرة القدم، وهذا أمر سخيف للغاية.
لكن قد يزعم البعض أنه يمكن لأي منا أن يصاب بإصابة دماغية وهو يسير في الشارع وأن الحياة كلها محفوفة بالمخاطر، وبالتالي فإن نفس الأمر ينطبق على الرياضة.
بل وهناك مدرسة فكرية ترى، في جوهرها، أن الجدل بشأن إصابات الرأس في رياضة للنخبة هو ببساطة مسألة اختيار شخصي. فإذا كان الرياضيون مستعدين للعمل في مجال الرياضة على المستوى الاحترافي، وإذا كانوا على دراية كاملة بالمخاطر ولديهم أحدث العلوم الطبية، فما الذي يمكننا نحن أن نفعله حيال ذلك؟
وفي بعض الأحيان، سترى هذه الفكرة تتمثل في أن الخطر ليس فقط جزءاً من التشويق الأساسي للرياضة، لكنه أيضاً النقطة الأساسية للعبة، لأن جوهر هذه اللعبة مرتبط بالتضحية.
لقد واصل فيرتونغين اللعب لأنه شعر أن مصدر رزقه كان على المحك. كما واصل طومسون اللعب لأن وظيفته كانت تتطلب القيام بذلك. وبالتالي، فإن أي ورقة علمية أو بيان صحافي حسن النية لن يتغلب على دافع الربح. وبالتالي، فإن التركيز على الاستقلالية الشخصية يعني تجاهل المدى الذي يتم فيه إشراك الرياضيين، مثلهم مثل جميع العمال الآخرين، في اقتصاد لم يختاروه وليس لديهم سوى تأثير ضئيل، أو معدوم، عليه.
هذه هي، بالطبع، الطريقة التي تعمل بها الرأسمالية الرياضية: أنا أستمتع بالترفيه، وأنت تحصل على الأموال، وكل شيء آخر ما هو إلا ديكور لتزيين الأمور. إن الرأسمالية الرياضية تشتري ببساطة إجهادك، ومشكلات صحتك العقلية، ومخاوفك، ونوعية حياتك، وفقدان ذاكرتك، وألمك. وإذا تعرضت لقطع في الرباط الصليبي فسيتخلى عنك ناديك لأنك لم تعد مجدياً من الناحية المالية.
إننا ننتقد هنا هذا النظام الذي ينظر إلى الرياضي على أنه مجرد أداة، لكن من جهة أخرى فإننا جميعاً نشارك في هذه العملية، ولو بصورة جزئية. وبالنسبة لأولئك الذين يستمتعون بالرياضة، ربما تكون هذه هي اللحظة المناسبة للنظر فيما ندين به للأشخاص الذين يخاطرون بسلامتهم من أجل إسعادنا، وأن نتذكر أن الرفاهية لا تبدأ وتنتهي بأجر.
ويجب أن نضع في اعتبارنا، قبل كل شيء، أنه في داخل كل رياضي خارق يوجد إنسان ينحني وينكسر مثل أي شخص آخر.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».