فعالية فنية تكشف جهل الرسميين السوريين بأهمية «حارة التيامنة» التاريخية

تشويه التراث التاريخي
تشويه التراث التاريخي
TT

فعالية فنية تكشف جهل الرسميين السوريين بأهمية «حارة التيامنة» التاريخية

تشويه التراث التاريخي
تشويه التراث التاريخي

«كمثل الذي يرش العطر دون أن يستحم»، قال فنان تشكيلي سوري مخضرم معلقاً على الضجيج الذي أحدثته مبادرة غاليري النحات مصطفى علي بفعاليتها «فن الطريق» في حارة التيامنة القديمة في حي الميدان الدمشقي العريق في الأسبوع الأخير من العام المنصرم، بمشاركة نحو 16 فناناً وفنانة من الشباب جرى اختيارهم من قبل الغاليري، نفذوا لوحاتهم ومنحوتاتهم في الطريق خمسة منها كانت جدارية نفذت على الجدران مباشرة، مما أثار السخط العام وحفيظة المهتمين بالحفاظ على دمشق القديمة وهويتها المعمارية والفنية الجمالية، باعتبار الرسم على الجدران بطريقة اعتباطية غير مدروسة تشويه لا تزيين للمدينة. وصب آلاف السوريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي جام غضبهم على النشاط وعلى محافظة دمشق التي تمنح بصعوبة بالغة تراخيص الترميم للأهالي، مهملة الأحياء القديمة بينما تسمح بإقامة أنشطة تزيد في التشويه الحاصل بزعم «بث الروح» في تلك الأحياء بعد عشر سنوات من الحرب. بحسب تعبير مشاركين في الملتقى للإعلام المحلي.
وزارة الثقافة التي شملتها موجة الانتقادات العاصفة بصفتها المخولة بالحفاظ على الأحياء التراثية، لا سيما الموضوعة على لائحة التراث العالمي، تبرأت في بيان لها من الموافقة على فعالية (فن الطريق) وقالت إنها: «لم تعط أي موافقة على القيام بالنشاط المذكور»، كونه خارج صلاحياتها بعد التأكيد على أن حي التيامنة الذي جرى الرسم على جدرانه «غير مسجل أثرياً».
أما محافظة دمشق فقد أوضحت أن ملتقى (فن الطريق) هو «سلسلة ثقافية فنية تطوعية ينفذها غاليري مصطفى علي في الهواء الطلق، انطلقت في حي الشعلان ولاقت استحساناً وإقبالاً شعبياً، واختيار حي التيامنة في منطقة باب مصلى جاء بالتشاور مع لجنة الحي التي أبدت كل الترحيب والتعاون»، ولفتت لمحافظة إلى أن حي التيامنة هو «خارج مدينة دمشق القديمة المسجلة باليونيسكو وليس أثرياً، والساحة التي أقيمت فيها الفعالية ليست أثرية أو تاريخية، وإنما منطقة شعبية والجدران ليست أثرية»!
ويشار إلى أن حارة التيامنة في حي الميدان الدمشقي العريق، التي لا تحظى بأي اهتمام من قبل المعنيين بحماية التراث المعماري والحضاري بدمشق، تحوي ثلاث كنائس تعود إلى مطلع القرن التاسع عشر، أهمها كنيسة (القرشي) الواقعة في زقاق القرشي. وتعد من أهم كنائس الشرق، إذ كانت المركز الرئيسي لطائفة الروم الكاثويك قبل انتقاله إلى كنيسة الزيتون في حي باب شرقي، وبناء كنيسة القرشي المتهالك بسبب الإهمال على طراز البيوت الدمشقية القديمة مبني من الحجر والطين والخشب، وقد تم إغلاقها بعد إفراغها من أيقونات بعضها يقارب عمرها المائتي عام، وتأتي بعدها كنيسة جاروجيوس للروم الأرثوذكس وبناها المسيحيون الذين نزحوا من حوران جنوب سوريا إلى حي الميدان بدمشق عام 1836م، خلال فترة حكم إبراهيم باشا. وجاء بناؤها على الطراز البيزنطي، بجدران مكسوة بالحجر البازلتي الأسود الذي جيء به خصيصاً من حوران، إضافة إلى كنيسة (سيدة النياح) التي يعود بناؤها إلى مطلع القرن العشرين. ويشار إلى أن اسم حارة التيامنة جاء نسبة إلى المجموعات المسيحية التي نزحت إليها من وادي التيم في لبنان خلال أحداث 1860 الطائفية. ورغم الأهمية التاريخية للحي فإنه سقط من دائرة الاهتمام الرسمي والشعبي وحتى الكنسي، وقلة من السوريين يعلمون بوجود حارة مسيحية منذ نحو أكثر من مائتي عام داخل حي الميدان ذي الغالبية المسلمة المحافظة.
الفنان التشكيلي السوري الذي رفض الإفصاح عن اسمه لأسباب عدة قال لـ«الشرق الأوسط» بعيداً عن تقييم فعالية «فن الطريق» فإن اللغط الذي أثير حول تاريخية حارة التيامنة، كشف حجم الجهل وإجحاف القيميين الرسميين على الثقافة في سوريا، إذ أسقطوا عن الحي الصفة التاريخية التراثية لعدم تسجيله على قائمة اليونيسكو التي لحظت المدينة القديمة داخل السور، وكأن ما نشأ خارج السور من مناطق منذ مئات السنين وعدت لاحقاً ضمن أحياء مدينة دمشق ليست تاريخية ومسموح استباحتها وتشويهها، وذلك بدل تنظيم حملات لحماية وتسجيل تلك الأحياء والمعالم الهامة على لائحة التراث العالمي!
وحول مبادرة «فن الطريق» لغاليري مصطفى علي وضع الفنان التشكيلي العديد من نقاط الاستفهام حول السماح للنحات مصطفى علي بتنفيذ مشاريع لا يسمح بمثلها لغيره، قبل أن يشير إلى أن الرسم والنحت في الطريق فكرة ليست جديدة على دمشق، بل تعود لفترة الستينيات 1966 - 1967. حيث شهدت شوارع العاصمة العديد من المظاهرات الفنية بلغت ذروتها خلال نكسة حزيران، وشارك فيها كل الفنانين التشكيليين ونفذوا أعمالاً جدارية ضخمة وتماثيل برونزية للعامل والفلاح والكادح والثوري العربي وما يزال بعضها قائماً في الشوارع والمؤسسات العامة لغاية الآن، رغم سقوط معظم الأعمال لا سيما لوحات التصوير من التاريخ التشكيلي. ويتابع التشكيلي المخضرم: «حينذاك شجع حكم حزب البعث الواصل حديثاً إلى السلطة في سوريا حديثاً أي عام 1963. على تقليد هذا النوع من الأنشطة التي كانت رائجة في الدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية، بهدف استثمار الفن في العمل السياسي، اليوم يعاد في دمشق استنساخ تجربة تجاوزها الزمن للترويج حالة الأمان الزائف في دمشق في ظل النظام بعد عشر سنوات من الحرب، فالرسم على الجدران في عاصمة منهكة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً لا شك هو أمر مستفز رغم نبالة الفكرة، فأضعف الإيمان المبادرة تنظيف الشوارع والجدران قبل نثر الألوان عليها، أضعف الإيمان نستحم قبل التجمل بالمساحيق ورش العطر».



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.