تشكيل «الاستشارية لملتقى الحوار» في ليبيا

البعثة الأممية تدفع باتجاه اختيار السلطة التنفيذية الموحدة في البلاد

ستيفاني ويليامز خلال مؤتمر صحافي في ختام ملتقى الحوار الليبي في تونس في 15 نوفمبر (أ.ف.ب)
ستيفاني ويليامز خلال مؤتمر صحافي في ختام ملتقى الحوار الليبي في تونس في 15 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

تشكيل «الاستشارية لملتقى الحوار» في ليبيا

ستيفاني ويليامز خلال مؤتمر صحافي في ختام ملتقى الحوار الليبي في تونس في 15 نوفمبر (أ.ف.ب)
ستيفاني ويليامز خلال مؤتمر صحافي في ختام ملتقى الحوار الليبي في تونس في 15 نوفمبر (أ.ف.ب)

في خطوة وصفت بالإيجابية، أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، عن تأسيس اللجنة الاستشارية لملتقى الحوار السياسي الليبي، وهي اللجنة المعنية بمناقشة القضايا المتعلقة باختيار السلطة التنفيذية الموحدة في البلاد.
ويُنظر إلى هذا التحرك، الذي شارك فيه عشرات الليبيين، على أنه يدحض ما يردده البعض حول انهيار المسار السياسي. وقال عادل كرموس عضو المجلس الأعلى للدولة «ليس هناك تخوف حقيقي في الوقت الحالي من انهيار العملية السياسية». وعزا كرموس ذلك، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إلى أن «المجتمع الدولي ممثلاً في البعثة الأممية، والدول المتدخلة في الشأن الليبي وصلوا إلى قناعة تامة أن الحل في ليبيا وإنهاء الأزمة لن يكون إلا من خلال المسار السياسي».
وفي وقت متأخر من صباح أمس، قالت البعثة الأممية لدى ليبيا: «يطيب للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، الإعلان عن تأسيس اللجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، وتعرب عن امتنانها لأعضاء الملتقى لمشاركتهم الفعالة والبناءة»، مشيرة إلى أن البعثة «تلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا 28 ترشيحاً وتزكية من الملتقى لتشكيل هذه اللجنة».
وتتكون اللجنة من 18 شخصية ليبية من بينهم وافية سيف النصر وعبد الرحمن العبار وسلطنة المسماري، وستكون ولايتها، وفقاً للبعثة «استشارية ومحددة زمنياً بشكل صارم»، على أن تكون مهمتها الرئيسية مناقشة القضايا العالقة ذات الصلة باختيار السلطة التنفيذية الموحدة وتقديم توصيات ملموسة وعملية لتقرر بشأنها الجلسة العامة للملتقى.
وأكدت البعثة الأممية أن موعد الانتخابات الوطنية في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، «أمر ثابت بالنسبة إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وهو مبدأ إرشادي وهدف لا يمكن التخلي عنه».
وأشادت البعثة بـ«الحماس الذي أبداه أعضاء الملتقى في عملية الترشيح والتزكية»؛ وتماشياً مع مبدأ الشمولية الذي يمثل صُلب مبادئ ملتقى الحوار السياسي الليبي، قررت البعثة توسيع اللجنة الاستشارية إلى 18 عضواً من أجل ضمان تنوّع جغرافي وسياسي واسع النطاق بالإضافة إلى ضمان مشاركة المرأة والشباب والمكونات الثقافية.
وذهب كرموس عضو المجلس الأعلى للدولة إلى أن «التخوف الحقيقي الذي يقلق السياسيين الليبيين الوطنيين يتمثل في أن يفرض المجتمع الدولي حلاً سياسياً يتجاوز جميع الأجسام السياسية بحجة عدم قدرتهم على التوافق والتوصل إلى حل، ومن ثم تفرض البعثة إجراء انتخابات برلمانية لفترة مؤقتة أخرى دون قاعدة دستورية وتتجاهل مشروع الدستور الذي يحتاج إلى الاستفتاء عليه، وبالتالي تنتهي المراحل الانتقالية وتتجه الأوضاع نحو الاستقرار، ويعقب ذلك وضع دستور سيحكم الحياة السياسية».
وجددت المبعوثة الأممية في آخر اجتماع للملتقى السياسي الليبي عبر الاتصال المرئي، التأكيد على أن العد العكسي بدأ، وأن موعد الانتخابات العامة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والطريق إلى هذه الانتخابات إنجاز وهدف لأن نتراجع عنهما، متابعة: «ما زلت أؤمن أن هذه العملية لن تمضي قدماً، ولن يتحقق لها النجاح إذا كان النهج المتبع في هذه المداولات الهامة مبنياً على حسابات الربح والخسارة. ما تحتاجه ليبيا ليس معادلة لتقاسم السلطة بل معادلة لتحمل المسؤولية بشكل تشاركي وصولاً إلى الانتخابات».
ونوهت بأنه «لا يمكننا الاستمرار في عملية مفتوحة إلى ما لا نهاية. لدينا هدف واضح وهو الانتخابات، وهناك حاجة ماسة لتوحيد المؤسسات، ومع ذلك، فإننا نواجه تأخيراً في التقدم نحو تحقيق مستوى مقبول من الإجماع على آلية لاختيار السلطة التنفيذية».
وانتهت ويليامز إلى القول: «بصفتي وسيطة في هذا الحوار، رأيت أنه من واجبي المهني والشخصي والأخلاقي أن أعالج هذه العقبات، والحفاظ على هذه العملية، والمساعدة في إرشادكم إلى توافق مقبول يساهم في أجراء الانتخابات، وهي الهدف الأسمى».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.