تساؤلات جزائرية حول مصداقية إفادات زروال ونزار للقضاء

محامون أثاروا فرضية استدعائهما بعد تبرئة المدانين بـ«التآمر»

خالد نزار
خالد نزار
TT

تساؤلات جزائرية حول مصداقية إفادات زروال ونزار للقضاء

خالد نزار
خالد نزار

أثارت أحكام البراءة التي أصدرها القضاء العسكري في الجزائر أول من أمس، بحق 4 شخصيات كبيرة اتهمت بالتآمر ضد الجيش، جدلاً حول مدى صحة إفادات قدمها رئيس الجمهورية سابقاً ليامين زروال، ووزير الدفاع سابقاً اللواء خالد نزار، حول «عزم» مسؤولين سياسيين وعسكريين، فرض حالة الطوارئ وعزل رئيس أركان الجيش عام 2019 في خضم ثورة الشارع ضد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وذكر محاميان، رافعا في «قضية التآمر على الجيش والدولة»، رفضا نشر اسميهما، لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العسكرية «يفترض أن توجه لزروال ونزار تهمة البلاغ الكاذب بعد أن ثبت زيف تهمة المؤامرة عن الشخصيات الأربعة»، في إشارة إلى سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس ومستشاره سابقاً، ومديري الاستخبارات العسكرية محمد مدين وعثمان طرطاق والأمينة العامة لـ«حزب العمال»، لويزة حنون. وقد برّأتهم محكمة الاستئناف العسكرية من تهم «التآمر على قائد تشكيل عسكري»، و«التآمر على سلطة الدولة»، بعدما كانت حكمت عليهم ابتدائياً بـ15 سنة سجناً لكل واحد منهم، وتم تثبيت الحكم في الدرجة الثانية من التقاضي، ثم نقضت المحكمة العليا الأحكام.
وقد بنت النيابة العسكرية التهمتين، على أساس شهادة خالد نزار أثناء سماعه بالمحكمة العسكرية في أبريل (نيسان) 2019، أكّد فيها أن سعيد بوتفليقة اتصل به هاتفياً يستشيره حول مصير شقيقه في الحكم، في وقت كان الشارع يغلي مطالباً بمنع ترشحه لولاية خامسة. ونقل نزار عن سعيد عزمه إعلان حالة الطوارئ، وإقالة الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري. وعدَ سعيد ذلك شرطا أساسيا، قبل أي حديث عن استقالة الرئيس، بحسب نزار. وبناء على أفادته، وجهت النيابة تهمة «التآمر» للأربعة ولكن بعد استشارة قائد الجيش حول القضية.
أما الجنرال زروال، رئيس البلاد بين 1994 و1998، فقد شارك في اجتماع نظمه سعيد في الفترة نفسها، وحضره محمد مدين ولويزة حنون وعثمان طرطاق، وعرضوا عليه قيادة البلاد لـ«مرحلة انتقالية» مدتها عام، تنتهي بتسليم السلطة لرئيس منتخب، وحينها يسدل الستار عن حكم بوتفليقة بشكل سلس. وجرى حديث في الاجتماع، عن إبعاد قايد صالح (توفي بنهاية 2019)، الذي كان قد أحكم قبضته على الحكم، بحسب زروال الذي أحاط قائد الجيش بتفاصيل اللقاء بعد خروجه منه.
وتفيد مصادر قضائية على صلة بهذا الملف، أن الفريق قايد صالح حال دون استدعاء النيابة العسكرية لزروال شاهداً في القضية، وكان ذلك بمثابة «امتياز» له، لعلاقة الصداقة القوية التي كانت تجمعهما. لكنه أعطى أوامر شفوية للقضاء العسكري باتهام الشخصيات الأربعة بـ«التآمر»، على أساس ما سمعه من زروال. وتعامل قايد صالح مع المسألة بـ«بحساسية شخصية بالغة»، بحسب المصادر ذاتها. ويقول المحامي مقران آيت العربي، الذي دافع عن حنون، إن القضاء العسكري «يخضع دائماً للأوامر الفوقية، عندما يتعلق الأمر بقضية سياسية تعرض عليه». وهو ما تم حسبه في «ملف التآمر». وفي كل الأحوال، فقد ثبت بعد حكم البراءة، أن التهمة لم تكن مؤسسة.
يشار إلى أن خالد نزار، اتهم أيضا في «قضية التآمر»، بسبب خلاف بينه وبين قايد صالح وحكم عليه بـ20 سنة سجنا غيابيا. وغادر البلاد قبل اعتقاله، وعاد منذ أقل من شهر بعدما تلقى ضمانات من قيادة الجيش التي استخلفت صالح، بإبطال التهمة. وجرى تسوية قضيته و«ملف التآمر» في إطار ترتيبات سياسية، تهدف إلى إزالة إرث ثقيل خلَفه قايد صالح بعد وفاته.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.