ليبيا تستقبل عامها الجديد بـ«تحضير الشعب» للانتخابات

ليبيا تستقبل عامها الجديد بـ«تحضير الشعب» للانتخابات
TT

ليبيا تستقبل عامها الجديد بـ«تحضير الشعب» للانتخابات

ليبيا تستقبل عامها الجديد بـ«تحضير الشعب» للانتخابات

على الرغم من ارتباك المشهد السياسي في ليبيا وتعثره أحياناً، فإن هناك تحركاً ملحوظاً لدفع عجلة الانتخابات الرئاسية والنيابية قدماً، على أمل أن تُجرى نهاية العام الحالي، وفق مساع أممية مع الأطراف الفاعلة بالمشهد الليبي. جانب من هذه التحركات تمثل في توقيع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات مذكرة تفاهم مع المؤسسة الليبية للإعلام، نهاية الأسبوع الماضي، بهدف «رفع مستويات التوعية السياسية والانتخابية لدى المواطنين، وتفعيل دور الإعلام كشريك أساسي لدعم المسار الديمقراطي في ليبيا».
وقال جمال الفلاح، رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية، في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن الشعب الليبي «ينتظر هذه الانتخابات ويتوق إليها، لأنها ستنهي مرحلة من العبث والفوضوية في الشرعية السياسية، وتضع حداً للانقسام في البلاد». لكنه رأى أن «هناك أطرافاً في المشهد السياسي تطيل عمر الأزمة وتضع العراقيل لإفشالها، لأنها تعلم أن هذه الانتخابات سوف تقصيها من المشهد العام، بطريقة حضارية وديموقراطية».
ورأى الفلاح أن الانتخابات تحتاج لأرضية دستورية وقانونية، وهو ما لا يتوفر حتى الآن، وقال بهذا الخصوص: «لا نريد انتخابات دون دستور، أو أرضية قانونية، وذلك لقطع الطريق على المشككين في نزاهتها ومدى صحتها».
وسبق للمشاركين الليبيين في المحادثات السياسية، التي احتضنتها تونس في الثالث عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الاتفاق برعاية أممية على إجراء الانتخابات العامة في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. لكن يسود اعتقاد في ليبيا بعدم التمكن من إجراء هذه الانتخابات لأسباب أهمها وجود تيار من المدافعين عن «مكتسباتهم» التي تحققت من حالة الفوضى بالبلاد، وهو ما لفت إليه الفلاح وتخوف منه، قائلا: «هناك أطراف مستفيدة كثيراً من المشهد الحالي، بما يعتريه من انقسام وفوضى، وهي نفسها التي انقلبت على انتخابات مجلس النواب في عام 2014 بعد خسارتها، ويتوقع أن تعرقل كل شيء يؤدي إلى هذا الاستحقاق».
وبعيداً عن هذه الأطراف، مضت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، بشراكة مع المؤسسة الليبية للإعلام، في تهيئة المواطنين لهذا الاستحقاق المرتقب، وهو ما اعتبره البعض «تحركا إيجابيا» يستهدف طي صفحة الفترة الانتقالية، على الرغم من هشاشة المسار السياسي، الذي لم يسفر بعد عن اتفاق على سلطة تنفيذية جديدة. بهذا الخصوص قال جمال شلوف، رئيس مؤسسة‏ «سلفيوم» للدراسات والأبحاث:‏ «من الجيد، بل ومن المطلوب رفع وعي المواطن ليعرف مسؤولياته تجاه وطنه من خلال دوره الانتخابي». لكنه رأى أن البعثة الأممية في بلاده «لم تسع لتحويل اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة بوقف إطلاق النار إلى قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي، مما يجعلنا نشك حقيقة في جديتها حول الذهاب إلى الانتخابات في الموعد المحدد».
وذهب شلوف إلى أن «الإحباط العام الذي يسود أوساط معظم الليبيين، نتيجة سوء أداء الأجسام السياسية المنتخبة سابقاً، قد يؤدي إلى عزوف كبير في أي استحقاق انتخابي قادم». مبرزا أن هذا الأمر «قد يجعل المال السياسي هو المحدد الأكبر لمخرجات العمليات الانتخابية المقبل حال إجرائها».
وسبق لغالبية المحسوبين على تيار «الإسلام السياسي» في ليبيا مقاطعة مجلس النواب الليبي، بعد أن أظهرت النتائج النهائية حصولهم على مقاعد محدودة في مقابل التيار المدني. علاوة على عدم سماح الجماعات المتشددة بإجراء الانتخابات في مدينة درنة (شمال شرقي) في عام 2014.
ويرى سياسيون ليبيون أن إجراء هذا الاستحقاق الانتخابي في موعده يحتاج إلى تكاثف محلي ودولي لإنقاذ ليبيا مما سموه «براثن المافيا السياسية المستجدة»، المتحكمة في البلاد، مشيرين إلى أن هناك أطرافا تسعى جاهدة لتوجيه دفة الأمور لصالحها، «وهو ما حدث بالفعل من محاولات شراء الأصوات خلال المنتدى الليبي في جولته الأولى بتونس».
وسعت بعض الشخصيات الثرية بالبلاد «لشراء ذمم» بعض المشاركين في المنتدى، مقابل التصويت على ترشيحهم لرئاسة الحكومة المقبلة؛ ووجه 56 سياسياً ليبياً، من الذين شاركوا بالجولة الأولى، خطاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عبروا فيه عن انزعاجهم مما سموه «وجود ممارسات فساد واستخدام للمال السياسي، اعترى عملية الترشيح للسلطة التنفيذية خلال أعمال المنتدى»، مطالبين بأن يكون التحقيق، فيما أطلقت عليه البعثة الأممية مبكراً «مزاعم جادة»، بـ«أعلى درجة من الشفافية».
وانتهى الفلاح بالحديث عن مخاوف مما اعتبره «عدم جدية المجتمع الدولي تجاه الاستحقاق الانتخابي»، وأرجع ذلك إلى أن «كل مخرجات المؤتمرات الدولية السابقة كانت تشدد على موعد إجراء الانتخابات، وإعداد قاعدة دستورية تنهي المراحل الانتقالية، لكن عندما يقترب الموعد الذي نصت عليه مخرجات هذه المؤتمرات تُعطّل من خلال إقامة مؤتمر آخر، يمدد المرحلة الانتقالية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.