النفايات والصحة عربياً: 200 مليون طن سنوياً تلوُّث المياه والهواء

امرأة مشردة قرب مكب للنفايات في بيروت في الصيف الماضي (أ.ب)
امرأة مشردة قرب مكب للنفايات في بيروت في الصيف الماضي (أ.ب)
TT

النفايات والصحة عربياً: 200 مليون طن سنوياً تلوُّث المياه والهواء

امرأة مشردة قرب مكب للنفايات في بيروت في الصيف الماضي (أ.ب)
امرأة مشردة قرب مكب للنفايات في بيروت في الصيف الماضي (أ.ب)

الانعكاسات الصحية لإدارة النفايات عنوان الحلقة الثالثة من سلسلة المقالات عن الصحة والبيئة في البلدان العربية. يستند هذا المقال إلى الفصل الخاص بالموضوع في تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) الذي صدر مؤخراً. والفصل من تأليف الدكتورة مي مسعود، أستاذة ومديرة برنامج الدراسات البيئية للخريجين في كلية الصحة العامة في الجامعة الأميركية في بيروت، بمشاركة الباحثين ميشال مقبل ودانا حلواني وموسى الخياط.
> يزداد إنتاج النفايات الصلبة حول العالم بمعدّلات تنذر بالخطر، ولا يختلف الوضع في المنطقة العربية، حيث أدّى النمو السكاني واتّساع التحضُّر وارتفاع مستويات المعيشة وتغيُّر أنماط الاستهلاك إلى وضع أنظمة إدارة النفايات القائمة على حافة الهاوية.
في عُمان، مثلاً، ارتفع معدل توليد الفرد للنفايات من 0.79 كيلوغرام يومياً إلى 1.3 كيلوغرام بين 2002 و2014. كما تفاقمت المشكلة على نحو أسرع في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بفعل الاضطرابات السياسية وغياب الاستقرار، ما أدى لزيادة الضغط على أنظمة إدارة النفايات الهشة أساساً.
ويناقش تقرير «الصحة والبيئة»، الذي صدر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، الدوافع البيئية الرئيسية التي لها تأثير كبير على مختلف جوانب صحة الإنسان في الدول العربية. وفي مجال إدارة النفايات الصلبة، يسعى التقرير إلى توضيح وتقييم ممارسات إدارة النفايات الحالية، وتقييم الآثار الصحية والبيئية المحتملة لأنواع النفايات المختلفة، ودراسة بدائل الإدارة المستدامة والمتكاملة للنفايات الصلبة.
ينمو توليد النفايات في المنطقة العربية بنحو 3.3 في المائة سنوياً، ومن المتوقع أن تتجاوز كمية النفايات البلدية الصلبة التي تنتجها المنطقة 200 مليون طن في سنة 2020. ويصل متوسط إنتاج الفرد من النفايات إلى 1.5 كيلوغرام يومياً في بعض الدول، وهو بين أعلى المعدلات في العالم.
ورغم انتشار مطامر النفايات الصحية في المنطقة تعتمد بلدان عديدة على التخلُّص العشوائي من النفايات في مكبّات مفتوحة والحرق في الهواء الطلق كأسلوب غير سليم لمعالجة النفايات الصلبة.
ويحذّر تقرير «أفد» من المخاطر المرتبطة بمكبّات النفايات العشوائية التي تقام عادةً في أماكن قريبة من التجمّعات السكانية. وتتضاعف هذه المخاطر مع اختلاط النفايات البلدية بالنفايات الخطرة الآتية من الأنشطة الصناعية والطبية، ما يزيد من عبء الآثار البيئية لانبعاثات المكبّات العشوائية التي تنطلق في الجو والسوائل التي ترشح منها وتتسرب إلى المياه الجوفية عبر التربة، ما يرفع التكاليف المرتبطة بمعالجة وإعادة تأهيل المكبات الملوثة.
ويجذب تراكم النفايات في المناطق الحضرية نواقل المرض، كالحشرات والقوارض، ويتسبب في إزعاج السكان المحليين، مثلما ظهر على نحو صريح مؤخراً في لبنان. ويشير تحليل سوائل الرشح التي جُمعت من مكبّات نفايات منظمة وعشوائية في لبنان إلى ارتفاع مخاطرها الصحية على الإنسان، بما تتّصف به من سميّة خلوية وسميّة وراثية. كما أظهر العديد من الدراسات وجود مخاطر صحية على العاملين في القطاع غير الرسمي لجمع النفايات وتدويرها.
ويثير الحرق المكشوف، الذي يمارس في المكبات العشوائية، مخاوف صحية كبيرة، إذ يرتبط بأمراض القلب والسرطان وأمراض الجلد والجهاز التنفسي، بسبب الانبعاثات الناتجة عنه، بما فيها أكاسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين، والديوكسينات، والجسيمات المعلقة في الهواء.
ويشير تقرير «أفد» إلى تفاوت في إدارة النفايات الخطرة في المنطقة العربية، حسب الوضع الاقتصادي لكل بلد. ففي الدول الأقل دخلاً، يتم التخلص من النفايات الصناعية الخطرة في مكبّات النفايات البلدية من دون فصل أو إعادة تدوير، بسبب الافتقار إلى مرافق معالجة النفايات الخطرة. فيما تحظى البلدان العربية ذات الدخل المرتفع، خصوصاً في الخليج، بمواقع خاصة لدفن النفايات الصناعية الخطرة تحول دون تسرب سوائل الرشح إلى طبقات التربة.
كما تقوم السعودية والإمارات بتشغيل مرافق معالجة لتحييد النفايات الخطرة وتحويلها إلى نفايات أقل خطورة أو غير خطرة، قبل التخلص منها في مكبّات النفايات البلدية. وبالمثل، يعالج الأردن 50 في المائة من نفاياته الخطرة قبل التخلص منها في مطامر صحية، في حين تصل نسبة المعالجة إلى 7 في المائة فقط في مصر. وتصل نسبة تدوير النفايات الخطرة في قطر إلى 36 في المائة بفضل ما أنجزته البلاد في بناء القدرات وإشراك العديد من أصحاب المصلحة.
ويزداد إنتاج النفايات الطبية بسرعة بسبب توسع قطاع الرعاية الصحية في المنطقة العربية. وتعد إدارة النفايات الطبية في المنطقة العربية تحدياً كبيراً، لا سيما في البلدان منخفضة الدخل حيث لا توجد لوائح تنظم هذا النوع من النفايات.
ويُظهر تفشي جائحة «كوفيد - 19» مؤخراً آلية تأثير الحوادث الطارئة على البيئة والصحة العامة، حيث أدّت الجائحة إلى زيادة معدّلات توليد النفايات الطبية في مناطق معيّنة بأكثر من أربعة أضعاف، كما تسبّبت أيضاً في زيادة التخلّص من المواد بعد استخدامها لمرة واحدة فقط خوفاً من انتقال العدوى. وتؤكد الطفرة الأخيرة في البصمة البيئية للبلاستيك، نظراً للاعتماد على معدات الوقاية الشخصية ذات الاستخدام الواحد، أن الاهتمام بالصحة الشخصية فاق بكثير الأخذ بالاعتبارات البيئية العامة.
ومثل معظم الدول حول العالم، تشهد المنطقة العربية زيادة مطردة في النفايات الإلكترونية مع زيادة الاعتماد على الأجهزة والمعدات الرقمية. وتبلغ معدّلات زيادة النفايات الإلكترونية في الدول الخليجية من 3 إلى 5 في المائة سنوياً، وتُقدّر قيمة المعادن الثمينة والصناعية التي يمكن استردادها من هذه النفايات بأكثر من مليار يورو.
ويفتقر العديد من الدول العربية إلى سياسات واستراتيجيات مناسبة لإدارة النفايات الإلكترونية، فضلاً عن مرافق إعادة التدوير، حيث تقل معدلات إعادة التدوير عن 5 في المائة من كميات النفايات الإلكترونية. ويشحن المغرب ولبنان بعض نفاياتهما الإلكترونية إلى دول أخرى لإعادة التدوير، كما يجمع ملتقطو النفايات وتجار الخردة في الأردن النفايات الإلكترونية لبيعها للقائمين على إعادة التدوير من أجل استرداد المعادن.
وفيما تملك تونس أفضل أنظمة إعادة تدوير لجمع النفايات الإلكترونية وتدويرها في المنطقة العربية، تواجه دول الخليج تحديات في إدارة هذه النفايات بسبب الافتقار إلى السياسات الناظمة وغياب مرافق إعادة التدوير المناسبة، حيث تختلط معظم النفايات الإلكترونية بأنواع أخرى من النفايات قبل التخلص منها. ويحذّر تقرير «أفد» من المخاطر الصحية الناتجة عن التعرّض للنفايات، لا سيما لدى جامعي النفايات والمتعاملين بها، إذ يقترن هذا التعرض بالغبار الملوث والمواد الكيميائية والسموم والكائنات الدقيقة ومسببات الأمراض، التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى مجموعة متنوعة من المشاكل الصحية ونشر للعدوى.
وتشير دراسات أجريت في مصر وفلسطين إلى انتشار كبير لاضطرابات الجهاز التنفسي، مثل ضيق التنفس والتهاب الحلق والسعال وارتفاع درجة الحرارة، بين جامعي النفايات البلدية الصلبة. وبالمثل، كانت مشاكل الجهاز التنفسي إلى جانب التهابات العين والتهابات الجهاز الهضمي ضمن المشاكل الصحية الرئيسية التي يعاني منها عمّال النفايات في العديد من الدول.
وتؤدي النزاعات والحروب في المنطقة العربية إلى زيادة الضغط على الخدمات البيئية، وتتسبب غالباً في انهيار أنظمة إدارة النفايات. فقطاع إدارة النفايات في سوريا تعرّض لأضرار جسيمة منذ بداية الحرب في 2011، ونتج عن انهيار هذا القطاع في بعض المناطق زيادة أمراض الجلد والجهاز التنفسي والأمراض المعدية مثل داء الليشمانيات الحشوي. كما وجد تحقيق في العوامل المحتملة التي أسهمت في انتشار وباء الكوليرا في اليمن، أن الإدارة غير السليمة للنفايات الطبية نتيجة تدمير مرافق إدارة النفايات تسببت في انتقال العوامل الممرضة إلى مصادر المياه.
ويخلُص تقرير «أفد» إلى أن الدول العربية تعاني في جميع المجالات من مشاكل صحية مرتبطة بممارسات إدارة النفايات الصلبة السيئة، ويترافق ذلك مع عدم كفاية الأطر التشريعية والمؤسساتية الراهنة لحماية صحة السكان وضمان رفاهيتهم. ويدعو التقرير إلى إنشاء أنظمة بيانات ورقابة تسلّط الضوء على المشاكل القائمة وتسمح بتحديد الأولويات ورصد الموارد على نحو أفضل، مع ضمان تأييد الجمهور والمسؤولين المحليين وجميع المعنيين.
ويقدم التقرير مجموعة من التوصيات لتسهيل الانتقال نحو نظام وقائي ودائري في إدارة النفايات الصلبة، يقوم على المبادئ الأساسية للاستدامة البيئية. ومن بين التوصيات، صياغة الخطط اللامركزية التي تراعي الظروف الراهنة الاجتماعية والجغرافية والثقافية والاقتصادية للمناطق المستهدفة، وإضافة طبقة عازلة لمنظومة إدارة النفايات الصلبة قادرة على امتصاص الصدمات التي تسببها أحداث أو حالات طارئة غير متوقعة كالأوبئة مثلاً.
كما تشمل التوصيات الاستغناء عن مرافق النفايات القديمة لصالح منشآت جديدة تقلّل البصمة الصحية والبيئية للقطاع وتزيد كفاءة العمليات، ومعالجة المكبّات العشوائية لوقف انتشار الملوثات، وإنشاء آلية لاسترداد الكلفة، خصوصاً في البلدان منخفضة الدخل، وتطوير الأطر التشريعية مع وضع آليات للمراقبة وفرض احترام القانون، وإقامة شراكات جديدة بين القطاعين العام والخاص عبر تعاقدات شفافة وتنافسية، إلى جانب تنظيم حملات توعية عامة لتعزيز مشاركة السكان.


مقالات ذات صلة

السلطات الروسية تحذّر من وضع «صعب» بسبب الفيضانات الغزيرة

العالم منظر عام يظهر منطقة سكنية غمرتها المياه في أورينبورغ بروسيا 11 أبريل 2024 (رويترز)

السلطات الروسية تحذّر من وضع «صعب» بسبب الفيضانات الغزيرة

حذّرت السلطات الروسية، اليوم (الخميس)، من أن الوضع يبقى «صعبا» في منطقة أورنبورغ في أورال، وهي إحدى المناطق الأكثر تأثّرا بأسوأ فيضانات عرفها البلد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تكنولوجيا كثبان من الفحم منخفض الجودة تظهر بالقرب من منجم للفحم في روتشو بمقاطعة هنان بالصين في 4 نوفمبر 2021 (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يساهم في رصد انبعاثات غاز الميثان المضرّ بالبيئة

تبتكر شركة «كيروس» في باريس نماذج من الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق، ثم تدربها، حتى تتمكن من تنفيذ مهمة رصد غاز الميثان تلقائياً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)

فوز نشطاء المناخ بدعوى قضائية أوروبية تاريخية على سويسرا

فازت مجموعة من النساء الكبيرات في السن في سويسرا بدعوى قضائية تاريخية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي قضت بإخفاق السلطات في تخفيف حدة التغير المناخي.

«الشرق الأوسط» (ستراسبورغ)
تكنولوجيا يقوم التركيب الكلسي لمستعمرات الشعاب المرجانية بتزويد السواحل بالأتربة عند تكسره (شاترستوك)

خرائط ثلاثية الأبعاد للشعاب المرجانية عبر الذكاء الاصطناعي... في وقت قياسي

ينتج نظام ذكاء اصطناعي خرائط ثلاثية الأبعاد للشعاب المرجانية من لقطات كاميرا تجارية عادية في دقائق معدودة فقط.

نسيم رمضان (لندن )
بيئة سائحون يتفاعلون مع شبل أسد في حديقة الأسد والسفاري بالقرب من جوهانسبرغ جنوب أفريقيا 7 فبراير 2020 (رويترز)

جنوب أفريقيا تتجه نحو الحظر التدريجي لتربية الأسود بغية صيدها

تعتزم جنوب أفريقيا خطة لفرض حظر تدريجي على تربية الأسود لأغراض الصيد، في وقت تحاول فيه الدولة تحسين صورتها على صعيد الحفاظ على الحياة البرية.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)

الهيدروجين مِحوَر «حوار برلين» حول تحوُّلات الطاقة

شاحنة سباقات رعتها شركة أرامكو السعودية تعمل بطاقة الهيدروجين خلال رالي دكار في الرياض، العاصمة السعودية، عام 2022. ومثّل ذلك أول مشاركة لشاحنة تعمل بالهيدروجين في السباق الشهير (غيتي)
شاحنة سباقات رعتها شركة أرامكو السعودية تعمل بطاقة الهيدروجين خلال رالي دكار في الرياض، العاصمة السعودية، عام 2022. ومثّل ذلك أول مشاركة لشاحنة تعمل بالهيدروجين في السباق الشهير (غيتي)
TT

الهيدروجين مِحوَر «حوار برلين» حول تحوُّلات الطاقة

شاحنة سباقات رعتها شركة أرامكو السعودية تعمل بطاقة الهيدروجين خلال رالي دكار في الرياض، العاصمة السعودية، عام 2022. ومثّل ذلك أول مشاركة لشاحنة تعمل بالهيدروجين في السباق الشهير (غيتي)
شاحنة سباقات رعتها شركة أرامكو السعودية تعمل بطاقة الهيدروجين خلال رالي دكار في الرياض، العاصمة السعودية، عام 2022. ومثّل ذلك أول مشاركة لشاحنة تعمل بالهيدروجين في السباق الشهير (غيتي)

عدالة الوصول إلى الطاقة كانت أحد محاور نقاشات «حوار برلين لتحوُّل الطاقة» في نسخته العاشرة (حوار التحول الطاقي في برلين 19 - 20 مارس/آذار الماضي). فقد ركَّز المندوبون الأفارقة على أن نحو 600 مليون نسمة في القارة لا يحصلون على حاجاتهم من الكهرباء، وأن نحو نصف مليون امرأة في جنوب الصحراء الأفريقية يموتون سنوياً بسبب التلوّث الناتج عن حرق الأخشاب لطهي الطعام. فكيف لهؤلاء الملايين من البشر أن يساهموا في عملية التحوُّل في الطاقة، بينما هم لا يحصلون على حاجاتهم من الكهرباء ومعظمهم لم يعرفها طوال حياته؟

فما هي عملية تحوُّل الطاقة التي دار حولها الحوار السنوي العاشر في برلين؟

ليس هناك من شك أن الاستجابة لتغيُّرات المناخ تتطلب تحوُّلاً لتخفيض الانبعاثات الكربونية، يقوم على مزيج من مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات التقاط الكربون من حرق الوقود، لتدويره أو تخزينه بأمان. وهذا ما اتُّفِق عليه مؤخراً في مؤتمر دبي، حيث وافقت 196 دولة على زيادة مساهمة الطاقات المتجددة بثلاثة أضعاف، وتحسين كفاءة الطاقة بضعفين، والتخلُّص التدريجي من استخدام الوقود بلا معالجة صحيحة.

تصميم لمصنع مخصص لانتاج الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة النظيفة (شاترستوك)

ونظراً لارتباط الطاقة بكثير من أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك القضاء على الفقر وتحقيق الأمن الغذائي والصحة والتعليم وخلق الوظائف والنقل والمياه والصرف الصحي، فإن إدخال حلول الطاقة المأمونة لأولئك الذين يفتقرون إلى الكهرباء يمكن أن يوفّر كثيراً من الخدمات الحيوية، مثل تحسين الرعاية الصحية والتعليم والمياه النظيفة واللحاق بثورة الاتصالات. إلا أن ذلك ليس بالأمر السهل، نظراً للتفاوت الكبير في التقدم العلمي والتكنولوجي بين البلدان النامية والمتقدمة. لذا يتطلّب تحقيق التحوُّل الطاقي العالمي المنشود تسهيل نقل التكنولوجيات المنخفضة الكربون إلى البلدان النامية، وإزالة كل المعوقات التي تعترض تدفُّق تلك التكنولوجيات من خلال الإصلاح اللازم للأطر القانونية والمؤسسية في البلدان النامية، بما يخلق بيئة تمكينية تفضي إلى نقل التكنولوجيا واجتذاب استثمارات القطاع الخاص. وقد كانت قضية نقل التكنولوجيات النظيفة بنداً ثابتاً على جدول أعمال مؤتمرات الأطراف منذ توقيع الاتفاقية الإطارية لتغيُّر المناخ عام 1992.

وبالنسبة إلى البلدان التي تعاني فقر الطاقة، سيكون الحصول على الطاقة الكافية والمأمونة هو الأولوية الإنمائية العادلة، خاصة أنه رغم المساهمات الهامشية لتلك البلدان في انبعاثات غازات الدفيئة، فإن بعضها هي الأكثر عرضة للتهديدات المحتملة لتغيُّر المناخ. على سبيل المثال، كانت موزمبيق وزيمبابوي أكثر البلدان تضرراً على مستوى العالم من الظواهر الجوية المتطرفة في عام 2019.

إلا أنه على الجانب الآخر، فإن إمكانات الطاقة المتجددة في أفريقيا هائلة، حيث إن لديها فرصة ذهبية للتحوُّل إلى مسار إنمائي منخفض الكربون، من خلال الاعتماد على أنظمة الطاقة النظيفة، خاصة المتجددة اللامركزية، على نحو مباشر بلا حاجة إلى مرحلة انتقالية. ولذلك ينبغي على البلدان المتقدمة أن تفي بالتزاماتها بدعم مثل هذه التحوُّلات من خلال تسهيل التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات.

لكن التحوُّل إلى اقتصاد قائم على الطاقات النظيفة والمتجددة ليس بالمهمة السهلة، لأنه لا توجد وصفة موحدة تناسب الجميع، بسبب اختلاف مستويات التنمية الاقتصادية وتوافر الموارد الطبيعية، والسياقات الوطنية، التي تعكس أولويات متباينة، وتستلزم مزيجاً من القدرات والتقنيات والسياسات وآليات التمويل. ولأن كل دولة تواجه تحدياتها الفريدة الخاصة بها، سيتعيّن عليها اتباع مسار مناسب لأوضاعها. وبالتالي، فإن مسارات التحوُّل العادل للطاقة ستختلف من أجل تقاسم الأعباء والفوائد على نحو عادل، تطبيقاً لمبدأ «المسؤوليات المشتركة، ولكن المتباينة» المنصوص عليه بوضوح في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ واتفاق باريس.

بدايات التحوُّل الطاقي: نجاحات وخيبات

أظهرت مناقشات الحوار في برلين أن طريق التحوُّل الطاقي في بداياتها، إلا أن هناك كثيرا من النجاحات التي تحققت في كثير من بلدان العالم. حيث عُرضت في القاعات أرقام تستحق التمعُّن. فقد نجحت ألمانيا في زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء بأكثر من 50 في المائة منذ 2015، وهي تستهدف زيادتها إلى 80 في المائة بحلول 2030. كما أعلن وزير الطاقة في بريطانيا أنهم في الطريق إلى التخلُّص نهائياً من آخر محطات توليد الكهرباء من الفحم في ديسمبر (كانون الأول) من هذه السنة. كما نجحت أوروغواي في توليد 98 في المائة من احتياجاتها من الطاقة المتجددة. وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة أن واحدة من كل خمس سيارات بيعت في أوروبا عام 2022 كانت تعمل بالكهرباء، وأن الصين هي السوق الكبرى في العالم لهذا النوع من السيارات، إذ تمثّل نحو 60 في المائة من حجم السوق العالمية، علماً أن شحن تلك السيارات بكهرباء مولّدة من مصادر نظيفة ومتجددة سوف يجعل منها وسيلة نقل منعدمة الانبعاثات.

وقد احتلّت صناعة الهيدروجين الأخضر جانباً كبيراً من المناقشات، باعتبارها من مسارات التحوُّل الطاقي الواعدة. ونظراً لموارد الطاقة النظيفة والمتجددة الهائلة المتاحة، تتمتع المنطقة العربية، ومن بينها مصر والسعودية والإمارات وعُمان والجزائر والمغرب، بميزة تنافسية عالية في توليد الكهرباء الخالية من الانبعاثات والمنخفضة التكلفة، حيث وصلت التكلفة للكهرباء المتجددة في المنطقة إلى مستويات قياسية عالمياً تقترب من 10.4 دولار أميركي لكل ميغاواط-ساعة في مشروع الشعيبة للطاقة الشمسية الفوتوفولطية بقدرة 1100 ميغاواط في السعودية. كما يعدّ الهيدروجين الأخضر فرصة كبيرة لتنويع الاقتصادات الخليجية وخلق فرص عمل جديدة. فوفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، يمكن أن يُسهم الهيدروجين الأخضر بنحو 7 في المائة من الناتج الإجمالي للسعودية بحلول عام 2030، حيث تخطط المملكة لإنتاج 4 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً في ذلك التاريخ، وذلك من خلال عدد من المشروعات مثل «نيوم»، الذي يهدف إلى إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، باستثمارات تبلغ 500 مليار دولار.

كما تخطط الحكومة المصرية إلى أن تصبح مركزاً إقليمياً لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر من خلال استراتيجية وطنية تهدف إلى زيادة قدرة مصر على إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 8 غيغاواط بحلول 2030، وخفض تكلفة الإنتاج إلى دولارين للكيلوغرام بحلول 2030، بالإضافة إلى خلق 30 ألف وظيفة جديدة. وأعلنت الإمارات استراتيجية وطنية تهدف إلى زيادة قدرتها على إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 25 غيغاواط بحلول 2030، مع خفض تكلفة الإنتاج إلى 1.5 دولار للكيلوغرام الواحد.

وفي جلسة خصصت للهيدروجين الأخضر في «حوار برلين»، عرض وزير الطاقة العُماني خطة لاستغلال مصادر بلاده الوفيرة من الشمس والرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته. ومن المقرر أن يولِّد المشروع ما يزيد على 4 غيغاواط من الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتحويله إلى أمونيا خضراء للاستعمال المحلي، بالإضافة إلى التصدير. وتطمح سلطنة عُمان إلى أن تكون أحد أكبر منتجي الهيدروجين على مستوى العالم بحلول 2030. وكانت الحكومة العُمانية قد أعلنت الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين في فبراير (شباط) 2020 بهدف إنتاج نحو 1.25 مليون طن سنوياً بحلول 2030، وزيادته إلى نحو 8 ملايين طن بحلول 2050، مع استثمارات قدرها 140 مليار دولار.

وبرزت خلال جلسة الحوار حول سوق الهيدروجين الواعدة قضية تعريف ما هو «الهيدروجين الأخضر»، نظراً لأهمية ذلك لنمو هذه السوق في العالم في إطار من الشفافية للمساهمة في الوفاء بهدف الحدّ من ارتفاع معدلات الحرارة بما دون 1.5 درجة. فمن المعروف أن هناك أنواعاً مختلفة الألوان من الهيدروجين، وفقاً لأسلوب إنتاج كل منها، مثل الهيدروجين الرمادي المنتج من الوقود الأحفوري، والهيدروجين الأزرق الذي ينتج أيضاً من الوقود الأحفوري مع احتجاز ثاني أكسيد الكربون ومنع تصاعده للغلاف الجوي. ثم هناك الهيدروجين الأخضر، وهو الناتج عن عملية التحليل الكهربائي للماء باستخدام كهرباء مولّدة من مصادر متجددة كالشمس والرياح، وهذا النوع الأخير هو الذي لا ينتج عند إنتاجه أو استخدامه أي انبعاثات كربونية. وقد صدرت عام 2020 «المواصفات القياسية للهيدروجين الأخضر ومشتقاته» عن منظمة الهيدروجين الأخضر في سويسرا، التي حددت مجموعة من الاشتراطات، أهمها ألا تزيد انبعاثات الكربون أثناء عملية الإنتاج على كيلوغرام واحد لكل كيلوغرام من الهيدروجين المنتج. وبطبيعة الحال فإن الحصول على هذه البطاقة سوف يكون جواز مرور لتسهيل عملية تصدير الهيدروجين الأخضر واستيراده، كما ستكون عاملاً هاماً في حسابات شهادات الكربون في أسواق الكربون العالمية، التي يزداد عددها يوماً بعد يوم. ويساهم تعميم تقنيات احتجاز الكربون من حرق الوقود في توسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الخالي من الانبعاثات. كما صدرت عن الاتحاد الأوروبي مؤخراً مواصفات قياسية للهيدروجين ومشتقاته المنتج من مصادر متجددة، على المنتجين الأوروبيين والمصدّرين لدول الاتحاد الأوروبي الالتزام بها. وبرزت خلال الحوار أهمية الاتفاق عالمياً على تعريف موحد لما يُطلق عليه «الهيدروجين الأخضر».

في ختام يومين من المناقشات، ودَّع المتحاورون برلين حاملين قناعة راسخة بأنه لا بديل عن التعاون الدولي على طريق التحوُّل الطاقي حتى منتصف هذا القرن، لمجابهة التحديات المناخية.

* الدكتور إبراهيم عبد الجليل، خبير الطاقة والبيئة المصري، شارك في «حوار برلين» ممثلاً «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» (أفد)


التوازن البيئي من تخضير سيناء إلى غابات أميركا وذئاب بريطانيا

التوازن البيئي من تخضير سيناء إلى غابات أميركا وذئاب بريطانيا
TT

التوازن البيئي من تخضير سيناء إلى غابات أميركا وذئاب بريطانيا

التوازن البيئي من تخضير سيناء إلى غابات أميركا وذئاب بريطانيا

من الدور المهم للفطريات في نظامنا البيئي وتأثيرها المحتمل على صحة الإنسان، وحماية الغابات في أميركا، إلى مشاريع طموحة لمكافحة تغيُّر المناخ مثل إعادة تخضير شبه جزيرة سيناء، تتنوّع المواضيع البيئية التي اهتمت بها المجلات العلمية الصادرة هذا الشهر. وتستكشف هذه المجلات انبعاثات الميثان من مدافن النفايات، واتجاهات البستنة الكسولة والمستدامة. كما تعرِض التحديات التي تواجه هجرة السلاحف العملاقة في جزر غالاباغوس، وحماية الذئاب في بريطانيا.

«ناشيونال جيوغرافيك»

عالم الفطريات الآسر كان موضوع غلاف العدد الجديد من «ناشيونال جيوغرافيك» (National Geographic). ويسلّط المقال الضوء على دورها المهم في نظامنا البيئي وتأثيرها المحتمل على صحة الإنسان. وتُعدّ الفطريات ضرورية للحفاظ على التوازن البيئي، فهي تشكّل علاقات تكافلية مع النباتات، مما يساعد في امتصاص العناصر الغذائية والتحلل. ومع ذلك، يمكن أن تكون بعض أنواع الفطريات غازية ومدمرة، مما يجعلها تهديداً للنظم البيئية المحلية. ويزيد تغيُّر المناخ من تفاقم هذه التحديات؛ حيث يسمح للفطريات بالازدهار في بيئات لم تكن مناسبة لها في السابق.

«نيو ساينتست»

اختارت «نيو ساينتست» (New Scientist) خمسة «مشاريع خضراء عملاقة» طموحة تهدف إلى مكافحة تغيُّر المناخ والتخفيف من آثاره. وتقترح هذه المشاريع حلولاً مبتكرة مثل إنشاء محطة للطاقة الشمسية في الفضاء لتسخير ضوء الشمس دون انقطاع، وبناء جزر طاقة في بحر الشمال لتكون بمثابة مراكز لمزارع الرياح وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتثبيت نهر ثويتس الجليدي في أنتاركتيكا لمنع ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل كارثي، وإعادة تخضير شبه جزيرة سيناء لاستعادة نظامها البيئي، وامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي مباشرة لتخفيف تركيزاته.

«ساينس»

عرضت مجلة «ساينس» (Science) نتائج دراسة عن انبعاثات الميثان من مطامر النفايات في الولايات المتحدة. وتكشف الدراسة عن وجود أعمدة دخان في أكثر من نصف مدافن النفايات التي تم مسحها، مما يشير إلى انبعاثات مركّزة من غاز الميثان، حتى بعد سنوات من إقفالها. وتسلّط الدراسة الضوء أيضاً على التناقض بين معدلات الانبعاثات المُقاسة وتلك التي تم الإبلاغ عنها إلى وكالة حماية البيئة؛ حيث غالباً ما تتجاوز عمليات الرصد الجوي القِيَم المبلغ عنها بهامش كبير. وهذا يؤكد الحاجة إلى مراقبة شاملة ومستمرة لانبعاثات غاز الميثان من مدافن النفايات لمعالجة أوجه القصور.

«ساينتفك أميركان»

سلّطت «ساينتفك أميركان» (Scientific American) الضوء على جهود حماية وادي ياك، وهي منطقة نائية في مونتانا، من عمليات قطع الأشجار التي تهدد الغابات البكر القديمة. وتعدّ ياك موطناً لنظام بيئي متنوّع من النباتات والحيوانات، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض مثل الدببة الرمادية ووشق كندا. ومع ذلك، أدّت عقود من قطع الأشجار على نحو واسع من قِبَل الشركات إلى تدمير الكثير من الغابات في المنطقة، متسببة في تعطيل التوازن البيئي الدقيق. وتعود أهمية الغابات القديمة في النظام البيئي لوصفها مصارف كربون حيوية ونقاطاً ساخنة للتنوُّع البيولوجي.

«بي بي سي ساينس فوكاس»

«البستنة الكسولة» كانت موضع اهتمام «بي بي سي ساينس فوكاس» (BBC Science Focus)، التي تستكشف الاتجاه المتزايد للبستنة بلا حفر عميق، وهي طريقة تعطي الأولوية لصحة التربة واستدامتها. وتؤدي الفلاحة التقليدية إلى تعطيل النظام البيئي الطبيعي داخل التربة، مما يؤدي إلى إتلاف أنفاق الدود والشبكات الفطرية وإطلاق الكربون المخزّن. ونتيجة لذلك، تدعو البستنة التي لا تعتمد على الحفر إلى وضع طبقات من المواد العضوية مثل السماد أو المهاد فوق التربة، ومحاكاة العمليات الطبيعية وتشجيع نمو النباتات. وبينما تتطلّب هذه الطريقة جهداً أقل، وتحافظ على المياه، فهي تؤدي أيضاً إلى زيادة إنتاجية المحاصيل على المدى الطويل.

«ساينس نيوز»

تواجه جزر غالاباغوس تحدياً فريداً؛ حيث تهدد أشجار الأرز الإسباني الغازية وشجيرات التوت الأسود ممرات هجرة السلاحف العملاقة. وتعرض «ساينس نيوز» (Science News) معاناة هذه السلاحف في رحلاتها الموسمية للعثور على الطعام؛ حيث تنتقل من الأراضي المنخفضة إلى المرتفعات خلال موسم الجفاف. وتعوق غابات الأرز المتوسعة وغابات التوت الأسود مساراتها، ما يجبرها على التنقل عبر فجوات ضيقة أو التخلي عن رحلاتها تماماً. وتلعب السلاحف دوراً حيوياً في النظام البيئي للجزيرة، من خلال تشتيت البذور والحفاظ على الغطاء النباتي.

«سميثسونيان»

ناقشت مجلة «سميثسونيان» (Smithsonian) تجربة لاس فيغاس في مجال الحفاظ على المياه بسبب اعتمادها الكبير على نهر كولورادو المتضائل. ومع مواجهة نقص محتمل في المياه، نفّذت المدينة المعروفة بالبذخ إجراءات صارمة مثل تحديد أحجام المسابح، وحظر أنظمة التبريد التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وتقديم حوافز لإزالة العشب. وأدّت هذه الجهود إلى انخفاض كبير في استخدام المياه رغم النمو السكاني، ما يجعلها مثالاً للمدن الأخرى التي تتحضّر لمستقبل أكثر جفافاً.

«بي بي سي وايلدلايف»

التاريخ المعقد للذئاب في بريطانيا كان أحد مواضيع مجلة «بي بي سي وايلدلايف» (BBC Wildlife). ويتتبع المقال رحلة الذئاب البريطانية من العصور القديمة إلى اليوم. وكان يُنظر في البداية إلى الذئاب بدرجة من القبول، كما يتضح من كتابات العلماء الأوائل. ثم جاء غزو النورماندي عام 1066 ليصبح نقطة تحوُّل، مع تنفيذ قوانين الغابات التي أعطت الأولوية للصيد الارستقراطي وشيطنة الذئاب بوصفها تهديدات للماشية. ويسلّط المقال الضوء على التأثير الدائم للذئاب على الثقافة والمناظر الطبيعية البريطانية، وهو واضح في أسماء الأماكن العديدة التي لا تزال تحمل بصماتها.


ارتفاع منسوب المياه في أفريقيا يهدد طيور الفلامينغو

الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار طيور النحام (رويترز)
الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار طيور النحام (رويترز)
TT

ارتفاع منسوب المياه في أفريقيا يهدد طيور الفلامينغو

الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار طيور النحام (رويترز)
الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار طيور النحام (رويترز)

في كل عام يتجمع أكثر من مليون طائر نحام (فلامينعو) على بحيرات أفريقيا في مشهد مذهل. لكن الارتفاع المستمر في منسوب المياه يتسبب بانخفاض متزايد في كمية الطحالب الضرورية لاستمرار هذه الطيور، بحسب دراسة أوردتها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (السبت).

ووصلت هذه البحيرات، التي تتركز في كينيا وتنزانيا وإثيوبيا، إلى مستويات قياسية منذ عقود، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع كميات الأمطار الناجمة عن التغير المناخي.

وتسبب ارتفاع منسوب المياه بتخفيف قلوية المياه وملوحتها بشكل كبير في هذه البحيرات، وبـ«تراجع كبير» في كميات الطحالب التي تتغذى عليها طيور النحام، مما يعرض هذا النوع من الحيوانات، الذي يشهد أصلاً انخفاضاً في أعداده، لخطر الانقراض.

وهذه الدراسة التي نشرت في مجلة «كرّنت بايولودجي»، هي الأولى التي تستخدم صور الأقمار الاصطناعية لمراقبة البحيرات البالغ عددها 22، والتي تعيش فيها طيور النحام في شرق أفريقيا.

ودُمجت هذه البيانات مع سجلات مناخية وبيانات لمراقبة الطيور على مدى أكثر من 20 عاماً.

الأمطار الغزيرة المتوقعة في شرق أفريقيا بسبب التغير المناخي ستفاقم المشكلة وتعزز التهديد للأنواع في المنطقة (أ.ف.ب)

وأشار المعدّ الرئيسي للدراسة ايدن بيرن إلى أنّ انخفاض أعداد الطحالب يدفع الطيور ذات الريش الوردي إلى ترك موائلها واللجوء إلى مناطق غير محمية بحثاً عن الغذاء.

وموائل طيور النحام في شرق أفريقيا محمية، بينما في الخارج، تكون المراقبة صعوبة، وتتعرض هذه الحيوانات لتهديدات أخرى، خصوصاً من البشر.

وقال بيرن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «مع أنّ دراسات سابقة أخرى توصّلت إلى النتيجة نفسها، إلا أننا فوجئنا بحجم التغيرات، والتهديد الذي تواجهه موائل طيور النحام».

ولفت إلى أن الأمطار الغزيرة المتوقعة في شرق أفريقيا بسبب التغير المناخي ستفاقم المشكلة و«تعزز التهديد للأنواع في المنطقة».

ولوحظ الانخفاض الأكبر في الطحالب في كينيا وتحديداً في ناكورو، إحدى أهم البحيرات التي تتغذى فيها طيور النحام في أفريقيا.

وبينما اتّسعت رقعة هذه البحيرة بنسبة 90 في المائة تقريباً بين العامين 2009 و2022، انخفض تركز الطحالب فيها إلى النصف.


فوز نشطاء المناخ بدعوى قضائية أوروبية تاريخية على سويسرا

آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)
آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)
TT

فوز نشطاء المناخ بدعوى قضائية أوروبية تاريخية على سويسرا

آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)
آن ماهرر وروزماري فيدلر-والتي، من مجموعة «نساء كبيرات السن من أجل حماية المناخ» تتحدثان إلى الصحافيين بعد صدور حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية المناخ في ستراسبورغ بفرنسا في 9 أبريل 2024 (رويترز)

فازت مجموعة من النساء، الكبيرات في السن، في سويسرا بدعوى قضائية تاريخية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي قضت بإخفاق السلطات في تخفيف حدة التغير المناخي، وهو حكم من شأنه أن يشكّل سابقة لقضايا مماثلة.

ووجدت المحكمة «ثغرات حساسة في عملية وضع الإطار التنظيمي المحلي ذي الصلة»؛ للتخفيف من حدة التغير المناخي في سويسرا، وفق «وكالة الأنباء الألمانية».

وأصدرت المحكمة الأوروبية في ستراسبورغ، اليوم (الثلاثاء)، أحكاماً تمت مراقبتها من كثب في 3 قضايا تتعلق بتغير المناخ.

وفي القضية السويسرية، رأى أغلب القضاة أن إخفاقات الحكومة، عندما يتعلق الأمر بتحديد أهداف المناخ، ترقى إلى «انتهاك الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية».

وقال بيان صحافي، صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إن برن أخفقت في توفير الحماية «من الآثار الضارة والخطرة لتغير المناخ على الحياة، والصحة، والرفاهية، ونوعية الحياة».

ورغم ذلك، فإن الحكم لم يكن بالكامل في صف المدعيات الأربع، إذ رفضت المحكمة زعمهن بأنهن كنّ ضحايا لسياسات المناخ التي انتهجتها الحكومة السويسرية، حتى لو كانت معيبة.

ودفعت النسوة العجائز بأن سنهنّ تجعلهن عرضةً بشكل خاص لتغير المناخ، وعلى سبيل المثال بسبب موجات الحر الشديدة.

ورغم ذلك، قالت المحكمة إنه يمكن لجمعيتهن التقدم بشكوى جديدة «نيابة عمّن يمكن القول إنهن تعرضن لتهديدات محددة أو آثار ضارة لتغير المناخ».

يشار إلى أن المحكمة لم تتعامل من قبل مع مسألة الانبعاثات الكربونية في البلاد. وسافر مئات عدة من الأشخاص، وبينهم الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا ثونبرغ، لحضور الجلسة للاستماع إلى الأحكام.

ومن ناحية أخرى، لم يحالف الحظ قضية مماثلة أقامها 6 مواطنين شباب في البرتغال ضد الدولة، و32 دولة أخرى على أساس أن هذه الدول لم تتبع إجراءات قانونية في إطار النظام البرتغالي، وأنه لا يمكن إنشاء ولاية قضائية في الدول الـ32 الأخرى.

ودفع المدعون البرتغاليون بأنه بسبب صغر سنهم، «كان التدخل في حقوقهم أكثر وضوحاً مما كان عليه في الأجيال السابقة».

ورُفضت دعوى قضائية ثالثة ضد فرنسا، أقامها عمدة فرنسي، بشأن الإخفاق في منع الاحتباس الحراري العالمي لأن المدعي لم يتمتع بمواصفات تصنفه ضحيةً.

يشار إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تابعة لمجلس أوروبا، الذي يضم 46 دولة عضواً، ولا تتبع الاتحاد الأوروبي.


الشهر العاشر للأرقام القياسية... مارس أكثر دفئاً من أي عام سابق

قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر دفئاً على مستوى العالم من أي شهر مارس سابق في سجل البيانات (أ.ف.ب)
قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر دفئاً على مستوى العالم من أي شهر مارس سابق في سجل البيانات (أ.ف.ب)
TT

الشهر العاشر للأرقام القياسية... مارس أكثر دفئاً من أي عام سابق

قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر دفئاً على مستوى العالم من أي شهر مارس سابق في سجل البيانات (أ.ف.ب)
قالت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي إن الشهر الماضي كان أكثر دفئاً على مستوى العالم من أي شهر مارس سابق في سجل البيانات (أ.ف.ب)

أصبح شهر مارس (آذار) هو الشهر العاشر على التوالي الذي يسجل درجات حرارة عالمية قياسية، حسبما قال علماء الاتحاد الأوروبي.

ووفقا لبيانات من خدمة تغير المناخ في الاتحاد الأوروبي «كوبرنيكوس»، نقلتها «وكالة الأنباء الألمانية»، كان شهر (مارس) أيضا أكثر دفئاً في جميع أنحاء العالم من أي شهر مماثل سابق منذ بدء التسجيلات. وتعود البيانات التي استخدمها كوبرنيكوس إلى عام 1950، مع توفر بعض البيانات السابقة أيضاً.

وأوضحت نائبة مدير كوبرنيكوس سامانثا بورغيس: «يواصل مارس (آذار) 2024 سلسلة تسجيل الأرقام القياسية في درجات الحرارة الجوية، ودرجات حرارة سطح المحيطات، حيث يعد الشهر العاشر على التوالي الذي يحطم الأرقام القياسية».

وقالت الخدمة يوم الثلاثاء إن متوسط درجة حرارة الهواء على سطح الأرض بلغ 14.14 درجة مئوية في مارس. وهذا أعلى بمقدار 0.73 درجة من متوسط الفترة المرجعية من 1991 إلى 2020، وأعلى بمقدار 0.10 درجة من أحر شهر مارس تم تسجيله حتى الآن في عام 2016.

وأشار التقرير إلى أنه مقارنة بالفترة من 1850 إلى 1900، وهي الفترة المرجعية قبل الصناعة، كان الشهر أكثر دفئاً بمقدار 1.68 درجة.

وأوضحت بورغيس أن متوسط درجة الحرارة العالمية خلال الأشهر الـ12 الماضية أبريل (نيسان) 2023 إلى مارس 2024 هو الأعلى منذ بدء السجلات، وهو أعلى بمقدار 1.58 درجة من متوسط ما قبل الصناعة.

وتنشر خدمة كوبرنيكوس المناخية التابعة للاتحاد الأوروبي بانتظام بيانات عن درجة حرارة سطح الأرض، والغطاء الجليدي البحري، وهطول الأمطار.

وتستند النتائج إلى تحليلات تم إنشاؤها بواسطة الكومبيوتر تتضمن مليارات القياسات من الأقمار الاصطناعية، والسفن، والطائرات، ومحطات الطقس في جميع أنحاء العالم.


تحقيق يكشف عن تهريب غازات مسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلى أوروبا

الدخان يتصاعد من المداخن بمصفاة سينوبك في تشينغداو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - رويترز)
الدخان يتصاعد من المداخن بمصفاة سينوبك في تشينغداو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - رويترز)
TT

تحقيق يكشف عن تهريب غازات مسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إلى أوروبا

الدخان يتصاعد من المداخن بمصفاة سينوبك في تشينغداو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - رويترز)
الدخان يتصاعد من المداخن بمصفاة سينوبك في تشينغداو مقاطعة شاندونغ بالصين (أرشيفية - رويترز)

ذكر تقرير صادر عن وكالة التحقيقات البيئية، ومقرها لندن، اليوم الاثنين، أن كميات كبيرة من غازات التبريد المسببة للاحتباس الحراري قادمة من الصين وتركيا يجري تهريبها بشكل غير قانوني إلى أوروبا، مما يقوّض اتفاقاً عالمياً للتخلص منها تدريجياً.

وهذه الغازات عبارة عن مركبات الهيدروفلوروكربون، وهي مجموعة من المواد الكيميائية التي تُستخدم في الغالب للتبريد في الصناعة وتجارة التجزئة، والتي لا تلحق الضرر بطبقة الأوزون مثل المبردات المحظورة الأخرى، لكن بوصفها غازات دفيئة يمكن أن تكون أقوى بعدة آلاف المرات من ثاني أكسيد الكربون، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وعلى الرغم من التعهدات بالحد من استخدام مركبات الكربون الهيدروفلورية، فإن وكالات إنفاذ القانون في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي تكافح لتتبع الشحنات غير المشروعة التي تدخل عبر تركيا أو روسيا أو أوكرانيا، حيث يلجأ المهربون إلى تكتيكات متطورة بشكل متزايد لتجنب اكتشافهم، وفقاً لما ذكرته الوكالة، بعد أن انتهت من تحقيق سري أجرته على مدى عامين.

وتعدّ الصين أكبر منتج لمركبات الكربون الهيدروفلورية في العالم، حيث مُنحت 39 شركة مصنّعة مرخصة هناك تصاريح إنتاج تعادل 185 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، هذا العام. وأصدرت الصين قواعد جديدة في ديسمبر (كانون الأول) لمعاقبة الشركات التي تتجاوز حصصها.


أطنان النفايات البلاستيكية في قاع المحيط تهدد البيئة البحرية

التلوث البلاستيكي يهدد النظم البيئية البحرية (رويترز)
التلوث البلاستيكي يهدد النظم البيئية البحرية (رويترز)
TT

أطنان النفايات البلاستيكية في قاع المحيط تهدد البيئة البحرية

التلوث البلاستيكي يهدد النظم البيئية البحرية (رويترز)
التلوث البلاستيكي يهدد النظم البيئية البحرية (رويترز)

توصلت دراسة هي الأولى من نوعها في العالم إلى أن قاع المحيط أصبح «خزّاناً» للتلوث البلاستيكي، ما يهدد النظم البيئية البحرية.

وأشار الباحثون في وكالة العلوم الوطنية الأسترالية وجامعة تورنتو في كندا إلى وجود ما يصل إلى 11 مليون طن متري من التلوث البلاستيكي في قاع المحيط، وفق نتائج الدراسة التي نشرت، الخميس، بدورية «Deep Sea Research Part».

وذكرت أن كل دقيقة تمر، تشهد دخول ما يعادل كمية البلاستيك الموجودة في شاحنة القمامة إلى المحيط. ومع توقع تضاعف استخدام البلاستيك بحلول عام 2040، فإن فهم كيفية انتقاله أمر بالغ الأهمية لحماية النظم البيئية البحرية والحياة البرية، وفق الباحثين.

ويشكل التلوث البلاستيكي تهديداً خطيراً على الحياة البحرية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الاختناق، والتسمم، والجوع، بالإضافة إلى تأثيراته على التكاثر، والنظم البيئية.

للوصول إلى النتائج، استخدم الفريق البحثي البيانات العلمية لبناء نموذجين تنبؤيين، لتقدير كمية البلاستيك في قاع المحيط.

وكشفت التقديرات وجود ما بين 3 إلى 11 مليون طن متري من التلوث البلاستيكي في قاع المحيط.

وأضافت أن ما يقرب من نصف الكتلة البلاستيكية، أي نحو 46 في المائة في قاع المحيط العالمي، يقع على عمق يزيد على 200 متر، بينما تحتوي أعماق المحيطات، من 200 متر إلى 11000 متر، مما تبقى من الكتلة البلاستيكية المتوقعة بنسبة 54 في المائة.

وأشار الباحثون إلى أن تقدير التلوث البلاستيكي في قاع المحيط يمكن أن يصل إلى 100 مرة أكثر من كمية البلاستيك العائمة على سطح المحيط، بناءً على التقديرات الأخيرة.

ومن جانبها، قالت الباحثة الرئيسية للدراسة في وكالة العلوم الوطنية الأسترالية الدكتورة دينيس هارديستي إن نتائج دراستهم تعد التقدير الأول لكمية النفايات البلاستيكية التي ينتهي بها الأمر في قاع المحيط، حيث تتراكم قبل أن تنقسم إلى قطع أصغر، وتختلط في رواسب المحيط.

وأضافت عبر موقع الوكالة: «نحن نعلم أن ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية تدخل محيطاتنا كل عام، ولكن ما لم نكن نعرفه هو مقدار هذا التلوث الذي ينتهي به الأمر في قاع المحيطات».

وتابعت: «لقد اكتشفنا أن قاع المحيط أصبح خزاناً لمعظم التلوث البلاستيكي، بداية من شباك الصيد، وانتهاءً بالأكواب والزجاجات والأكياس البلاستيكية».

ووفق الباحثين، فإن هذه النتائج تساعد في سد فجوة معرفية طويلة الأمد حول حجم البلاستيك ومدى تأثيره في البيئة البحرية، ما يساعد على توجيه جهود المعالجة البيئية، وبالتالي تقليل المخاطر التي قد يشكلها التلوث البلاستيكي على الحياة البحرية.


جنوب أفريقيا تتجه نحو الحظر التدريجي لتربية الأسود بغية صيدها

سائحون يتفاعلون مع شبل أسد في حديقة الأسد والسفاري بالقرب من جوهانسبرغ جنوب أفريقيا 7 فبراير 2020 (رويترز)
سائحون يتفاعلون مع شبل أسد في حديقة الأسد والسفاري بالقرب من جوهانسبرغ جنوب أفريقيا 7 فبراير 2020 (رويترز)
TT

جنوب أفريقيا تتجه نحو الحظر التدريجي لتربية الأسود بغية صيدها

سائحون يتفاعلون مع شبل أسد في حديقة الأسد والسفاري بالقرب من جوهانسبرغ جنوب أفريقيا 7 فبراير 2020 (رويترز)
سائحون يتفاعلون مع شبل أسد في حديقة الأسد والسفاري بالقرب من جوهانسبرغ جنوب أفريقيا 7 فبراير 2020 (رويترز)

قدّمت وزيرة البيئة في جنوب أفريقيا، اليوم (الأربعاء)، خطة لفرض حظر تدريجي على تربية الأسود لأغراض الصيد، في وقت تحاول فيه الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي تحسين صورتها على صعيد الحفاظ على الحياة البرية، حسب وكالة «الصحافة الفرنسية».

ولطالما كان السعي وراء تذكارات الصيد ممارسة مثيرة للجدل في جنوب أفريقيا، وقد حظيت الحملات الخارجية لحظر استيراد هذه التذكارات الحيوانية في السنوات الأخيرة بدعم متزايد في الولايات المتحدة، وأستراليا، وبلدان أوروبية عدة.

وتقوم هذه الممارسة على إطلاق الحيوانات، خصوصاً الأنواع البرية التي تتم تربيتها في حظائر صغيرة، بهدف القضاء عليها على يد صيادين أغنياء، وهم في الغالب أجانب لا يترددون في دفع مبالغ كبيرة ليأخذوا معهم رأس الحيوان المقتول، أو جلده.

وكانت حكومة جنوب أفريقيا قد أعلنت بالفعل في عام 2021 عن نيتها حظر تربية الأسود لأغراض الصيد، وأنشأت لجنة مخصصة للبحث في هذه القضية خلال العامين الماضيين.

وقالت الوزيرة باربارا كريسي في مؤتمر صحافي في كيب تاون إن «اللجنة أوصت بإغلاق قطاع تربية الأسود في الأسر، بما يشمل احتجاز الأسود في الأسر، وكذلك استخدام الأسود الأسيرة لأغراض تجارية».

وقبل الحظر الشامل، سيستفيد المربون من فترة تصل إلى عامين لوقف أنشطتهم طوعاً في القطاع، والانتقال إلى مجالات أخرى.

وكان مجلس وزراء جنوب أفريقيا وافق الأسبوع الماضي على فكرة الإلغاء التدريجي لقطاع تربية الأسود، ووحيد القرن. لكنّ الحظر، الذي لم يُترجم بعد إلى قانون، يواجه معارضة قوية من ممثلي قطاع تربية الحيوانات المربح للغاية، وقد تستغرق مناقشة النص فترة طويلة.

وفي جنوب أفريقيا، تتم تربية ما بين 8000 إلى 12000 أسد في نحو 350 مزرعة، بحسب تقديرات منظمات حقوق الحيوان التي تدين بانتظام ظروف احتجاز الحيوانات في الأسر.

ويعيش نحو 3500 أسد فقط في البرية في البلاد، بحسب منظمة «Endangered Wildlife Trust» (الحياة البرية المهددة بالانقراض) غير الحكومية، ومقرها جنوب أفريقيا.

وتعد جنوب أفريقيا أيضاً موطناً لنحو 80 في المائة من حيوانات وحيد القرن في العالم، وفيها أكثر من 300 مربٍّ لهذه الحيوانات. وتحظى قرون وحيد القرن بتقدير كبير في آسيا لمزاياها العلاجية المفترضة، كما أن الصيد الجائر يقضي على هذا النوع.


معهد سويسري يتوقع انهيارات جليدية في أجزاء من جبال الألب الجنوبية

صورة عامة من منطقة مون بلان في شاموني - فرنسا 23 أغسطس 2023 (رويترز)
صورة عامة من منطقة مون بلان في شاموني - فرنسا 23 أغسطس 2023 (رويترز)
TT

معهد سويسري يتوقع انهيارات جليدية في أجزاء من جبال الألب الجنوبية

صورة عامة من منطقة مون بلان في شاموني - فرنسا 23 أغسطس 2023 (رويترز)
صورة عامة من منطقة مون بلان في شاموني - فرنسا 23 أغسطس 2023 (رويترز)

تسبب الجليد المتساقط حديثاً والرياح العاصفة في خطر كبير لحدوث انهيارات جليدية في جبال الألب الجنوبية في النمسا وسويسرا، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

وكان هناك خطر كبير، اليوم (الاثنين)، لحدوث انهيارات جليدية في جنوب جبال أوتزتال وجبال شتوباي الوسطى في النمسا، وكذلك في أجزاء من جريزو وفاليه في سويسرا، وكذلك في جنوب تيرول بإيطاليا.

وقال المعهد السويسري لأبحاث الثلوج والانهيارات الجليدية في دافوس، اليوم (الاثنين)، إنه «من المتوقع حدوث انهيارات جليدية كبيرة جداً وأحياناً ضخمة للغاية».

وذكر تقرير حول الانهيارات الجليدية في إقليم تيرول بالنمسا عن «حالة انهيار جليدي خطيرة جزئياً»، مع وجود مخاطر خاصة فوق خط أشجار جبال الألب.

وكان هناك الكثير من الجليد المتساقط حديثاً على ارتفاعات أعلى في الأيام السابقة. وتسببت الرياح القوية في حدوث تراكمات كبيرة من الثلوج المنجرفة، والتي هي عرضة بشكل خاص للانهيار.

وأضاف التقرير أن الانهيارات الجليدية التلقائية على ارتفاعات عالية يمكن أن تجرف الثلوج الرطبة القديمة على ارتفاعات متوسطة.

وذكر التقرير أن خبراء الانهيارات الجليدية يراقبون الأوضاع في منتجعات التزلج من أجل إغلاق ممرات التزلج المعرّضة للخطر.

ويتعرض المتزلجون خارج ممرات التزلج المحددة لخطر أكبر. ولقي 14 شخصاً حتفهم في 12 حادث انهيار جليدي في سويسرا في شتاء 2023 - 2024 حتى نهاية مارس (آذار) الماضي.


دراسة: موجات الحر تتحرك أبطأ ما يتسبب بـ«عواقب وخيمة للسكان»

رش المياه في ميدان جيراردو باريوس في السلفادور للمساعدة في التخفيف من أثر ارتفاع درجات الحرارة (رويترز)
رش المياه في ميدان جيراردو باريوس في السلفادور للمساعدة في التخفيف من أثر ارتفاع درجات الحرارة (رويترز)
TT

دراسة: موجات الحر تتحرك أبطأ ما يتسبب بـ«عواقب وخيمة للسكان»

رش المياه في ميدان جيراردو باريوس في السلفادور للمساعدة في التخفيف من أثر ارتفاع درجات الحرارة (رويترز)
رش المياه في ميدان جيراردو باريوس في السلفادور للمساعدة في التخفيف من أثر ارتفاع درجات الحرارة (رويترز)

تميل موجات الحر أكثر فأكثر إلى البقاء فوق المنطقة نفسها، ما يفاقم خطورتها، بحسب دراسة جديدة نشرت، أمس الجمعة، لاحظت أن سبب هذه الظاهرة يكمن في التغيّر المناخي.

وركزت الأبحاث السابقة على تواتر موجات الحرارة وشدتها، إلا أن قلة منها قبل اليوم تناولت انتشارها المكاني والزماني.

وأوضح وي تشانغ، أحد معدّي الدراسة التي نشرتها مجلة «ساينس أدفانسز»، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن موجات الحر تتحرك كغيرها من ظواهر الطقس ومنها العواصف.

ولاحظ أن موجات الحر باتت في العقود الأخيرة تميل إلى «التحرك بسرعة أقل فأقل»، أي إنها «يمكن أن تبقى في منطقة ما لمدة أطول»، ما يسبب «عواقب وخيمة للسكان».

وأجرى الباحثون تحليلاً لموجات الحرارة على مستوى العالم خلال الحقبة الممتدة من 1979 إلى 2020، باستخدام نماذج تعتمد خصوصاً على الرصد بواسطة رادارات الطقس والأقمار الصناعية.

وأظهرت تحليلاتهم أن سرعة موجات الحر انخفضت كل عقد بنحو ثمانية كيلومترات في اليوم. وتبيّن لهم أيضاً أن متوسط مدة موجات الحر ارتفع من نحو ثمانية أيام في مطلع ثمانينات القرن العشرين إلى 12 يوماً في نهاية الفترة التي شملتها الدراسة.

وتوصلت الدراسة أيضاً إلى أن موجات الحر أصبحت تنتقل إلى مسافة أبعد من ذي قبل، وأكدت الزيادة في وتيرة مثل هذه الأحداث.

ثم درسَ الباحثون دور التغيّر المناخي في هذه التحوّلات. واستخدموا لهذا الغرض نماذج مناخية لمحاكاة سيناريوهين، أحدهما بوجود انبعاثات الغازات الدفيئة والآخر من دونها، وقارنوها بالسلوك الفعلي لموجات الحرارة.

وقال وي تشانغ من جامعة ولاية يوتا: «من الواضح لنا أن العامل المهيمن هنا في تفسير هذا الاتجاه» هو «غازات الدفيئة» الناتجة عن الأنشطة البشرية.

وأعرب عن قلقه خصوصاً في ما يتعلق بالمدن التي تحدث فيها موجات الحر هذه، والتي تفتقر أحياناً إلى المساحات الخضراء أو الأماكن الأكثر برودة للسكان المعوزين، كعدم توافُر التكييف فيها.

وخلصت الدراسة إلى أن «موجات الحرارة التي تنتقل لمسافة أبعد، وتتحرك بشكل أبطأ ستكون لها عواقب أكثر تدميرا على الطبيعة والمجتمع في المستقبل إذا استمرت الغازات الدفيئة في الزيادة».