«البرنامج السعودي» يباشر إصلاح أضرار المطار... وغريفيث يعدّ الهجوم بمثابة «جريمة حرب»

توالي الردود الدولية المنددة بمحاولة اغتيال الحكومة اليمنية في عدن

الفريق الهندسي الذي شكله البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن لتقييم أضرار الهجمات بمطار عدن تمهيداً لإصلاحها (الشرق الأوسط)
الفريق الهندسي الذي شكله البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن لتقييم أضرار الهجمات بمطار عدن تمهيداً لإصلاحها (الشرق الأوسط)
TT

«البرنامج السعودي» يباشر إصلاح أضرار المطار... وغريفيث يعدّ الهجوم بمثابة «جريمة حرب»

الفريق الهندسي الذي شكله البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن لتقييم أضرار الهجمات بمطار عدن تمهيداً لإصلاحها (الشرق الأوسط)
الفريق الهندسي الذي شكله البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن لتقييم أضرار الهجمات بمطار عدن تمهيداً لإصلاحها (الشرق الأوسط)

في الوقت الذي شرع فيه البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، أمس (الجمعة)، في عملية إصلاح الأضرار التي أصابت مطار عدن جراء الهجوم الصاروخي، توالت ردود الأفعال الأممية والدولية المنددة بمحاولة اغتيال الحكومة اليمنية الجديدة (الأربعاء الماضي) فور وصول أعضائها إلى المطار.
وقال البرنامج السعودي، في بيان، إن فريقاً من البرنامج باشر إصلاح المناطق المتأثرة لإعادة تشغيل المطار، بالتنسيق مع الحكومة اليمنية والسلطة المحلية، حيث يضم الفريق خبراء واستشاريين ومقاولين.
وفي حين توقع مسؤولون في المطار أن يتم استئناف الرحلات الجوية من المطار وإليه في غضون يومين، قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إن الهجوم قد يرقى إلى «جريمة الحرب».
وأوضح البرنامج السعودي أن فريقه وصل بشكل عاجل في غضون 24 ساعة من حدوث الانفجار في موقع المطار، وتضمن طاقماً من المقاولين والاستشاريين والخبراء الفنيين للإشراف على الأعمال، وتقييم الأضرار التي خلفها التفجير على مبنى المطار الذي يعد ثاني أكبر مطار في الجمهورية اليمنية بعد مطار صنعاء.
وعمل الفريق على التدخل العاجل، برفع الأنقاض من الموقع، وتسخير معداته وآلياته لتنفيذ الإصلاحات كافة للمناطق المتأثرة دون توقف، بما يشمل إصلاح البنى تحتية، وأعمال كهربائية وميكانيكية وصحية، بعد مسح الموقع بالكامل لحصر ما سيعمل على إتمامه خلال الأيام المقبلة، تمهيداً لإعادة تشغيل السلطات المحلية للمطار، بما يتوافق مع المواصفات الدولية، للاستمرار في تنفيذ مشروع إعادة تأهيل المطار.
وكان المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن قد وقع عقد تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع إعادة تأهيل مطار عدن الدولي هذا الأسبوع، بتكلفة تبلغ 54.4 مليون ريال سعودي، خلال حفل جرت مراسمه في مقر البرنامج بالرياض، بحضور عدد من الوزراء اليمنيين، وعدد من سفراء الدول لدى اليمن، وممثلين لجهات دبلوماسية وإعلامية، وجهات معنية بالشأن التنموي.
ونفذ البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن المرحلة السابقة من المشروع في الفترة الماضية، حيث تضمنت المرحلة الأولى توفير متطلبات وعربات الطوارئ، بينما سيعمل من خلال المرحلة الثانية على إعادة تأهيل المطار للإسهام في أن يصبح متوافقاً مع أنظمة هيئة الطيران المدني الدولي، رفعاً لكفاءة قطاع النقل في الجمهورية اليمنية، وتحسيناً من قدرة المطار الاستيعابية ومستوى جودة الخدمات.
يذكر أن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن قد نفذ أكثر من 193 مشروعاً في 7 قطاعات أساسية، وهي: التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وبناء القدرات الحكومية. ويتبنى البرنامج أفضل ممارسات التنمية والإعمار والريادة الفكرية بمجال التنمية المستدامة في اليمن، تعزيزاً للعلاقة التاريخية والثقافية والاقتصادية التي تربط بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية.
- موقف أممي
وفي سياق التنديد الأممي بالهجوم الصاروخي الذي استهدف اغتيال الحكومة اليمنية، وأدى إلى سقوط 25 قتيلاً، وأكثر من 110 جرحى، تلقى وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك اتصالاً هاتفياً من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث، اطمأن الأخير من خلاله على صحة رئيس وأعضاء حكومة الكفاءات السياسية.
وفي حين قالت الحكومة إن التحقيق الأولي يشير إلى ضلوع الحوثيين وإيران في التخطيط للهجوم وتنفيذه، أوضح وزير الخارجية اليمني لغريفيث أن «هذا العمل الإرهابي الذي اقترفته الميليشيات الحوثية لا يستهدف شخوص الحكومة بقدر ما يستهدف مساعيها وتطلعات وآمال الشعب اليمني لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام»، مشيراً إلى أن ذلك لن يزيد الحكومة إلا تماسكاً وإصراراً على إنهاء الانقلاب، واستعادة الدولة، وتحقيق دعائم الاستقرار.
وفي بيان للمبعوث غريفيث على موقعه الرسمي، جدد «إدانته المُطلقة للهجوم الجبان الذي وقع على أعضاء الحكومة اليمنية فور وصولهم لمطار عدن، وهو الهجوم الذي تسبب في مقتل وإصابة العشرات من المدنيين».
وقال غريفيث إن «استهداف المدنيين والمنشآت المدنية هو خرق خطير للقانون الدولي الإنساني. وقد روَّع هذا الهجوم المستهجن المدنيين في عدن، وأيضاً في جميع أنحاء البلاد. إن انتهاكاً بهذا الحجم قد يمثل جريمة حرب».
وأعرب غريفيث عن دعمه وتضامنه مع الرئيس هادي والحكومة. كما أثنى على ثبات رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، وأشاد برسائل الطمأنة السريعة التي وجهوها لليمنيين للتأكيد على التزامهم بمواصلة مهامهم رغم كل التحديات.
وأضاف: «إن تشكيل الحكومة الجديدة هو بارقة أمل بأن المصالحة ممكنة. وهذا الهجوم المروع هو محاولة متعمدة لتحويل هذا الأمل إلى شقاق ويأس، ولعرقلة الجهود الرامية لتحقيق السلام، وتخفيف وطأة معاناة اليمنيين. ستواصل الأمم المتحدة دعمها لليمنيين من أجل الوصول إلى مستقبل من السلام المستدام، يخلو من الخوف والحزن المصاحبين لأيام مثل الأمس».
ومن جهتها، أدانت البعثة الأممية لدعم اتفاق الحُديدة (أونمها) الهجوم، كما نددت باستمرار هجمات الحوثيين على مجمع إخوان ثابت الصناعي (شرق مدينة الحديدة)، وقالت إن ذلك «يؤثر على سبل العيش، ويقوض حماية المدنيين».
وقال رئيس البعثة الجنرال أبهجيت جوها إن «التفجيرات التي وقعت في مطار عدن هي هجوم مباشر على عملية السلام في اليمن»، معتبراً أن الهجوم «تذكير صارخ بضرورة السلام الملحة»، بحسب تعبيره.
- شجب محلي
وأدانت السلطات المحلية في عدد من المحافظات اليمنية ما وصفته بـ«الجريمة الإرهابية الجبانة التي استهدفت الحكومة في مطار عدن الدولي، والتي ارتكبتها ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران».
واستنكر محافظ أبين، والمكونات السياسية في المحافظة، في بيان، الهجمات الحوثية الإرهابية، مؤكداً أن «تلك الجريمة الجبانة فعل إجرامي ليس له مثيل»، داعياً إلى «الوقوف صفاً واحداً في مواجهة هذه العصابة كعدو وحيد للشعب اليمني في الشمال والجنوب استباح دماء اليمنيين دون رحمة».
وفي حين أدانت السلطة المحلية بمحافظة المهرة الهجوم، مؤكدة ثقتها في قدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ برنامجها رغم كل التحديات والصعوبات، قالت السلطة المحلية بمحافظة تعز، في بيان: «إن الميليشيا الإرهابية المدعومة من إيران اعتادت استهداف الأبرياء المدنيين، واستمرأت لون الدم والقتل والخراب والدمار، وأغاظها لُحمة والتئام شمل الأطراف السياسية اليمنية الوطنية الحرة، وتشكيل حكومتهم الوطنية الساعية إلى استعادة الدولة وتطبيع الحياة وتثبيت الأمن والاستقرار».
وفي السياق نفسه، دعت السلطة المحلية في العاصمة صنعاء إلى «سرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية التي يديرها من ساءهم التئام الشمل اليمني، وتوحد قواه ومكوناته في سبيل استعادة الدولة، وإسقاط الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، ورفع المعاناة عن كاهل الشعب اليمني المكافح».
أما السلطة المحلية في محافظة حجة، فعبرت عن إدانتها وأسفها البالغ إزاء ما وصفته بـ«الاستهداف الإجرامي الإرهابي الجبان لحكومة الكفاءات السياسية». وقالت في بيان إنها «تجدد وقوفها إلى جانب القيادة السياسية، وإلى جانب حكومة الكفاءات السياسية، ودعم كل جهودها في المضي قدماً نحو بناء مؤسسات الدولة، ودحر الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران».
- تنديد صيني ومصري
ومن جهتها، أدانت الصين الهجمات الإرهابية التي استهدفت مطار عدن الدولي، بالتزامن مع وصول طائرة رئيس وأعضاء الحكومة، والتي أودت بحياة كثيرين، وأصابت كثيراً من الجرحى.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين، في تصريح صحافي، أن الصين ظلت على الدوام تعارض وتستنكر الهجمات ضد المدنيين والمنشآت المدنية، معرباً عن أمله في أن يضع الجميع مصلحة اليمن وشعبه على رأس أولوياتهم، وأن يعملوا على استعادة السلام والاستقرار في البلاد.
إلى ذلك، قالت المصادر اليمنية الرسمية إن رئيس البرلمان سلطان البركاني تلقى برقية عزاء ومواساة من نظيره المصري علي عبد العال في ضحايا الحادث الإرهابي الذي استهدف الحكومة اليمنية والموظفين والمسافرين في مطار عدن الدولي، وراح ضحيته قتلى وجرحى.
ونقلت المصادر عن عبد العال قوله: «إن مجلس النواب المصري يندد بأشد عبارات الاستهجان بهذا الحدث المأساوي، ويرى أن مثل هذه الأعمال الإجرامية الخسيسة تهدف بالأساس إلى إفشال المساعي الحميدة التي بذلتها المملكة العربية السعودية لتنفيذ اتفاق الرياض».
وكانت الخارجية اليمنية قد قالت، في بيان، إن «الهجوم الإرهابي الذي استهدف القتل الجماعي لحكومة الكفاءات السياسية المشكلة بموجب اتفاق الرياض الذي دعمه ورحب به المجتمع الدولي، وكل شركاء ومحبي وداعمي السلام، بصفته خطوة نحو تحقيق سلام شامل في اليمن، لم يهدد فقط حياة وأمن أعضاء الحكومة، ولكنه يهدد آمال وتطلعات الشعب اليمني لتحقيق الأمن والاستقرار».
وأضافت أن «استهداف مطار عدن، وهو مطار مدني يستخدمه مواطني الجمهورية اليمنية كافة، يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وجريمة إرهابية نكراء تتطلب الإدانة والشجب من أعضاء المجتمع الدولي كافة، لإيصال رسالة واضحة للحوثيين بأن العنف واستهداف الأعيان المدنية والأبرياء لا يمكن أن يعكس رغبة جدية حقيقية في الوصول إلى السلام».
وأكدت الوزارة اليمنية أن «الدلائل والمؤشرات تشير إلى أن الميليشيات الحوثية هي الجهة التي قامت بهذا العمل الإرهابي، من خلال استهداف المطار بثلاثة صواريخ، وبتقنيات تتشابه مع التقنيات ذاتها التي استخدمتها هذه الميليشيات في جرائم سابقة استهدفت بها المؤسسات والمنشآت المدنية والحكومية».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)