لبنان: تواصل دياب مع عون إلى تراجع... وعلاقتهما «لم تعد سويّة»

عون ودياب في أحد لقاءاتهما السابقة (الوكالة الوطنية)
عون ودياب في أحد لقاءاتهما السابقة (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: تواصل دياب مع عون إلى تراجع... وعلاقتهما «لم تعد سويّة»

عون ودياب في أحد لقاءاتهما السابقة (الوكالة الوطنية)
عون ودياب في أحد لقاءاتهما السابقة (الوكالة الوطنية)

لم ينضم رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، إلى نادي رؤساء الحكومة السابقين الذين باتوا على قناعة -كما تقول مصادرهم لـ«الشرق الأوسط»- بأن هناك استحالة في التعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وتياره السياسي المتمثل بشخص النائب جبران باسيل وامتداداته النافذة في بعبدا، وأن إحجامهم عن انتخابه رئيساً للجمهورية كان في محله، واضطروا للاقتراع في جلسة الانتخاب بورقة بيضاء التي لم تُعقد بعد طول تعطيل إلا بعد أن ضمن وحليفه «حزب الله» إيصاله إلى سدة الرئاسة الأولى بغطاء سياسي من تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية».
فالرئيس دياب سرعان ما اكتشف، وقبل أن يتقدّم باستقالة حكومته تحت ضغط الكارثة التي حلّت ببيروت من جراء الانفجار الذي استهدف المرفأ، أن علاقته برئيس الجمهورية لم تعد سوية وبقيت طي الكتمان إلى أن ظهرت للعلن بعد الادعاء عليه من المحقق العدلي في انفجار المرفأ، القاضي فادي صوان، وإلا ماذا يقصد من وراء قوله إن القرار ليس قراره بل من يقف خلفه؟
ورغم أن دياب يُبقي الباب مفتوحاً على الاجتهاد تاركاً للرأي العام تحديد مَنْ يقصد في رده على ادعاء صوّان، فإن مصادر مقربة منه تجاريه في موقفه هذا وإن كانت تعترف بأن تواصله مع عون إلى تراجع، بادر إلى خرقه في تهنئته بحلول الأعياد.
كما أن المصادر نفسها تتجنّب تسليط الأضواء على ما آلت إليه علاقة دياب بعون وإن كانت مصادر وزارية تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يستجب لطلبات رئيس الجمهورية وآخرين بضرورة تفعيل حكومة تصريف الأعمال بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد بذريعة أن الضرورة تستدعي انعقاده.
وتقول المصادر الوزارية إن دياب لا يتهرّب من ضرورة تصريف الأعمال ضمن النطاق المحدود والضيّق وهو يتجاوب باستمرار لتسهيل الاحتياجات الضرورية المشروطة برفضه دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، وتعزو السبب إلى أن الرئيس سعد الحريري كان قد كُلّف بتشكيل الحكومة الجديدة بناء على الاستشارات النيابية المُلزمة التي تولاّها عون، وبالتالي ليس في وارد الالتفاف على تكليفه لئلا يُتهم بإعاقة تشكيلها فيما يرغب في أن تتألف اليوم قبل الغد لأن الظروف الصعبة التي يمر فيها البلد تتطلب الإسراع بعملية التأليف، خصوصا أنها ازدادت تأزُّماً بعد الانفجار في مرفأ بيروت.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن دياب برفضه تفعيل الحكومة على نطاق واسع يتجاوز حدود تصريف الأعمال، يتطلع إلى ممارسة أقصى الضغوط للإسراع بتوفير الأجواء السياسية لتشكيل الحكومة العتيدة لئلا يُتهم بأنه يشارك هذا الطرف أو ذاك بتعطيل ولادتها، وتقول إن عون لم يحلب صافياً في تعاونه مع دياب، خصوصاً لجهة عدم تأمين الدعم السياسي الذي يمكّنه من استرداد ثقة الشارع السنّي به لتفكيك الحصار المفروض عليه.
وتضيف أن دياب أصبح أسير تقلّبات التيار السياسي المحسوب على عون والتي برزت بوضوح في استجابة عون من دون أي تردّد للضغط الذي مورس من باسيل على الحكومة واضطرها للتراجع عن قرارين أساسيين اتخذهما: الأول يتعلق باستبعاد إنشاء معمل لتوليد الطاقة في سلعاتا، انسجاماً مع مقررات مؤتمر «سيدر» والورقة الفرنسية لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء، والآخر يعود إلى الضغط عليها لتوفير الغطاء السياسي عن المحاصصة التي اتُّبعت في التعيينات الإدارية والتي جاءت لمصلحة باسيل دون سواه من القوى السياسية في الشارع المسيحي.
وترى هذه المصادر أن الهم الأول والأخير لعون يكمن في تعويم باسيل ليبقى على رأس السباق إلى رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولايته الرئاسية، وهذا ما صرح به وحاول التراجع عنه بقوله إن الحملة التي تستهدفه تعود إلى أنه يتقدّم على منافسيه المرشحين للرئاسة الأولى.
وتتوقف المصادر أمام الادعاء على دياب في ملف انفجار المرفأ، وتقول إنها تدعم التحقيق القضائي وإن دياب يشاركها في الرأي للوصول إلى الحقيقة لأن من حق أهل الضحايا والجرحى والمتضررين الذين حلّت بهم النكبات من جراء الأضرار المادية الجسيمة التي ألحقها الانفجار بمنازلهم ومؤسساتهم، معرفة من المسؤول عن الانفجار، وتؤكد أنه كان أول من تجاوب مع طلب صوان ومن دون أي تردد للاستماع إلى أقواله.
لكنها فوجئت -كما تقول المصادر الوزارية- بالادعاء عليه بخلاف اتباع المحقق العدلي للأصول الدستورية وفي غياب الأدلة القاطعة لملاحقته بذريعة أن هناك شبهة اتهامية جدّية وراء الادعاء عليه، حسبما ورد في رسالته إلى المجلس النيابي رغم أنها جاءت خالية من الأدلة والقرائن والوثائق لتبرير الادعاء، إضافةً إلى أنه لم يتّبع الأصول في إرسالها من خلال وزيرة العدل في الحكومة المستقيلة ماري كلود نجم. وتعتقد المصادر نفسها أن ملاحقة دياب ليست في محلها، وتعزو السبب إلى أنها جاءت لاسترضاء الرأي العام، خصوصاً أن التحقيق لا يزال يتجاهل مَنْ أحضر المواد المتفجّرة إلى مرفأ بيروت؟ ومن هي الجهة أو الشخص الذي دفع ثمنها وبالتالي أمر بتخزينها في المرفأ؟ وأين تقع مسؤولية الأجهزة الأمنية؟ وما مدى صحة ما يؤكده رؤساء الحكومة السابقون المشمولون بالادعاء بأنْ لا علم لهم بوجودها؟
وتسأل: لماذا اعتمد صوان الاستنسابية في ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين وانتقاهم من لائحة شملت 12 وزيراً بين حاليين وسابقين وثلاثة رؤساء حكومة سابقين؟ وهل من مبرر لعدم مساءلة رئيس الجمهورية الذي كان قد أُعلم بوجودها بعد أن أُعلمت بها سابقاً هيئة القضايا من خلال المراسلات التي تسلّمتها؟
وتقول إن عون لا يحاكَم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء إلا بتُهمتي الخيانة العظمى ومخالفة الدستور، وهذا ليس موضع جدال، لكن ألا يحق لصوّان مساءلته والاستماع إليه بعد أن تسلّم مراسلات بوجود هذه المواد؟ خصوصاً أن المجلس الأعلى للدفاع الوطني -وهذا باعتراف دياب- كان قد عقد 21 اجتماعاً برئاسة عون الذي تجنّب طرح مضامين المراسلات على جدول أعماله واكتفى بالطلب من مستشاره الأمني أن يراسل أمين عام المجلس اللواء محمود الأسمر، في هذا الخصوص، مع أنه انتُخب رئيساً للجمهورية على خلفيته الأمنية والعسكرية ويحق له التدخّل لدرء الأخطار عن البلد.
لذلك فإن علاقة عون بدياب لم تعد كما كانت في أثناء تولّيه رئاسة الحكومة وتمرّ الآن في حالة من البرودة القاتلة بغياب تواصلهما المباشر منذ أسابيع عدة وهذا ما يعزّز قناعة رؤساء الحكومة السابقين بوجود صعوبة في التعاون مع رئيس الجمهورية.



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».