انتهت، أمس (الخميس)، رسمياً مهمة البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور (يوناميد) والتي امتدت ثلاثة عشر عاماً؛ ما يثير مخاوف لدى السودانيين، خصوصاً بعد نشوب أحداث عنف مؤخراً في هذه المنطقة.
وقال المتحدث باسم البعثة أشرف عيسى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن مهمة بعثة حفظ السلام «انتهت الخميس منتصف الليل في دارفور»، مشيراً إلى أن الانسحاب التدريجي للقوات يبدأ في يناير (كانون الثاني) 2021 ويمتد ستة أشهر.
وذكرت البعثة في وقت سابق، أن «البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في إقليم دارفور السوداني تنهي رسمياً عملياتها الخميس، بينما تتولى الحكومة السودانية مسؤولية حماية المدنيين في المنطقة».
وقال إسلام خان، قائد فريق البعثة في مكتب دارفور، إن «آخر يوم للبعثة هو منتصف ليل اليوم، لن يكون لـ(يوناميد) أي تفويض بالحماية بعد 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020».
وأكد وزير الخارجية السوداني المكلف عمر قمر الدين، أن قوات من الشرطة ستنتشر في الإقليم.
وقال قمر الدين لصحافيين «جارٍ نشر قوات شرطة في الإقليم لتأمين المواطنين، على أن تكتمل عملية نشر القوات في مارس (آذار)».
وأضاف «تختتم بعثة (يوناميد) اليوم مهمتها في دارفور بعد أن مكثت بيننا ثلاثة عشر عاماً ساهمت في تحقيق الأمن والاستقرار، صحيح أنه جابهت عملها بعض الصعوبات، لكن المحصلة النهائية جيدة».
واندلع نزاع دارفور عام 2003 وخلّف حسب إحصاءات الأمم المتحدة 300 ألف قتيل، وأدى إلى انتشار النزاعات القبلية التي كان أحدثها الأسبوع الماضي، وأسفر عن خمسة عشر قتيلاً.
كما تسبب النزاع في تشريد 2.5 مليون شخص من قراهم، وفق المنظمة.
ونظم عدد من المواطنين الذين شردتهم الحرب من منازلهم، احتجاجات للمطالبة ببقاء بعثة «يوناميد».
وفي مخيم كلمة، أكبر مخيمات النازحين في الإقليم الواقع غربي البلاد وقرب مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، قال محمد عبد الرحمن، وهو أحد الفارين من منازلهم جراء النزاع «على الأمم المتحدة أن تتراجع عن قرارها، من أجل حماية أرواح ودماء النازحين»، وتساءل مندهشاً «لماذا لا تراجع الأمم المتحدة هذا القرار طالما الإنسان في دارفور مهدد».
ويعتصم المئات خارج مقر بعثة «يوناميد» في مخيم كلمة، وتظاهر سكان مخيم كلمة حاملين لافتات كتب عليها «نثق في حماية الأمم المتحدة للنازحين، ونرفض خروج يوناميد».
وبدأ النزاع عندما حملت مجموعة تنتمي إلى أقليات أفريقية السلاح ضد حكومة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير تحت دعاوى تهميش الإقليم سياسياً واقتصادياً.
وأطلقت حكومة البشير ميليشيات مسلحة أغلب أفرادها من العرب عرفت باسم «الجنجويد»، وقد اتهمتها منظمات حقوقية عدة بارتكاب «حملة تطهير عرقي» وبعمليات اغتصاب.
وألحقت السلطات السودانية المئات من أعضاء الميليشيات بقوات الدعم السريع شبه العسكرية والمتنفذة.
وأطاح الجيش البشير في أبريل (نيسان) 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات ضده، وتم توقيع اتفاق سياسي لتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، وتشكلت حكومة انتقالية لمدة ثلاث سنوات.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، وقّعت الحكومة الانتقالية اتفاق سلام تاريخياً مع مجموعات متمردة بينها حركات كانت تقاتل في دارفور.
لكن حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور والتي تحظى بدعم كبير في أوساط سكان المخيمات لم توقع هذا الاتفاق حتى الآن.
ولا يزال الإقليم يشهد اشتباكات بسبب التناحر على موارد المياه والأرض بين الرعاة البدو العرب والمزارعين المنتمين إلى المجموعات المهمشة.
ويتخوف عثمان أبو القاسم، أحد المقيمين في مخيم كلمة، من أن نهاية مهمة البعثة قد تخلق «مشكلة كبرى لسكان دارفور، حيث تتركهم يواجهون خطر المزيد من العنف».
وقال أشرف عيسى، المتحدث باسم بعثة «يوناميد»، «نتفهم مخاوف سكان دارفور، خصوصاً النازحين والفئات الضعيفة، لكن الأوضاع تحسنت بصورة كبيرة مقارنة مع السنوات الماضية».
وأضاف «الآن مهمة تعزيز الأمن والاستقرار في دارفور تقع على عاتق الحكومة الانتقالية والسودانيين أنفسهم».
ومن المقرر أن تحل محل «يوناميد» بعثة الأمم المتحدة لمساعدة الحكومة الانتقالية السودانية (يونيتامس). وتشمل مهماتها مساعدة الحكومة الانتقالية وبناء السلام وتعبئة الجهود لإيصال وتوفير المساعدات الإنسانية إلى من يحتاج إليها.
وعلى أثر الاشتباكات القبلية التي وقعت الأسبوع الماضي، أعلنت السلطات السودانية نشر قوات للسيطرة على أعمال العنف، لكن كثيرين يشككون في الأمر.
وقالت انتصار عبد الله التي تبلغ 25 عاماً «إذا عهد بحماية النازحين إلى الحكومة السودانية، سيصبح الأمر كأنما سلمت الدارفوريين إلى القوات التي ارتكبت في حقهم المذابح وعمليات الاغتصاب».
وقال محمد حسن أحد سكان مخيم كلمة «حتى الآن ليس هناك سلام شامل في السودان، وحتى يتحقق ذلك فنحن نعارض خروج (يوناميد)».
مخاوف من تجدد العنف في دارفور مع انتهاء مهمة بعثة حفظ السلام
مخاوف من تجدد العنف في دارفور مع انتهاء مهمة بعثة حفظ السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة