البطريرك الراعي {لن يستسلم} أمام محاصرة مبادرته {الإنقاذية}

يحاول دفع عون والحريري إلى الإسراع في تشكيل الحكومة

البطريرك الماروني بشارة الراعي مستمر بمبادرته (رويترز)
البطريرك الماروني بشارة الراعي مستمر بمبادرته (رويترز)
TT

البطريرك الراعي {لن يستسلم} أمام محاصرة مبادرته {الإنقاذية}

البطريرك الماروني بشارة الراعي مستمر بمبادرته (رويترز)
البطريرك الماروني بشارة الراعي مستمر بمبادرته (رويترز)

يتعامل البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومن خلفه الفاتيكان، بجدّية مع تحذير وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من الخطورة المترتّبة على اختفاء لبنان من الخريطة الدولية ما لم تتدارك القيادات السياسية الواقع المأزوم غير المسبوق الذي يمر فيه بلدهم وتبادر إلى إنقاذه اليوم قبل الغد. ويأتي هذا التحذير فيما اليد الدولية الممدودة للإنقاذ والتي تتمثل بمبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون ما زالت حبراً على ورق {لأن بعض من التزم بها سرعان ما انقلب على تعهداته}، بحسب ما تقول مصادر سياسية.
ومع أن البطريرك الراعي ينأى بنفسه حتى إشعار آخر عن الدخول في سجالات وصولاً إلى تحديد من هو المسؤول عن منع المبادرة الفرنسية من أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ فإنه في المقابل لن يستسلم، كما تقول مصادر مقرّبة من بكركي لـ«الشرق الأوسط»، تحت ضغط العراقيل التي تحاصر مبادرته الإنقاذية المدعومة من الفاتيكان، والتي بدأها بتقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون وبين الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري بل سيعاود فور انتهاء عطلة الأعياد تحرّكه بين بعبدا و«بيت الوسط» (مقر الحريري).
وفي هذا السياق، تأكد بأن بالراعي لن يسحب مبادرته من التداول، خصوصاً أنها تلتقي مع ماكرون الذي ليس في وارد تجميد تحرّكه وهو يستعد لمعاودة نشاطه باتجاه القيادات السياسية فور تماثله للشفاء من فيروس «كورونا»، علماً أن الرئيس الفرنسي شكّل خلية أزمة لمواكبة الاتصالات لتشكيل الحكومة وللوقوف على الأسباب الكامنة التي لا تزال تحول دون الالتزام بالمبادرة الفرنسية باعتبار أنها خريطة الطريق لوقف الانهيار الشامل والانتقال بالبلد إلى مرحلة التعافي.
كما تأكد أن المواصفات التي طرحها الراعي كأساس لا مفر منه لتشكيل الحكومة جاءت متطابقة مع المعايير التي يتمسك بها الحريري والتي تلقى معارضة من عون وفريقه السياسي، فيما يلوذ «حزب الله» بالصمت ولا يحرّك ساكناً حيالها مكتفياً بمراعاة حليف عون ووريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
وعلى رغم أن «حزب الله» يقف، بحسب ما يقول عدد من مسؤوليه، إلى جانب تسهيل ولادة الحكومة ولكن من دون ممارسة أي ضغط على عون وباسيل لإخراج عملية التأليف من التأزيم، إلا أن ما قاله أمينه العام السيد حسن نصر الله قبل أيام لم يلق ارتياحاً لدى خصومه الذين اعتبروا بأن بادرة {حسن النيّة} التي أظهرها نصر الله حيال الحريري - من خلال إشارته الواضحة إلى التعاون المستمر معه - {لن تقدّم أو تؤخّر}. ويعزو خصوم نصر الله السبب إلى أنه يسعى لتبرئة ذمّته من اتهامه بترحيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد تولّي الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن سلطاته الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري وبقرار منه لتحسين شروط حليفته إيران من خلال الإمساك بالورقة اللبنانية لتحسين شروطها بالتفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة.
ويقول هؤلاء إن نصر الله حاول أن يبرّر تعذّر تشكيل الحكومة بانعدام الثقة بين عون والحريري وآخرين، رغم أن حديثه عن التعاون المستمر مع الرئيس المكلف {لا يُصرف في مكان لأن ما أعطاه بيده اليمنى سرعان ما انتزعه منه بيده اليسرى، وإلا فكيف يوفّق بين تسهيل مهمّة الحريري وبين استهدافه (نصر الله) لعدد من دول الخليج؟}.
ويرى هؤلاء أن الحريري كان في غنى عن الالتفاتة الإيجابية التي خصه بها نصر الله لأن هجومه الصاعق على هذه الدول التي لم تتردد يوماً في مد يد العون غير المشروط للبنان لا يتسبب بإحراجه فقط وإنما بنزع الغطاء العربي عن الحكومة في حال أن عون قرر الخروج من دائرة الإنكار والمكابرة باتجاه التسليم بواقع الحال المأزوم للبلد الذي يتطلب للخروج منه وجود حكومة مهمة من اختصاصيين ومستقلين من غير الحزبيين.
ويعتبر خصوم نصر الله أن نزعه للغطاء العربي عن الحكومة في ضوء تعذّر البديل لا بد من أن ينسحب على المجتمع الدولي الذي يقف وراء المجيء بحكومة منزوعة من التمثيل الحزبي، ويقولون إن لا خيار أمام عون والحريري سوى الاقتداء بالمواصفات الدولية للحكومة العتيدة، وهذا ما يدعو الأخير {للصمود في وجه الحرتقات التي لم ينفك عن القيام بها الفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهورية وكان آخرها استقبال النائب طلال أرسلان في بعبدا لتوظيف حضوره للانقلاب على تعهّده بأن تؤلف الحكومة من 18 وزيراً}. ويسأل خصوم عون عن الخيارات البديلة المتوافرة له مع أنها معدومة، وتكاد تكون مستحيلة، بعد أن أعفى حليفه «حزب الله» من تهمة تأخير تشكيل الحكومة وارتضى لنفسه بأن يمسك بكرة النار المترتبة على أخذ البلد إلى الانهيار، خصوصاً أنه لم يعد في الميدان إلى جانبه سوى الحزب، فيما بات رئيس المجلس النيابي نبيه بري عاجزاً أمام ابتداع الكلمات للتعبير عن الواقع الكارثي الذي يحاصر البلد.
وعليه، فإن الراعي وإن كان يتمسك بمبادرته فهو يدرس توسيع مشاوراته واتصالاته لعله يستقدم من خلالها الضغط المطلوب لدفع عون والحريري إلى الإسراع في تشكيل الحكومة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.