أميركا تعزز أمن «الخضراء» في بغداد والتحالف الدولي يحصّن قواعده

TT

أميركا تعزز أمن «الخضراء» في بغداد والتحالف الدولي يحصّن قواعده

أعلنت السفارة الأميركية لدى العراق أنها قامت بتسليم الجيش العراقي 30 عربة عسكرية مدرعة لتأمين المنطقة الخضراء في بغداد، عقب تصاعد التهديدات التي تتعرض لها السفارة الأميركية من قبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران.
وقالت السفارة الأميركية في بيان، أمس، إن «الولايات المتحدة مُلتزمة بمساعدة الجيش العراقي في الحفاظ على أمن العراق وبغداد». وأضافت: «وتحقيقاً لهذا الهدف، قدّمت الولايات المتحدة للجيش العراقي 30 سيارة مدرّعة للمساعدة في تأمين المنطقة الدولية».
واستهدفت صواريخ «كاتيوشا»، الأسبوع الماضي، مقر السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء التي تضم معظم مكاتب الحكومة العراقية؛ بما في ذلك القصر الحكومي ومبنى البرلمان وعدد آخر من المؤسسات الرسمية، والسفارات.
وتأتي الخطوة الأميركية قبل 3 أيام من مرور الذكرى الأولى لقيام الجيش الأميركي بتوجيه ضربة جوية قضت على قائد «فيلق القدس» في «الحرس» الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس. وينذر إحياء هذه الذكرى باحتكاك بين الولايات المتحدة والجماعات المؤيدة لإيران في العراق، ويرفع منسوب التوترات في الأيام الأخيرة من رئاسة دونالد ترمب.
من جهته، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، كاطع الركابي، أن قيام السفارة الأميركية في بغداد بمنح العراق السيارات المدرعة لا علاقة له بعملية استهداف سليماني والمهندس، موضحاً أن «منح أميركا الأسلحة والمعدات والعجلات العسكرية للجيش العراقي أمر ليس بالجديد، خصوصاً جهاز مكافحة الإرهاب، لأن أكثر معداته من القوات الأميركية».
ونوه الركابي بأن «أميركا تقدم عادة عجلات ومعدات وأسلحة فقط للقوات الأمنية، دون زج قوات أميركية أو عناصر جديدة في البلاد». وقال تعليقاً على إمكانية ارتباط الخطوة بالذكرى السنوية الأولى لحادثة المطار، إن «الأمر ليست له علاقة بمقتل أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني، وقد يصادف ذلك توقيتاً قريباً، لكن لا ارتباط في الأمر»، لافتاً إلى أن «القوات الأميركية عندما تعطي الأسلحة للعراق، لا تحدد مكان الاستخدام؛ وإنما حسب الحاجة».
في سياق متصل، أعلن «التحالف الدولي في العراق وسوريا» أنه زود قوات الأمن العراقية بأنظمة أبراج النشر الأولي السريع للمركبات الجوية لحماية القواعد العسكرية العراقية. وذكر بيان صادر عن التحالف أنه «زود مؤخراً قوات الأمن العراقية بأنظمة أبراج النشر الأولي السريع للمركبات الجوية ضمن صندوق تمويل التدريب والتجهيز لمكافحة (داعش)». وأضاف أن «هذه الأبراج ستساعد في تحسين الأمن حول القواعد العسكرية العراقية، وبناء قدرة القوة الشريكة في المعركة من أجل تحقيق هزيمة (داعش)».
من جهته، حذر الخبير الأمني العراقي أمير الساعدي من المقذوفات التي تطلقها السفارة الأميركية بين الحين والآخر وتهديدها أرواح المدنيين في مختلف المناطق، وأضاف: «عتاد القوات الأميركية يمثل مصادر مشعة تلحق أضراراً كبيرة بالمناطق التي يرمى فيها».
ويرى الساعدي أن «كثيراً من التدريبات تجرى داخل المعسكرات التي تسيطر عليها القوات الأميركية، خصوصاً داخل مقر سفارة واشنطن في المنطقة الخضراء وسط بغداد»، مبينا أن «ما تطلقه السفارة الأميركية من مقذوفات جراء استخدام منظومة الدفاع الجوي، يشكل خطراً كبيراً على حياة أهالي بغداد؛ إذ لا يمكن وضع منظومة كهذه داخل المناطق السكنية؛ مما يحتم إيجاد حل من قبل الحكومة وإلزام الجانب الأميركي بإخراجها من البلاد أو تحويل سفارتها إلى محافظات أخرى». وزاد أن «العتاد الخاص بالجنود الأميركيين في السفارة الأميركية والمعسكرات الأخرى يمثل مصادر مشعة تضر بصحة المواطنين، وهو ما ينبغي أن تركز عليه الجهات الصحية، وتخصص مناطق لرميه أو إلزام الجانب الأميركي بإيجاد وسائل أخرى للتخلص من تلك المصادر بعيداً عن إيذاء المواطنين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».