نواب زحلة في شرق لبنان يلوحون بـ«الحماية الذاتية»

في ظل تفلت أمني... والنائب معلوف لـ«الشرق الأوسط»: على الدولة تحمّل مسؤولياتها

تعاني مناطق لبنانية عديدة من انفلات أمني وفي الصورة رجلا أمن خلال تظاهرات شهدتها بيروت في فبراير الماضي ضد الحكومة اللبنانية (رويترز)
تعاني مناطق لبنانية عديدة من انفلات أمني وفي الصورة رجلا أمن خلال تظاهرات شهدتها بيروت في فبراير الماضي ضد الحكومة اللبنانية (رويترز)
TT

نواب زحلة في شرق لبنان يلوحون بـ«الحماية الذاتية»

تعاني مناطق لبنانية عديدة من انفلات أمني وفي الصورة رجلا أمن خلال تظاهرات شهدتها بيروت في فبراير الماضي ضد الحكومة اللبنانية (رويترز)
تعاني مناطق لبنانية عديدة من انفلات أمني وفي الصورة رجلا أمن خلال تظاهرات شهدتها بيروت في فبراير الماضي ضد الحكومة اللبنانية (رويترز)

رفع نواب مدينة زحلة في شرق لبنان، أمس، وتيرة التحذيرات من التلفت الأمني مع ارتفاع نسبة الجرائم ولا سيّما السرقات، وهددوا باللجوء إلى الأمن الذاتي بالحديث عن «حراس للمدينة» في حال استمرار الانفلات الحالي، محذرين من أنّهم لن يقفوا «مكتوفي الأيدي» إذا استمرّ الاعتداء على أهل المدينة وعلى أرزاقهم «من دون رادع».
ودعا عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص أهالي زحلة إلى «اليقظة»، قائلاً: «يبدو الآتي على صعيد أمن المدينة صعبا»، مشدداً على ضرورة عدم الانجرار «إلى الفتنة ولا إلى العزلة» وعلى الالتزام «بالقانون واللجوء إلى القوى الأمنية» مع التذكير بأنّ أهل زحلة «يتقنون الدفاع عن النفس».
وكانت كاميرات المراقبة رصدت ليل الاثنين - الثلاثاء لحظة سرقة صيدلية في أحد أحياء المدينة، حيث تمّ سرقة أموال من الخزانة وهاتفين محمولين فضلاً عن سيارتين. وأظهرت الكاميرات تلقي صاحب الصيدلية ضربة على رأسه بالسلاح.
وتعد حادثة سرقة الصيدلية واحدة من عشرات عمليات السرقة والاعتداء التي يتعرّض لها أهل منطقة زحلة في البقاع الأوسط، بحسب ما يقول نائب المنطقة سيزار معلوف، مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ «التفلت الأمني بات يظهر في غير منطقة في لبنان ولكن ما يحصل في زحلة يستوجب التوقف عنده إذ تتكرر الاعتداءات بشكل دائم»، ما جعل الأمر بالنسبة للسكان «موضوع كرامة لا يقبلون، ولا أقبل، المس بها»، بحسب تعبيره.
وأشار معلوف، وهو نائب في كتلة «الجمهورية القوية»، إلى أنّه لا توجد دعوات حتى اللحظة إلى «أمن ذاتي» وإنما الدعوات موجّهة إلى الدولة كي «تتحمّل مسؤولياتها»، لافتاً إلى أنّه في حال استمر الوضع على ما هو عليه «سيضطر أهل المنطقة إلى تشكيل لجان شعبية لحماية مدينتهم وهذا حق لهم» لا سيّما أن «الوضع الاقتصادي ينبئ بأيام أسوأ على الصعيد الأمني».
وتقع مدينة زحلة في قضاء زحلة أحد أقضية محافظة البقاع (سكانه مسيحيون ومسلمون سنة وشيعة)، وتعرف بـ«عاصمة الكثلكة» في لبنان حيث يشكل الكاثوليك فيها العدد الأكبر من المسيحيين، كما أنّ القضاء يضم عدداً من مخيمات النازحين السوريين.
وشدّد معلوف على أنّ أهل المنطقة ونوابها «لا يوجهون الاتهامات إلى أي جهة أو طائفة أو حزب ويتركون للأجهزة المختصة تحديد الجناة والمجرمين»، موضحاً أنّ «نواب زحلة ينسقون مع الجهات المعنيّة التي تقوم بدورها، ولكن عليها التشدد أكثر ولا سيّما أنّ التفلّت الأمني في المنطقة ليس وليد اللحظة ويعود إلى أكثر من سنة إلى الوراء».
وكان معلوف قد كتب عبر حسابه على «تويتر» أنّه «نظراً إلى تخلف الدولة عن السهر على أمن وحراسة المدينة وقضائها، فشبابنا وشيبنا هم الحراس».
بدوره اتصل نائب زحلة ميشال ضاهر أمس بكل من قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وطلب منهما اتخاذ إجراءات سريعة و«الضرب بيَد من حديد لوضع حدّ للفلتان الأمني في زحلة وقضائها وردع وقاحة المرتكبين». وقد وعده قائد الجيش واللواء عثمان بتسيير دوريات على شكل دوري وزيادة عديد القوى الأمنية والتشدّد بالإجراءات لضبط الوضع الأمني في المنطقة، حسب ما أفيد أمس.
والحال أن ارتفاع نسبة الجرائم والسرقات لا يقتصر على مدينة دون غيرها حسب ما يؤكد مصدر أمني، إذ يوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «هناك ارتفاعاً في نسبة السرقات والجرائم في كلّ لبنان، ولكن قد تتفاوت النسبة من منطقة إلى أخرى». وقال المصدر إنّ «الجهات المعنيّة بذلت هذا العام جهوداً حثيثة لملاحقة عصابات السرقة في مناطق عدّة ما أدى إلى عدد من التوقيفات»، لافتاً إلى أنّ هناك متابعة جديّة لكلّ حوادث السرقات والجرائم.
وكانت مؤسسة «الدولية للمعلومات» وبناءً على التقارير الصادرة عن قوى الأمن الداخلي، أوضحت أنّ حوادث السرقة بشكل عام وسرقة السيارات وجرائم القتل سجّلت ارتفاعاً كبيراً في لبنان خلال عام 2020 مقارنة بالعام 2019، فقد ارتفعت نسبة سرقة السيارات 120 في المائة، بينما بلغت نسبة ارتفاع حوادث السرقة 93.8 في المائة. كما سجلت جرائم القتل أيضاً ارتفاعاً كبيراً بلغت نسبته 100 في المائة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».