ارتباك في صفوف عملاء مؤسسة «حزب الله» المالية بعد اختراقها إلكترونياً

ارتباك في صفوف عملاء مؤسسة «حزب الله» المالية بعد اختراقها إلكترونياً
TT
20

ارتباك في صفوف عملاء مؤسسة «حزب الله» المالية بعد اختراقها إلكترونياً

ارتباك في صفوف عملاء مؤسسة «حزب الله» المالية بعد اختراقها إلكترونياً

أثار الاختراق الإلكتروني لمؤسسة «القرض الحسن» المالية التابعة لـ«حزب الله» في لبنان، ونشر بيانات المودعين والمقترضين، ارتباكاً في الساحة المؤيدة للحزب، رغم نفي المؤسسة لأن يكون القراصنة وصلوا إلى أي من البيانات الداخلية أو أرقام الحسابات العائدة للمودعين.
واخترقت مجموعة من المقرصنين الإلكترونيين تحمل اسم spiderz حسابات مؤسسة «القرض الحسن» وكاميراتها في الفروع كافة، ونشرت لوائح أسماء المقترضين خلال العامين 2019 و2020 في موقع إلكتروني، ووضعت الروابط في صفحة خاصة في «تويتر»، مرفقة بالتفاصيل كافة المتعلقة بالزبائن.
ودعت مجموعة القراصنة المقترضين لعدم دفع الأقساط المتوجبة عليهم لصالح المؤسسة، كما دعت المودعين إلى الإسراع بسحب ودائعهم. ووعد المقرصنون، عبر الفيديو، بنشر مزيد من المعلومات في المرحلة المقبلة عن جمعية القرض الحسن وسواها من المؤسسات التابعة لـ«حزب الله».
وأثارت العملية حالة ارتباك في صفوف العملاء، بالنظر إلى أن جميع بيانات الزبائن باتت متاحة على الملأ. وجاءت العملية بعد أشهر قليلة على إطلاق المؤسسة خدمة الصراف الآلي في فروعها في الضاحية الجنوبية لبيروت، مركز نفوذ الحزب؛ مما شجع البعض على وضع ودائع مالية في المؤسسة غير الخاضعة للنظام المصرفي اللبناني.
وقللت المؤسسة من أهمية الاختراق؛ إذ نفت أن يكون القراصنة قد استطاعوا الوصول إلى أي من المعلومات الداخلية، وقال متحدث فيها، إن القرصنة طالت الشبكة الخارجية ولم تطل الشبكة الداخلية التي تتضمن أرقام الودائع وقيمة القروض وغيرها، مؤكداً أن «الشبكة الداخلية محصنة جيداً ومؤمّنة، ولم تُرصد أي حركة عليها، ولا يمكن الوصول إليها».
وقال المتحدث، إنه تجري متابعة التحقيقات لمعرفة الجهات التي تقف وراءها، مطمئناً في الوقت نفسه زبائن المؤسسة «الى أن الخرق محدود ولا خطورة على حسابات المودعين والمقترضين على حد سواء، وأن لا إمكانية للتصرف بها أو تحريكها».
وتضمنت البيانات المنشورة للعموم، قوائم بأسماء الزبائن وأرقام حساباتهم ونوع العملة التي يتعاملون فيها، كما تضمنت قائمة بأهم الزبائن، وبالمقترضين وقيمة القرض ونسبة السداد ومعلومات شخصية عن الزبائن. كما كشفت عملية القرصنة عن حسابات مؤسسة القرض الحسن في «جمّال ترست بنك»، الذي كان قد خضع إلى العقوبات الأميركية في عام 2019 بتهمة تقديم خدمات مالية لـ«حزب الله»، وجرت تصفيته في لبنان.
ونفى المتحدث باسم «القرض الحسن» أن تكون المعلومات المنشورة عن قوائم أهم الزبائن صحيحة، قائلاً، إن المعلومات التي حصل عليها «تشبه الحصول على بيانات الناخبين، ولم تطل الحسابات المالية؛ ما يدحض مزاعم القراصنة حول التصنيفات». وأضاف «التصنيفات لا تستند إلى بيانات، وحتى لو وضعوا أي أرقام، فإنها بالتأكيد ستكون غير صحيحة لأن البيانات المالية لم يصل إليها أحد».
وتعتبر «القرض الحسن» إحدى أبرز المؤسسات الاقتصادية التابعة للحزب، وتنتشر على مساحة 31 فرعاً، يقع معظمها في مناطق تسكنها أغلبية شيعية، وبدرجة أقل في مناطق تسكنها أغلبية سنية ومسيحية. ولا يخضع للنظام المصرفي اللبناني ولا قانون «النقد والتسليف» الذي يحكم علاقة المؤسسات المالية بمصرف لبنان المركزي.
وافتتحت المؤسسة في ثمانينات القرن الماضي، حيث تم تسجيلها بصفة جمعية خيرية، وتُعرف بأنها مؤسسة تكافل اجتماعي تمنح القروض من دون فوائد بالدولار الأميركي حصراً، مقابل رهن الذهب. وتظهر بياناتها أنها قدمت قروضاً صغيرة «لا تتخطى الـ5 آلاف دولار) بمبالغ تتخطى 3 مليارات دولار. وناهز عدد المقترضين نحو 200 ألف مقترض.
وفي أبريل (نيسان) 2016، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية جمعية «القرض الحسن» على قائمة العقوبات (بناءً على تشريع من عام 2015). وافتتحت الجمعية في أبريل 2019، حسابين لنقل التبرعات لضحايا الفيضانات في إيران من قِبل الهلال الأحمر الإيراني وجمعية الإمداد التابعة لـ«حزب الله».



خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.