مظاهرات في الخرطوم وأم درمان أثناء تشييع ضحية «الدعم السريع»

جانب من مراسم تشييع جنازة بهاء الدين نوري جنوب الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
جانب من مراسم تشييع جنازة بهاء الدين نوري جنوب الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات في الخرطوم وأم درمان أثناء تشييع ضحية «الدعم السريع»

جانب من مراسم تشييع جنازة بهاء الدين نوري جنوب الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
جانب من مراسم تشييع جنازة بهاء الدين نوري جنوب الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

تظاهر مئات الأشخاص، أمس، في مدينتي الخرطوم وأم درمان، احتجاجا على موت ناشط سياسي نتيجة التعذيب، بعدما خطفه أفراد من قوات «الدعم السريع» شبه العسكرية في البلاد، على ما يبدو.
وشيع آلاف السودانيين، أمس، جثمان الشاب بهاء الدين نوري، الذي اغتيل في مركز طبي تابع لقوات الدعم السريع، التي يتزعمها نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو الشهير بــ«حميدتي»، وسط هتافات مناوئة لتلك القوات ومطالبة بحلها.
وتوجه موكب مهيب مكون من عشرات السيارات والراجلين من المستشفى العام بمدينة أم درمان، وتوقف أمام مقر لقوات الدعم السريع بضاحية شمبات بمدينة بحري، تعبيرا عن رفضهم للممارسات الخارجة عن القانون، ليوراي جثمان الشاب الثرى في مسقط رأسه بمنطقة الكلاكلة جنوب العاصمة الخرطوم.
وأثارت حادثة اغتيال الشاب غضب واستياء الشارع السوداني تجاه الحكومة المدنية وقوات الدعم السريع، وذلك في ظل تزايد حالات الانتهاكات والقتل، والاعتقال غير المشروع من قبل القوات النظامية للمواطنين.
وأعادت هذه الحادثة لأذهان السودانيين صور الممارسات غير الإنسانية لأجهزة أمن نظام الرئيس المعزول عمر البشير، من اعتقالات وتعذيب، وقتل خارج القانون للناشطين والمعارضين السياسيين، وخاصة التجاوزات الخطيرة تجاه المتظاهرين إبان فترة الحراك الشعبي ضد النظام المعزول، وحتى سقوطه في أبريل (نيسان) 2019.
وشكلت الحملة الكبيرة، التي قادها ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي، ضغطاً كبيراً على قوات الدعم السريع، فسارع قائدها «حميدتي» إلى إصدار قرار برفع الحصانة عن الأفراد المشتبه بهم، وتسليمهم للنيابة العامة لإكمال إجراءات التحقيق. وتعهد في بيان، أمس، بمتابعة الإجراءات القانونية والعدلية في القضية حتى تتحقق العدالة.
وكانت قوات الدعم السريع قد أحالت رئيس دائرة الاستخبارات بقوات الدعم السريع، والضباط المعنيين إلى التحقيق، والتحفظ على جميع الأفراد، الذين شاركوا في عملية الاعتقال، إلى حين الانتهاء من إجراءات التحقيق في القضية، وفقاً للقانون والعدالة.
فيما شكلت النيابة العامة لجنة من هيئة الطب العدلي لإعادة تشريح الجثمان للمرة الثانية، بطلب من أسرته.
وقد أثبت التقرير تعرض المجني لإصابات متعددة تسببت في وفاته، وتم تكليف ثلاثة وكلاء نيابة، يرأسهم رئيس نيابة عامة، لمباشرة التحري والتحقيق.
وبحسب النيابة العامة، فقد تم اتخاذ الإجراءات اللازمة للاعتقال، وتسليم جميع أفراد القوة التي قامت باعتقال واحتجاز المجني عليه، مؤكدة استمرار التحقيقات الجنائية، وتقديم كل من يثبت تورطه في الجريمة للقضاء.
وكان المتحدث باسم الحكومة السودانية، وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، قد أكد وفاة القتيل بأحد مراكز قوات الدعم السريع، أثناء التحقيق معه. واستبعد تقرير التشريح الأول، الذي أجري بواسطة مدير مشرحة المستشفى العام بأم درمان، الشبهة الجنائية، مشيرا إلى أن سبب الوفاة مرده نزف في المخ بسبب ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم.
واعتقل القتيل الأربعاء قبل الماضي من سوق ضاحية «الكلاكلة»، بواسطة أفراد كانوا يرتدون زيا مدنيا، ويقودون عربة دون لوحات بحسب بيان أسرته.
وقالت الأسرة في البيان إنها تلقت الاثنين الماضي اتصالا هاتفيا من أشخاص يؤكد وفاة ابنهم بمستشفى أم درمان، ووجدت عليه آثار التعذيب على جسده، ولذلك طالبت بإعادة التشريح.
وأصدرت إدارة الطب العدلي قرارا بتوقيف الطبيب جمال يوسف، الذي أشرف على التشريح الأولي عن العمل، وأحالته إلى لجنة التحقيق، وفقا للوائح الخدمة المدنية، وذلك بسبب اختلاف تقريره عن التقرير الذي أصدرته اللجنة الطبية التي كونها النائب العام، حيث أبرز اختصاص الطب العدلي أن الوفاة «مرضية طبيعية»، في الوقت الذي كشف فيه تقرير الفريق الطبي أن الوفاة «جنائية».
وتعالت الهتافات في مراسم التشييع، مطالبة الحكومة والأجهزة العدلية والنيابة العامة بإجراء تفتيش لكل مقرات قوات الدعم السريع، ووقف الانتهاكات والاعتقالات خارج الدوائر والإجراءات الرسمية، وفقا للقانون والأجهزة ذات الصلة.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.