ليبيا: توقعات بتوجيه تركيا ضربة لقوات حفتر

«الجيش الوطني» و«الوفاق» يتبادلان دفعة جديدة من الأسرى

وزير الدفاع التركي هدد خلال زيارته طرابلس السبت الماضي بضرب قوات {الجيش الوطني} (أ.ب)
وزير الدفاع التركي هدد خلال زيارته طرابلس السبت الماضي بضرب قوات {الجيش الوطني} (أ.ب)
TT
20

ليبيا: توقعات بتوجيه تركيا ضربة لقوات حفتر

وزير الدفاع التركي هدد خلال زيارته طرابلس السبت الماضي بضرب قوات {الجيش الوطني} (أ.ب)
وزير الدفاع التركي هدد خلال زيارته طرابلس السبت الماضي بضرب قوات {الجيش الوطني} (أ.ب)

بدا أن المجتمع الدولي يسابق الزمن لمنع نشوب حرب جديدة بين طرفي النزاع في ليبيا، بعد أن تحدثت مصادر مطلعة، أمس، عن احتمال قيام تركيا الداعمة لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، بتوجيه ضربة عسكرية إلى قوات «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط تأكيد أميركي جديد على «الهدنة» وإنجاح المفاوضات.
وكشفت المصادر النقاب عن أن «أياما قليلة فقط، باتت تفصلنا عن اندلاع الحرب»، مشيرة إلى أن تركيا تعتزم شن هجوم على مواقع «الجيش الوطني» في مدينة سرت ومنطقة الجفرة، ما ينذر باندلاع صراع إقليمي.
ولم يرد مسؤولون في «الجيش الوطني» أو قوات «الوفاق» على محاولات الاتصال بهم هاتفيا للتعليق على هذه المعلومات، بينما اتهم اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، القوات التركية باحتلال المنطقة الغربية في ليبيا، وقال في تصريحات له أمس، إنها تسعى لعرقلة جهود الحل السياسي ودعم تنظيم «الإخوان».
ووسط مطالب أميركية بتثبيت هدنة وقف إطلاق النار في ليبيا، ومساعي بعثة الأمم المتحدة لاستئناف الحوار السياسي الليبي، عززت تركيا، أمس، من فرضية اندلاع الحرب، بعدما شدد وزير خارجيتها مولود أوغلو في مؤتمر صحافي، عقب لقائه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في مدينة سوتشي الروسية، على أنه «لا يحق لأحد مطالبة تركيا بمغادرة ليبيا، حتى لو تغيرت حكومة (الوفاق)، ونحن لن نتخلى عن مصالحنا لصالح حفتر».
وجاءت هذه التصريحات بعدما رصدت مواقع مختصة بمراقبة حركة الطيران وصول طائرتي شحن عسكرية استراتيجية، تابعة لسلاح الجو التركي، إلى مواقع تابعة لقوات حكومة «الوفاق»، من بينها قاعدة الوطية في الغرب الليبي. وبحسب مراقبين فقد نقلت هذه الطائرات بطاريات صواريخ «هوك»، ومنظومتي رادار ثلاثي الأبعاد، في إطار الجسر الجوي، الذي دشنته تركيا مؤخرا لإرسال المزيد من شحنات الأسلحة إلى ليبيا، في خطوة إضافية تعزز التوتر العسكري.
في غضون ذلك، ناقشت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، خلال الاجتماع الافتراضي الثاني، الذي عقدته مساء أول من أمس اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي، القواعد التشريعية والقانونية اللازمة لإجراء الانتخابات.
وأوضحت البعثة في بيان لها أن رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح، الذي شارك في الاجتماع، استعرض إجراءات بناء قدرات المفوضية كجزء من التحضيرات الفنية الضرورية لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي، المخطط إجراؤه في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل، بناء على التشريعات الانتخابية التي ستُقر في الفترة المقبلة.
وتسعى البعثة الأممية اليوم لاستئناف اجتماعات ملتقى الحوار السياسي الليبي، بهدف حسم آليات اختيار السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، بما في ذلك رئاسة المجلس الرئاسي والحكومة. وقد وجهت البعثة رسالة للأعضاء الـ75 بالملتقى، تضمنت الدعوة إلى عقد اجتماع افتراضي جديد لبحث مستجدات العملية السياسية، وآخر مستجدات الحوار والخطوات القادمة، دون تقديم أي تفاصيل أخرى.
في سياق متصل، أكد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، خلال لقاء افتراضي بينهما مساء أول من أمس، حرصهما على أن يؤدي مسار الحوار في النهاية إلى حالة استقرار دائمة، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وإنهاء حالة الانقسام.
ونقل المشري عن نورلاند تأكيده على أن وجهات النظر «متقاربة في معظم الملفات»، التي تم التطرق إليها، وحرص بلاده على إنجاح مسار الحوار السياسي، وتثبيت وقف إطلاق النار في ليبيا.
ميدانياً، اتهمت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة «الوفاق» «الجيش الوطني» بمواصلة التحشيد في سرت، وإرسال التعزيزات العسكرية واللوجيستية إلى قواته هناك. لكن المجلس التسييري لبلدية سرت قال في المقابل إنه استقبل أمس قافلة للخدمات الأساسية، مقدمة من المشير حفتر كهدية مجانية لأهالي مدينة سرت.
وقال المجلس في بيان له إن قافلة من الاحتياجات الضرورية والمستعجلة للمدينة، تضم 100 شاحنة، وصل منها 70 شاحنة، محملة بالوقود والسلع التموينية، وغاز الطهي والأدوية، إضافة إلى بعض المعدات الطبية. موضحا أنه جرى مراسم احتفال بمدخل مدينة سرت الشرقي، حضره سكان المدينة ومسؤولون أمنيون وعسكريون.
وبعيدا عن المناكفات السياسية، تبادل «الجيش الوطني» وقوات «الوفاق» دفعة جديدة من الأسرى المحتجزين لدى الطرفين، وذلك في إطار عمل اللجنة العسكرية المشتركة، المعروفة باسم لجنة (5+5).
ونقلت وسائل إعلام محلية عن العقيد مصطفى يحيى أن تبادلاً شمل ستة محتجزين جرى في منطقة الشويرف، جنوب غربي ليبيا مساء أول من أمس، بحضور أعيان من مدينتي مصراتة والشويرف.
وهذه هي ثاني عملية تبادل من نوعها للإفراج عن الأسرى والمحتجزين بين الطرفين، منذ انتهاء الحرب التي شنها «الجيش الوطني» ضد قوات «الوفاق» لتحرير العاصمة طرابلس العام الماضي، حيث تم الأسبوع الماضي تبادل 48 أسيرا في نفس المنطقة.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.