التجربة التقنية السعودية في جائحة «كورونا»

التجربة التقنية السعودية في جائحة «كورونا»
TT

التجربة التقنية السعودية في جائحة «كورونا»

التجربة التقنية السعودية في جائحة «كورونا»

برهن التحول التقني في المملكة العربية السعودية على نجاح جهود الخطط والبرامج، حيث استطاعت المملكة تقديم وسائل التعليم الدراسي عن بُعد وسهّلت إجراء المعاملات الحكومية والمصرفية رقمياً، مع استمرار العديد من الأعمال رقمياً. وعُقدت الاجتماعات الحكومية واجتماعات القطاع الخاص رقمياً بشكل سلس جداً، كان أحدثها القمة الاستثنائية الافتراضية لقادة (G20).
وطوّرت تطبيقات للسماح للسكان بالتنقل خلال فترة الحجر المنزلي الوقائي بين الأحياء المختلفة في الحالات الضرورية، الأمر الذي سهّل على الكثيرين الذهاب إلى المراكز الصحية. ووصل عدد التطبيقات التي تقوم بتوصيل الطلبات للمنازل والتسوق الإلكتروني إلى 12 تطبيقاً تحت مظلة هيئة الاتصالات، الأمر الذي أسهم في الحد من نشر العدوى.
وأطلقت وزارة الصحة تطبيق «صحتي» الذي يقدم خدمات صحية مختلفة ويتيح إمكانية الوصول إلى المعلومات الصحية والحصول على العديد من الخدمات المقدمة من الجهات المختلفة في القطاع الصحي في المملكة، من أهمها خدمة حجز المواعيد لإجراء فحص «كوفيد - 19» بعد إجراء التقييم الذاتي لأعراض الفيروس.
كما يقدم التطبيق خدمات تحديث ومتابعة الفحوصات الحيوية، وعرض الوصفة الإلكترونية، وتتبع الأدوية المصروفة، واستعراض ومشاركة الإجازات المرضية، واحتساب عدد الخطوات اليومية، والاستشارات عن بُعد، والبحث عن الدواء وأقرب الصيدليات الموفرة للدواء، وحجز مواعيد في مراكز الرعاية الصحية، وغيرها من الخدمات المتعلقة بصحة الفرد والأسرة وزيادة الوعي الصحي. وتم توفير هذه المنصة بإشراف وزارة الصحة السعودية بهدف تطوير مستويات الرعاية الصحية المقدمة والخدمات.
من جهتها أطلقت وزارة الثقافة السعودية مبادرات وفعاليات ثقافية متنوعة خلال تلك الفترة تحت شعار «الثقافة في العزلة»، والتي تنوعت بين «أدب العزلة» و«ماراثون القراءة» و«مسابقة التأليف المسرحي» و«مسابقة ماندالا الحروف»، وأول معرض فني افتراضي بعنوان «فن العزلة»، إلى جانب العديد المسابقات الثقافية المتنوعة. واستثمرت وزارة الثقافة في البنية التحتية التقنية المتطورة التي تمتلكها المملكة، حيث اعتمدت مبادراتها على التقنية بشكل كامل، وتفاعل معها الجمهور المحلي عن بُعد.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».