«سوريا المريضة» تنتظر اللقاح من تفاهمات «اللاعبين»

الوباء زاد معاناة النازحين في العراء

طفل يبيع خبزاً في الرقة شمال شرقي سوريا في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
طفل يبيع خبزاً في الرقة شمال شرقي سوريا في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
TT

«سوريا المريضة» تنتظر اللقاح من تفاهمات «اللاعبين»

طفل يبيع خبزاً في الرقة شمال شرقي سوريا في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)
طفل يبيع خبزاً في الرقة شمال شرقي سوريا في 20 الشهر الجاري (أ.ف.ب)

ديمومة ثبات «خطوط التماس» في سوريا لحوالي سنة، مقلقة للبعض ومريحة للبعض الآخر. هي، لأول مرة منذ حوالي عقد، لم تتغير بين «مناطق النفوذ» الثلاث. كانت هناك نيات لتجاوز «الخطوط الحمراء»، أو اللعب على حبال التناقضات بين اللاعبين، اصطدمت بجدران كثيرة. التفاهمات الدولية والصفقات الإقليمية والتشابكات بين المقايضات الدولية والإقليمية.
أيضاً، خيم «كورونا» بظله الثقيل وأصابعه الثقيلة. هذا الوباء لا يعرف الحدود حتى لو كانت مؤقتة. جرائم الوباء وحدت السوريين في «المناطق الثلاث». زاد من عمق الحفرة التي رماهم فيها الآخرون. لا فرق عند «الجنرال كورونا» بين سوري وسوري إلا بالصحة.
تصادفت هجمة «كورونا» القاتلة في الصين نهاية العام مع التفاهمات الأميركية - التركية - الروسية شرق الفرات ومع توقيع الرئيس دونالد ترمب «قانون قيصر» لفرض عقوبات اقتصادية على دمشق. تزامن امتداد الوباء إلى العالم والمنطقة وسوريا مع التفاهم الروسي - التركي مارس (آذار) الماضي في شمال غربي سوريا، أعقب ذلك بدء تطبيق «قيصر» بعد ثلاثة أشهر. منذاك، أي لحوالي سنة، أصبحت «الحدود» بين «مناطق النفوذ» ثابتة سوى من بعض التحرشات. هذا الثبات هو الأول والأطوال منذ «العسكرة» و«الحل الأمني» بعد 2011.
بعد التدخل العسكري الروسي نهاية سبتمبر (أيلول) 2015، واستعادة دمشق لمناطق واسعة، وإبرام موسكو تفاهمات مع أنقرة وواشنطن، باتت سوريا ذات الـ185 ألف كلم مربع، مقسمة إلى 3 مناطق نفوذ: ثلثا البلاد ومعظم المدن تحت سيطرة الحكومة، بدعم روسيا وإيران. «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية تسيطر بدعم التحالف وقيادة أميركا على ربع البلاد في شمال شرقي البلاد، حيث تقع معظم الثروات والنفط والغاز والمياه. «الحصة الثالثة» من نصيب تركيا التي تمد أذرعها العسكرية وغير العسكرية في «جيوب» شمال البلاد وشمالها الغربي بسيطرة من فصائل مقاتلة تدعمها أنقرة، إضافة إلى وجود مباشر للجيش التركي.

المقابر والمستشفيات
حصلت دمشق في نهاية العام على لقاح «سبوتنيك» الروسي. هذا ما بشر فيه وزير الخارجية فيصل المقداد بعد زيارته إلى موسكو. الأولوية هنا، لتلقيح عناصر الجيشين: العسكري والطبي. سيصل «اللقاح الروسي» بعد أشهر كما وصل «الجيش الروسي». لكن بداية العام كانت مختلقة. أشهر عسيرة وقاسية. منذ دخول «كورونا» إلى مناطق الحكومة في مارس، استقبلته دمشق بالإنكار ثم بقليل من الشفافية وكثير من الشفاء... الإعلامي. اتخذت إجراءات وقائية خجولة مع تفشي الوباء في المحافظات.
تأخر الوباء أو كان تحت السيطرة في الأشهر الماضية. بدأ في أغسطس (آب) بتسجيل قفزات في دمشق وأخواتها بما في ذلك بين عناصر الجيش والضباط. «الأرقام الصامتة» لم تردع. كان من المفترض مقارعتها بإجراءات صارمة للحد من التغلغل. ما حدث هو العكس. عاد متابعو كرة القدم إلى المدرجات. أوضح مثال، اكتظاظ «ملعب الحمدانية» في حلب بأكثر من 20 ألفاً. دعي «الجنرال كورونا» إلى «العرس الجماهيري للانتصار على الإرهاب». وكان ما كان.
ولم يقتصر الأمر فقط على كرة القدم، بل إن طوابير الأفران والخبز ومحطات الوقود والأسواق المزدحمة أدت إلى تفشي الوباء بشكل كبير. هذا كله في ظل واقع طبي كارثي تعيشه مناطق نفوذ الحكومة بعد سنوات من الحرب والحرمان والفساد والهجرة.
أرقام وزارة الصحة، كانت متواضعة. كذبتها إحصاءات المستشفيات والمقابر. الدليل، كان في «مقبرة نجها» جنوب دمشق التي تحول قسم منها إلى مقبرة لضحايا الوباء. هنا، يخاف المصابون من الذهاب إلى المراكز الرسمية. وفقاً لإحصاءات «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أصيب حوالي مائة ألف شخص. تعافى منهم أكثر من 38 ألفاً وتوفي 6500 شخص. تتركز غالبية الإصابات والوفيات في السويداء واللاذقية وطرطوس وحلب ودمشق وريفها. الأعداد الرسمية لوزارة الصحة، اقتصرت على 9603 إصابات، توفي منها 554 وشفي 4548.
واكبت ذلك رغبة في دمشق للذهاب إلى إدلب أو شرق الفرات. لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو رأي آخر. وصل في مارس إلى دمشق لتأكيد ضرورة الالتزام بالاتفاق بين موسكو وأنقرة حول إدلب، وضرورة تجنب معارك شاملة وسط «كورونا». هناك قلق أن تتحول المسارح العسكرية إلى مكان للقلق من رصاصة أو فيروس.
يضاف إلى ذلك، تعمق الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وانخفاض سعر صرف الليرة السورية، وبدء واشنطن في منتصف يونيو (حزيران) بتطبيق «قانون قيصر»، وإصدار قوائم ضمت 114 فرداً وكياناً سورياً حتى نهاية العام. كما ضغطت واشنطن على دول عربية وأوروبية كي لا تطبع مع دمشق ولا تساهم في إعمار سوريا. الهدف، بالنسبة إلى الأميركيين، «منع النظام من الفوز بالسلام في حال فاز بالحرب»، إضافة إلى «حرمانه من تمويل العمليات العسكرية، وتغيير خطوط التماس»، مع المطالبة بـ«وقف نار شامل» تكراراً لصدى دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

إدارة ومأساة
العقوبات والوباء والأزمة، تسللوا «خطوط النار» إلى مناطق «الإدارة الذاتية» في شرق الفرات من أراضي الأخوة أو الأعداء. هذه المنطقة كانت مسرحاً لمعارك لهزيمة «داعش». هنا الطريقة أميركية في القتال. واضحة في المدن والقرى. حسب إحصاءات «المرصد»، بلغ عدد المصابين 34 ألفاً، تعافى منها 13 ألفاً، وتوفي 1200 شخص، وتتركز الإصابات والوفيات في عين العرب (كوباني) والحسكة والقامشلي والمالكية. الأعداد الرسمية لـ«الإدارة الذاتية»، سجلت 7581 إصابة، توفي منها 241 وشفي 1087. الوضع مأساوي وكارثي أيضاً. تخللته حالات سرقة لمعدات طبية.
حاولت «الإدارة الذاتية» الحصول على استثناءات من الحليف الأميركي، من عقوبات «قيصر». حاولت أيضاً تخفيف آثار العقوبات في القطاع الطبي. قابل الأميركيون، الذين ينشرون حوالي ألف جندي نظامي وغير نظامي، ذلك ببعض المرونة والاسثناءات، خصوصاً أن هذا الفيروس لا يعرف الحدود والبشر، ولا يميز بين كردي وأميركي.
نهر الفرات يرسم إلى حد ما «خط التماس» مع الحكومة. لكن هناك «خطوطاً» أخرى في شرق الفرات. تركيا أقامت منطقة «نبع السلام» بين تل أبيض ورأس العين. سيرت دوريات روسية - تركية ودوريات أميركية. الوباء لم يلجم نيات تركية للتوسع في شرق الفرات. بقيت المناوشات والاشتباكات وتبادل القصف تذكر القلقين من «كورونا» بأهوال الحرب. هذه الرقصات العسكرية، انتهت قبل ساعات بصفقة في بلدة استراتيجية، هي عين عيسى قرب الرقة، التي كانت ذات يوم «عاصمة» لتنظيم «داعش».

ملايين في بقعة
في شمال غربي البلاد، حيث تسيطر فصائل مقاتلة بدعم تركي، حوالي أربعة ملايين مدني. إنهم محشورون في مخيمات للنازحين ومناطق مدمرة. بعد سنوات من المعارك. هذه المنطقة كانت مسرحاً للعمليات العسكرية الروسية والحليفة و«مختبراً للأسلحة الجديدة». هذا يكفي لتخيل الوضع. يضاف إلى ذلك، أن وجود فصائل مدرجة على قوائم مجلس الأمن للتنظيمات الإرهابية، ترك آثاره في المجتمع والمساعدات الدولية.
هنا القلق سيد الأحكام. خوف في بقعة جغرافية مكتظة. منطقة أشبه بسجن كبير. دعم المنظمات الإنسانية والطبية إسعافي ليس إلا. مراكز طبية دمرت جراء القصف. مبانٍ مدمرة جزئياً باتت مراكز طبية. غرف بلا جدران استعملت للعناية المشددة. هذه الصورة العامة. قد يختلف المشهد من بلدة إلى أخرى. من جدار إلى آخر. لكن الشتاء صعب أن يحل والناس في العراء يعاركون الوباء. حاولت الجهات المسيطرة فرض إجراءات وقائية. حصلت بعض الاستجابة. قال أحدهم: «نحن لا نخاف كورونا. لعبنا مع الموت لسنوات وسنوات».
أيضاً، «لقمة العيش» وضرورة العمل والاكتظاظ في المخيمات المهترئة، عوامل ينتعش فيها «كورونا». يزدهر على معاناة الفقراء. سجلت 260 من أصل 19 ألف إصابة. تعافى 9500 شخص. «المرصد» يقول إن «الرقم الحقيقي هو الضعف». «كورونا» ليس كله أخباراً سيئة. هناك خبر «سار». خطوط التماس التي رسمت في فبراير (شباط) الماضي بين إدلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية، لم تتغير جذرياً. تحالف «الجنرالات» الروسي والتركي و«كورونا» لترتيب استقرار ما.إدلب مثل دمشق والقامشلي، تجمعها المعاناة. الجائحة التي ضربت سوريا كغيرها من دول المنطقة والعالم، زادت حجم معاناة السوريين الذي بالأصل يعانون من تراكم أزمات النزوح واللجوء والخراب والمشاكل الاقتصادية والمعيشية. السوريون كغيرهم ينتظرون تسلم الإدارة الأميركية مقاليد الحكم وما إذا كانت سياستها ستكون مختلفة عن الإدارة السابقة. كل سوري لديه آمال مختلفة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، حسب «منطقته». في الشمال الشرقي يريدون بقاء الأميركيين. في الشمال الغربي يريدون البقاء في «وقف التصعيد». فيما تبقى، يريدون رفع العقوبات.
«كورونا» ساهم ولو جزئياً في وقف العمليات العسكرية. عليه، فإن التساؤل داخل البلاد وخارجها، ما إذا كان العام المقبل سيحمل بعض الأكسجين واللقاح لـ«سوريا المريضة»، أم أنه سيكون امتداداً لـ2020 مع بعض التلوينات سلباً أم إيجاباً.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.