دعم «حماس» عائق أمام تحسين إسرائيل علاقتها بتركيا

تؤدي أذربيجان دور الوساطة بينهما منذ أسابيع

رجل يتفحص الدمار الذي لحق بورشته بعد قصف الطيران الإسرائيلي غزة السبت (د.ب.أ)
رجل يتفحص الدمار الذي لحق بورشته بعد قصف الطيران الإسرائيلي غزة السبت (د.ب.أ)
TT

دعم «حماس» عائق أمام تحسين إسرائيل علاقتها بتركيا

رجل يتفحص الدمار الذي لحق بورشته بعد قصف الطيران الإسرائيلي غزة السبت (د.ب.أ)
رجل يتفحص الدمار الذي لحق بورشته بعد قصف الطيران الإسرائيلي غزة السبت (د.ب.أ)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن الحكومة الإسرائيلية لم تعط رداً إيجابياً على مبادرة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، لتحسين العلاقات السياسية بين البلدين، واشترطت لذلك أن تخفف تركيا أولاً من دعمها حركة «حماس» وتوقف تشجيعها نشاطها العسكري.
وقال وزير رفيع في الحكومة الإسرائيلية، طلب عدم نشر اسمه، إن «علاقات تركيا مع حركة (حماس) تضع مصاعب أمام تحسين العلاقات السياسية بين الدولتين، علماً بأن العلاقات الاقتصادية بينهما مزدهرة والعلاقات الأمنية جيدة، ولكن العلاقات السياسية بين الحكومتين سيئة».
وتؤدي أذربيجان دور الوساطة بين أنقرة وتل أبيب منذ أسابيع عدة، بغرض التوصل إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين البلدين، بعد سنتين من تخفيض مستوى التمثيل إلى الحد الأدنى. وقد وافقت إسرائيل على قرار أنقرة إرسال سفير تركي جديد إلى تل أبيب، خصوصاً أن السفير الجديد، أفق أولوتاش (40 عاماً)، معروف جيداً لديها. فقد درس اللغة العبرية وتاريخ الشرق الأوسط في الجامعة العبرية بالقدس الغربية. وتم اختياره بعناية، أي إنه ليس دبلوماسياً مهنياً، لكنه تولى منصب رئيس «معهد الأبحاث للشؤون الاستراتيجية (SETA)»، ومقرب من الرئيس إردوغان.
وفي يوم الجمعة الأخير، صرح الرئيس التركي إردوغان بأنه يأمل في نقل العلاقات بين أنقرة وتل أبيب «إلى مستوى أفضل». وقال في تصريحات صحافية عقب أدائه صلاة الجمعة في أحد مساجد إسطنبول، إن «علاقاتنا مع إسرائيل على المستوى الاستخباراتي مستمرة ولم تتوقف، ونواجه بعض الصعوبات مع الشخصيات في أعلى الهرم. فنحن لا يمكن أن نقبل بسياسة إسرائيل تجاه فلسطين، وهذه هي نقطة خلافنا معها التي تستند لمفهومنا للعدالة ووحدة أراضي الدول». ولكنه أعرب عن أمله في أن «ننقل علاقاتنا معهم إلى مستوى أفضل».
ومع أن إسرائيل الرسمية لم ترد على تصريحات الرئيس التركي، فإن الوزير المذكور، قال إن «الحالة التركية مختلفة بشكل أساسي عن الدول العربية الأربع التي وقعت على (اتفاقات) سلام مع إسرائيل، بسبب دعم تركيا لـ(حماس). فحقيقة أن مقراً لـ(حماس) موجود في تركيا أمر إشكالي جداً. يصعّب المسألة كلها». وقال الوزير الإسرائيلي إنه «ما دامت توجهات تركيا حيال (حماس) لم تتغير، فلن تتحسن العلاقات بين الدولتين».
ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن السفير الإسرائيلي الأسبق في أنقرة، بيني أفيفي، قوله: «لم أفاجأ برغبة إردوغان في علاقات أفضل مع إسرائيل، وإنما بأنه صرح بذلك بصوته، وتوجد لذلك أهمية كبيرة». وقال إن «نقطتين مركزيتين توجهان إردوغان، ضمن مجمل الاعتبارات: الأولى هي رغبته في إعادة أمجاد (العثمانية الجديدة) وقيادة العالم الإسلامي كله. والثانية، ليس في الاستمرار في إقامة العلاقات الأمنية والتدريبات المشتركة مع إسرائيل التي سادت في عهد أسلافه، وإنما الموضوع الاقتصادي الذي اتسع من مليار دولار إلى 5.5 مليار دولار خلال سنوات الأزمة مع إسرائيل، وهو يرغب في زيادته أكثر».
وسئل السفير أفيفي عن المجال الاستخباراتي، الذي تحدث عنه إردوغان، فأجاب: «لا أعلم ماذا يجري في الموضوع الاستخباراتي اليوم، لكن بإمكاني الإدراك أن الوضع الذي يوجد فيه الجيش التركي في سوريا، يؤثر عليه. وهو، مثل إسرائيل، يخاف جداً من الإيرانيين. وصحيح أنه لم تنشب حرب بين إيران وتركيا طوال 300 عام، لكن توجد منافسة بينهما على قيادة المذهبين الشيعي والسني». وأضاف أفيفي: «لا يوجد لدى إردوغان مقولة في اللسان وأخرى في القلب. وإذا تحدث، فإنه يقصد ما يقوله. وإضافة إلى ذلك، أعتقد أن الدول العربية التي اتجهت نحو التطبيع مع إسرائيل، أثرت عليه، وهكذا أيضاً في حالة العقوبات الأميركية».
يذكر أن تركيا كانت قد طردت السفير الإسرائيلي في أنقرة، وسحبت سفيرها من تل أبيب، وخفضت مستوى التمثيل إلى الحد الأدنى، وذلك في أعقاب قمع إسرائيل مسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة قبل سنتين ونصف السنة. والرئيس التركي يفتش اليوم عن طريقة لإعادة هذه العلاقات، أولاً لأنه يحتاج إلى مزيد من تطوير العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل ضمن جهوده لمواجهة أزمته الاقتصادية الحادة، وكذلك لأنه يشعر بأنه سيكون في خندق واحد مع إسرائيل في مواجهة التغيرات المتوقعة في الإدارة الأميركية. وكما يقول الباحث الدكتور تسفي برئيل، محلل الشؤون الشرق الأوسطية في صحيفة «هآرتس»، فإن «إردوغان، مثل إسرائيل، بدأ يشعر بالضغوط الأميركية التي قد تمارس عليه باقتراب دخول الرئيس المنتخب، جو بايدن، إلى البيت الأبيض. وثمة ما يمكن أن يتخوف منه كلا الجانبين».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».