الفاتيكان يوفر الغطاء السياسي لمبادرة الراعي الحكومية

البابا فرنسيس يعتزم زيارة لبنان قريباً (رويترز)
البابا فرنسيس يعتزم زيارة لبنان قريباً (رويترز)
TT

الفاتيكان يوفر الغطاء السياسي لمبادرة الراعي الحكومية

البابا فرنسيس يعتزم زيارة لبنان قريباً (رويترز)
البابا فرنسيس يعتزم زيارة لبنان قريباً (رويترز)

دخل رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم البابا فرنسيس في رسالته التي خصّ بها اللبنانيين وتلاها بالنيابة عنه البطريرك الماروني بشارة الراعي، على خط الاتصالات لإخراج لبنان من التأزّم الذي لا يزال يؤخر تشكيل الحكومة الجديدة، وتلاقى في مضامين رسالته مع بكركي في مطالبته المجتمع الدولي بمساعدة لبنان على البقاء خارج الصراعات والتوترات الإقليمية، وعلى الخروج من الأزمة الحادة، وعلى التعافي للنأي بالشراكة بين اللبنانيين، والعيش المشترك عن الحروب السياسية والعسكرية المشتعلة في دول الجوار.
وتأتي رسالة البابا فرنسيس إلى اللبنانيين، التي تسبق زيارة المحبة التي يعتزم القيام بها للبنان، لتوفير الغطاء السياسي والروحي للمبادرة التي أطلقها البطريرك الراعي باتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، في محاولة مدروسة لتهيئة الظروف المواتية للإسراع بعملية التأليف لوقف الانهيار الشامل وإنقاذ البلد، على قاعدة إعادة تعويم المبادرة الفرنسية للحفاظ على الكيان اللبناني وفك أسره، كما قال الراعي في رسالته الميلادية عن ملف المنطقة وصراعاتها.
ويُفترض أن يبادر البابا فرنسيس إلى التواصل مع الأطراف الدولية المعنية بمساعدة لبنان انسجاماً مع ما ورد في رسالته للبنانيين، خصوصاً أنها غير مسبوقة، ولم يُسجّل له في رسائله إلى شعوب العالم أن توجّه إليهم برسائل سياسية بامتياز تجاوزت دعواته للالتفات إلى الشعوب الفقيرة التي تعاني من الجوع، وتطالب بحقوقها المدنية، إلى إطلاق صرخة مدوية داعياً فيها إلى تضافر الجهود لمساعدة لبنان لاستعادة عافيته السياسية والاقتصادية. لذلك سيكون لرسالته مفاعيل سياسية يدعو فيها اللبنانيين عموماً، والمسيحيين خصوصاً، للتفاعل إيجابياً مع التحذيرات التي أطلقها، لا سيما أنها جاءت رداً على تعاطي بعض الأطراف المحلية مع دعوة الراعي لحياد لبنان الإيجابي، وكأنها لا تحظى برعاية فاتيكانية.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن ما حملته رسالة البابا فرنسيس من أبعاد سياسية واجتماعية جاءت ترجمة لمداولاته مع الراعي، في زيارته الأخيرة للفاتيكان في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سواء بالنسبة إلى مقاربته للتأزّم السياسي الذي يعيق تشكيل الحكومة في ضوء تحذير بكركي من جر البلد إلى فراغ يدفع باتجاه إقحامه في الفوضى الشاملة، أو في خصوص تبنّي الفاتيكان بالكامل لحياد لبنان الإيجابي الذي من شروط تحقيقه الابتعاد عن المحاور الإقليمية.
وتعتبر المصادر السياسية المواكبة لمحادثات الراعي في الفاتيكان بأن موقفه حيال رؤيته للمعايير الواجب اتباعها لتشكيل الحكومة جاء متقدّماً، ويضع بعض الأطراف أمام مسؤولياتها في الحفاظ على الكيان اللبناني، وعدم تعريضه إلى مشاريع من شأنها أن تهدّد الوجود المسيحي بالدرجة الأولى، وتؤكد أنه يتناغم في معاييره هذه مع ما يطرحه الحريري الذي يتموضع تحت سقف المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، باعتبار أن الحريري وبكركي يتعاملان معها على أنها الممر الإجباري لمنع سقوط الدولة واسترداد قرارها الداخلي المستقل ومنع مصادرته من الخارج. وتلفت إلى أن الفاتيكان كان ولا يزال يحث القوى السيادية والاستقلالية في الشارع المسيحي على الانتفاضة وعدم التسليم بمشاريع الأمر الواقع والانفتاح على المسلمين الذين يؤمنون بالتوجّه ذاته، لأنه من دون التلاقي بين جميع هؤلاء لا يمكن الانخراط في إنقاذ لبنان قبل فوات الأوان، وتقول إن الأنظار تتوجه الآن إلى الرئيس عون، لرصد رد فعله على رسالة البابا فرنسيس من جهة، وعلى الرسالة التوأم لها التي خص بها الراعي اللبنانيين عموماً، والمسيحيين خصوصاً، بمناسبة حلول عيد الميلاد.
وترى المصادر أن رسالة الراعي تلقى كل تأييد من الحريري، لما فيهما من قواسم مشتركة، وتقول إن الأخير ليس في وارد تعطيل تشكيل الحكومة لحسابات إقليمية ودولية، وإن من يحمل عليه هذه الأسباب يحاول الهروب إلى الأمام ظناً منه أنه يعفي نفسه من اتهامه بتأخيرها، لأن التشكيلة المطروحة لا تتيح له السيطرة على البلد.
وتؤكد أن الحريري يصر على ولادة حكومته، اليوم قبل الغد، وأن الإفراج عن التشكيلة هو بيد عون وفريقه السياسي المتمثل بصهره رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي يسعى لتعويم نفسه اعتقاداً منه بأنه يستعيد دوره، الذي أخذ يتراجع في ضوء ارتفاع منسوب المحازبين الذين انفكوا عنه تباعاً، ولم يبق إلى جانبه من «الحرس القديم» سوى القليل، إضافة إلى أنه كان وراء الإشكالات السياسية بين عون وبعض أهل بيته ممن يتهمون وريثه السياسي باسيل بالتفريط بالقاعدة الجماهيرية التي كانت تلتف حول «العهد القوي». ويبقى السؤال: هل سيأخذ عون برسالة البابا فرنسيس ويعيد الاعتبار لمشاورات التأليف مع الحريري على أن تكون منتجة هذه المرة أم أنه باقٍ على شروطه، فيما تتوالى الكوارث والنكبات على البلد بالتزامن مع تعليق الاتصالات الفرنسية إلى حين يتعافى ماكرون من فيروس «كورونا»، رغم أن أصدقاء باريس في بيروت يأخذون عليه مساواته بين من يدعم مبادرته على بياض، ومن يضع العراقيل التي حالت دون ترجمة مبادرته إلى خطوات ملموسة تبدأ بتشكيل حكومة مهمة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.